سوق الذهب في مصر واحدًا من الأسواق التي تتوجه لها أنظار المواطنين، لارتباطه بطقوس الزواج، وقدرته على حفظ القيمة المادية بعد أن ثبتت التجربة التاريخية للبشرية أنه أفضل ملاذ قادر على امتصاص معدلات التضخم، فهل تتراجع الأسعار تأثرا بالسعر العالمي الأخذ في التراجع أم أن اقتراب عيد الأضحى قد يشكل ضغوطا على الطلب فترتفع الأسعار مرة أخرى، ليتأرجح الراغب في الشراء ما بين الانتظار لمزيد من الانخفاض أو اغتنام الفرصة الحالية لاقتناء المعدن الأصفر سبائك أو مشغولات.
أتاح القرار رقم 1801 لسنة 2023 للمصرين بالخارج جلب 4 ملايين طن ذهب معفاة من الجمارك على مدار عام، ومع وقف العمل بالقرار، انطلقت المخاطر والمخاوف من عودة المضاربات التي عصفت به خلال العام الماضي.، وأججت المخاوف عودة ارتفاع الأسعار إذ سجل سعر جرام 21 في السوق المحلي 3180 جنيه قبل أن يعود للانخفاض مجددا مع إعلان البنك الفيدرالي الأمريكي نهاية الأسبوع الماضي نيته العودة لمسار رفع أسعار الفائدة مجددا.
قمم تاريخية جديدة للذهب
وتقول الدكتورة رانيا يعقوب عضو مجلس إدارة البورصة المصرية والخبيرة الاقتصادية، إن أسعار الفائدة الأمريكية عامل حاسم في أسعار الذهب بلا شك، وأصبحت التوترات الجيوسياسية العالمية حاليا عامل أهم في التأثير على المعدن الأصفر صعودا وهبوطا، مضيفة أن البنوك المركزية لعدة دول أعلنت اتجاهها لشراء كميات منه للاحتياط ضد التقلبات الاقتصادية الحالية.
وتوقعت أن يأخذ المعدن الأصفر منحى النزول على المدى القصير خلال جلسات التداول المقبلة تأثرا بإعلان البنك الفيدرالي الأمريكي عدم الوصول إلى معدلات تضخم منخفضة وإمكانية عودة مسار رفع أسعار الفائدة، بالتالي سينخفض السعر العالمي، إلا أن المجى المتوسط والطويل في المؤشرات تشير إلى قمم تاريخية جديد في أسعار الذهب كما شهدنا بداية الأسبوع الماضي.
وأوضحت أن الصعود الكبير في أسعار الذهب محليا قبل إجراءات 6 مارس المالية وما شهدته من تحرير سعر الصرف والقضاء على مضاربات العملة الأمريكية لن يعود مرة أخرى بعد انتهاء السوق الموازي لأسعار الصرف ونتيجة لذلك فإن التذبذب في السعر محليا لن يكون عنيفا أو مفاجئا.
لامجال للحديث عن نقص الكميات
ممدوح عبدالله عضو مجلس إدارة شعبة الذهب والمعادن الثمينة باتحاد الصناعات يؤكد أن السعر المحلي حاليا مرتبط بالسعر العالمي وسعر صرف الدولار، ولا مجال اليوم للحديث عن نقص الكميات في سوق الذهب بعد إلغاء العمل بالقرار 1801 لسنة 2023، لأن السوق حاليا يشهد تباطأ لعمليات البيع وانصراف العملاء عن اقتناء السبائك كما كان الوضع في السابق، وعاد المواطن لاقتناء المشغولات من جديد لتعود حالة الاستقرار مع ثبات العوامل الأخرى.
وكشف عبدالله أن مصر حاليا دولة مصدرة للذهب ومشغولاته منذ عام واستطاع المنتج المصري من الذهب الدخول لعدة أسواق منها الأردن والولايات المتحدة الأمريكية والإمارات وغيرهم، وأطمئن الجميع سوق الذهب مستقر ولا خوف عليه.
ويوضح الدكتور ناجي فرج مستشار وزير التموين لشؤون الذهب أن مبادرة إعفاء واردات الذهب أسهمت طوال مدة تطبيقها على إحداث توازن بين العرض والطلب ولذا فالوزارة بصدد العمل على إعادتها مرة أخرى، مضيفا ثمة علاقة عكسية بين الدولار الأمريكي وأسعار الذهب العالمية، فارتفاع الأول يقابله انخفاض في سعر الثاني في البورصات العالمية مع العلم أن ارتفاع سعر صرف الدولار محليا ينعكس ارتفاعا في أسعار الذهب.
ونصح فرج باستغلال الهبوط الحالي لأسعار الذهب في الشراء خاصة أن اقتراب عيد الأضحى يشكل عاملا مؤثرا في السعر محليا باعتباره أحد مواسم شراء الذهب للمواطنين سواء مشغولات ذهبية، مضيفا أن الأقبال على السبائك أو المشغولات يكاد يتساوى بعد أن أصبحت المصنعية متقاربة.
ويحدد الدكتور هاني أبو الفتوح الخبير الاقتصادي أن المحددات الثلاثة لسعر الذهب في مصر باتت معروفة للمواطن، فسعره في البورصات العالمية وسعر صرف العملة والعرض والطلب محددات رئيسية للسعر المحلي، وكل تغير في عامل من الثلاثة يرافقه تأثير على السعر، فلو ارتفع سعر صرف الدولار محليا يرتفع سعر الذهب المحلي وتراجع الطلب يخفض السعر وهكذا دواليك.
ويشير أبو الفتوح أن أغلب المتعاملين في سوق الذهب من العامة لا يمتلكون رؤية مستقبلية لاتخاذ قرار الشراء من عدمه بخاصة إذا كان بدافع الاستثمار أو الادخار بل تحركهم المخاوف في الشراء أو البيع أو الانتظار كما هو الوضع الحالي، وللراغبين في الشراء بهدف الادخار فمن المعروف أن الوقت الأمثل للشراء عندما يأخذ السعر مسار هبوطي ولا نشتري مرة واحدة بل على عدة مرات وللسبائك الأقل وزنا 5 و10 جرامات.