تتضامن عوامل عدة في صناعة معاناة ذوي الهمم في عالمنا العربي، من جهل فئة كبيرة من العائلات في كيفية التعامل معهم، وتنمّر المجتمع عليهم، وحرمانهم من أبسط حقوق التعلم والعمل، وصولاً إلى القوانين المثالية التي تبقى حبرًا على ورق ولا يطبّق من موادها إلا القليل، سنوات وعقود طويلة ماضية عانى فيها ذوي الهمم من الإقصاء والتهميش والحرمان من أبسط الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وخلالها واجهتهم العديد من الأزمات سواء في مجال التعليم أو الصحة أو العمل أو حتى الحياة الاجتماعية.
ولكن مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد حُكم البلاد، كان ذوي الهمم والاحتياجات الخاصة على موعد مع مرحلة فارقة من حياتهم بل في التاريخ، حبذا أن الدولة المصرية الجديدة حرصت على تحقيق التمكين الشامل لهم، وشهدت مصر في الآونة الأخيرة، وتحديدًا السنوات الـ 10 الماضية، طفرة غير مسبوقة في مجال رعاية وتأهيل الأشخاص ذوي الهمم، نتيجة للإرادة السياسية الداعمة والمساندة التي سعت إلى خلق مساحة ومناخ ملائم لتضافر جهود كافة شرائح المجتمع لدعم أصحاب القدرات الخاصة، في إطار حرص الرئيس على ضمان حقوقهم، الذي لا يدع مناسبة أو احتفالية إلا وأكد أنهم شريك أساسي في الوطن.
وعلى مدار عقود طويلة، بات الوعي بحقوق ذوي الهمم مرتبط بتوفير أكواد مبانٍ وأرصفة وتقنيات في وسائل النقل العام وإشارات المرور ومنحدرات لتسهيل الأمور على مستخدمي المقاعد المتحركة، ولكن في عهد الرئيس السيسي استطاع ذوي الهمم الحصول على مزيد من الحريات والحقوق المتعددة، وصولًا إلى التمثيل النيابي والتشريعي، فضلًا عن فرص العمل وبناء القدرات والتدريب، بما في ذلك تدريب الأشخاص المتعاملين معهم في المصالح الحكومية، وتوفير البيئة الآمنة والحصول على المعلومات والتمكين التقني، الذي نحن بصدد الحديث عنه الآن لا سيما بعد أن أعلنت جامعة بنها عن إقامة هاكاثون التقنيات الناشئة لتمكين ذوي الهمم، تحت شعار «الوطن محتاج لجميع الهمم».
هاكاثون التقنيات الناشئة لتمكين ذوي الهمم تنظمه جامعة بنها تحت رعاية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبالتعاون مع الأكاديمية الوطنية لتكنولوجيا المعلومات للأشخاص ذوي الإعاقة «NAID»، ومعهد تكنولوجيا المعلومات (ITI) التابع لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ويأتي من منطلق الإيمان بدور التعليم العالي والبحث العلمي في دعم التحول الرقمي والسعي الدؤوب من أجل تحقيق أهداف رؤية مصر 2030 بالتحول نحو اقتصاد رقمي قائم على المعرفة، فضلًا عن تشجيع الابتكار والبحث والتطوير من خلال تعزيز وتحفيز الشباب من المبرمجين وأصحاب الرؤى لتقديم مشاريعهم المبتكرة وأفكارهم الذكية، بالإضافة إلى إيجاد حلول مبتكرة لذوي الهمم في مجالات مختلفة مثل التعليم والصحة والرياضة والتوظيف والترفيه وغيرها الكثير.
وفي السياق عينه، أشار الدكتور ناصر الجيزاوي، رئيس جامعة بنها، إلى أن الفرق المتأهلة لنهائيات الإصدار الثالث للهاكاثون هم 30 فريقًا يمثلون 20 جامعة حكومية وأهلية وخاصة، وتشارك جامعة بنها بثلاثة فرق فيما تشارك جامعات «الزقازيق، المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا، مطروح، عين شمس، كفر الشيخ، المنصورة، المنصورة الجديدة، الجلالة» بفريقين، بالإضافة إلى مشاركة فريق واحد لجامعات «الأقصر، طنطا، بنها الأهلية، مصر للعلوم والتكنولوجيا، المنيا، المنوفية، أسيوط، المصرية الصينية، حلوان، الدلتا للعلوم والتكنولوجيا، الفيوم».
وقال ”الجيزاوي“ إن جميع مسارات الهاكاثون تتكامل من أجل الوصول للهدف الأسمى وهو تمكين ذوي الهمم، وإزاحة كافة العوائق والحواجز بين الأشخاص ذوى الهمم والمجتمع من خلال إيجاد حلول فريدة من نوعها ومبتكرة في مختلف المجالات، لافتًا إلى أن تكامل مسارات هاكاثون تمكين ذوي الهمم يُساهم في استحداث حزمة من المشاريع والأفكار البرامجية المبتكرة التي تطوع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتمكينهم، وتوفير الخدمات التعليمية والصحية بسهولة لهم.
من جانبه، أكد الدكتور شادي المشد، المدير التنفيذي للمعلومات ومنسق عام الهاكاثون، أن جامعة بنها حريصة على إقامة هاكاثون التقنيات الناشئة لتمكين ذوي الهمم في إصداره الثالث وتوفير جميع الإمكانيات اللازمة لإنجاح الهاكاثون ومساعدة الطلاب من كافة الفرق في تنفيذ أفكارهم ومشاريعهم، موضحًا أن الفعاليات النهائية للمسابقة ستنطلق اليوم الأحد 11 فبراير وتستمر حتى 13 من الشهر ذاته، وسيتم في ختام المسابقة الإعلان عن الفرق الفائزة حيث تقدم جامعة بنها جوائز مالية للفرق الفائزة بالمراكز الخمس الأولى في 3 مسارات بإجمالي 90 ألف جنيه.
وأوضح ”المشد“ أن جامعة بنها سبق وأقامت «هاكاثون المدن الذكية»، و«هاكاثون الحكومة الذكية»، تحت رعاية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبالتعاون مع شركة أمازون ويب سيرفيس، وحرصت جامعة بنها على الاستمرار في قيامها بدورها في تشجيع الطلاب على البحث والتطوير والابتكار لذا أقامت هذا العام فعاليات «هاكاثون التقنيات الناشئة لتمكين ذوي الهمم»، مؤكدًا أن الفائزون سيحظوا بفرصة كبيرة لتسويق ابتكاراتهم على نطاق واسع، خاصة أن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تقدم دعم منقطع النظير إليهم، من أجل تحقيق أفضل استثمار لقدرات الأشخاص ذوي الهمم في خدمة المجتمع.
واختتم: وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تولي اهتمامًا كبيرًا بدعم ذوي الهمم، وهو ما يتضح من خلال وجود خطة شاملة لتقديم الدعم الأكاديمي للطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة وذلك عبر تضافر الجهود للوصول إلى أفضل النتائج التي تعمل على ضمان حقوقهم في المؤسسات التعليمية والبحثية المختلفة، ولا تزال تسعى الوزارة إلى تحقيق أقصى قدر من التعاون والتنسيق مع المؤسسات الأخرى في الدولة لتحسين وتعزيز دعم ذوي الهمم في مجال التعليم العالي والبحث العلمي وهو ما يُعبر عنه هاكاثون جامعة بنها.