تشهد الساحة الاقتصادية العالمية، تحولات هامة نتيجة لتقلبات أسعار النفط، حيث تظهر الأزمات الجيوسياسية وغياب الاستقرار في مناطق محددة أثرًا بارزًا على هذا القطاع الحيوي،يأخذ تقريرنا الرحلة إلى عالم الاقتصاد العالمي، حيث يلقي الضوء على تداولات أسعار النفط وتأثيرها على الاقتصاد المصري.
وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى احتمالية رؤية ارتفاع في أسعار النفط في الفترة القادمة، مما يفتح الباب للتأمل في إمكانية توجه العالم نحو أزمة في قطاع الطاقة.
في البداية تقول النائبة نشوي الديب، عضو لجنة الطاقة بمجلس النواب، إن زيادة أسعار النفط ليست مشكلة محصورة في مصر وحدها، بل تؤثر على جميع دول العالم،وتأتي هذه الزيادات في ظل تطورات عالمية تترافق مع تدهور الأوضاع في العديد من الدول، ووجود الكثير من الصراعات السياسية التي يشهدها العالم، والتي بدأت احداثها بالأزمة الروسية الأوكرانية.
وأضافت "الديب"، أن ارتفاع أسعار القمح وقيمة الدولار نتيجة مباشرة لتلك الأزمة، حيث يعتبر القمح واحدًا من الموارد الأساسية التي تتأثر بها الدول المختلفة، مشيرة إلى أن تقديرات الحرب الروسية الأوكرانية أثرت على إنتاج وتوزيع القمح في المنطقة، مما أدى إلى ارتفاع أسعاره وزيادة التضخم الغذائي.
بالإضافة إلى ذلك، زادت قيمة الدولار الأمريكي بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة نتيجة للاضطرابات السياسية والاقتصادية العالمية، ونظرًا لأن النفط يتم تسعيره بالدولار الأمريكي، فإن زيادة قيمته تؤدي إلى زيادة تكلفة النفط وتأثر الاقتصادات المعتمدة بشكل كبير على واردات النفط.
وتابعت: لذا ينبغي على مصر وغيرها من الدول أن تواجه التحديات الاقتصادية الناتجة عن هذه الزيادات في أسعار النفط بتبني إجراءات واحتياطات مناسبة، من خلال تنويع مصادر الطاقة وتعزيز الاستدامة البيئية، بالإضافة إلى تعزيز الاستثمارات في الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الاستهلاك للطاقة.
واستطردت: لا يمكننا التأكيد بشكل قاطع على وجود أزمة عالمية في صناعة النفط في المستقبل القريب، وذلك لعدم إصدار منظمة الأوبك أي بيان رسمي يشير إلى حدوث أزمة حالية أو توقعات بحدوثها في المستقبل،وعلى الرغم من ارتفاع أسعار النفط العالمية، إلا أن المنظمات الإقليمية والدولية لم تعلن عن أي قلق بشأن ذلك.
وأوضحت عضو لجنة الطاقة، أن هناك بعض الدول المصدرة للنفط تقوم برفع أسعارها بناءً على ظروف خاصة أو استجابة لارتفاع الأسعار على الصعيد العالمي، ومن وجهة نظرها فإنها لا تتوقع حدوث أزمة في صناعة النفط في الفترة المقبلة، ولكن تتوقع ارتفاع أسعار النفط.
واختتمت النائبة نشوى الديب حديثها، بالتأكيد على قدرة مصر على التغلب على أي أزمات قد تواجهها البلاد، مشيره إلى أن هناك مؤامرة تحاك ضد مصر في الوقت الحالي، وأن مصر لم تشهد مثل هذه المؤامرة في تاريخها، وأن الخطر يحيط بمصر من جميع الجهات، وهذا يؤثر على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
ووفقًا للدكتور أحمد قنديل، رئيس برنامج دراسات الطاقة بمركز الأهرام، أشار إلى أن ارتفاع أسعار النفط قد يعتمد على بعض العوامل، مثل استمرار الحرب في قطاع غزة وتوسعها في مناطق أخرى، وكما شاهدنا في استهداف القاعدة الأمريكية في الأردن، والذي أدى إلى مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة أكثر من 40 آخرين، سيكون لذلك تأثيرًا على سوق النفط العالمية، وكذلك استمرت الهجمات التي يشنها الحوثيون في البحر الأحمر وتأثرها على حركة الملاحة في قناة السويس، وبالتالي، قد يستمر ارتفاع أسعار الشحن والتأمين على شحنات النفط.
وأضاف "قنديل", أن مصر قد حددت تقديرًا لأسعار النفط في الموازنة العامة للعام الحالي بحوالي 80 دولارًا للبرميل، وأي زيادة دولار واحد عن هذا السعر المحدد ستكون عبئًا على الموازنة العامة بمقدار مليار جنيه مصري أو أكثر، مشيراً إلى أن ارتفاع أسعار النفط في المستقبل يعتبر سيناريو متوقع من قبل البنك المركزي الدولي، ويمكن أن يصل سعر البرميل إلى 100-120 دولارًا، وفي الأسوأ الأحوال قد يصل إلى 150 دولارًا للبرميل الواحد.
وأوضح رئيس برنامج دراسات الطاقة، أنه يمكن تصور حجم الأعباء المالية التي ستواجهها الموازنة العامة في مصر نتيجة لارتفاع أسعار النفط إلى هذا الحد، مشيرًا إلى تأثير ذلك على الاقتصاد المحلي والتحديات المالية التي قد تنشأ عنها.
من جانبه يقول الدكتور محمد البهواشي الخبير الاقتصادي، إن أسعار النفط العالمي تتأثر بشكل مباشر بالأزمات العالمية وغياب الدب الروسي عن المعادلة النفطية، وشاهدنا تخفيض إنتاج النفط من قبل الأوبك والاوبك بلس من أجل الحفاظ على الأسعار، ولكن الأزمات التي يشهدها الشرق الأوسط وخاصة صراع باب المندب بالبحر الأحمر وتغير حركة الكثير من التجارة العالمية إلى طريق راس الرجاء الصالح وهو بديل قناة السويس، يعد تكلفة زائدة واستغراق وقت أكثر في عبور الناقلات النفطية، وهو ما يترتب عليه زيادة وتكرر في ارتفاع أسعار النفط.
وأضاف البهواشي، أن تواصل الصراع في غزة وباب المندب يُخلق حالة من الضبابية وعدم اليقين في المستقبل البعيد، متوقعاً تأثر أسعار النفط في عام 2024 نتيجة لهذه التطورات، مما يلقي بتأثير مباشر على مصر، بدأت توقف الصادرات المصرية من الغاز الطبيعي بعد أحداث الصراع في غزة، لكن عودة ضخ الغاز من إسرائيل إلى مصر في ينايرالحالي تشير إلى فرصة للتعافي في ميزان النفط، حيث تُعد الصادرات دافعًا لتحسينه.
واستطرد الخبير الاقتصادي، أن استمرار الأزمات المشتعلة في المنطقة سيؤثر بشكل كبير على الاقتصاد المصري، لأن النفط ومشتقاته هو عنصر أساسي في مدخل الإنتاج ومحرك لمعدل التضخم، بالإضافة أننا أمام معدل تضخم محلي بطبيعة الحال، منوهاً تأثر إيرادات قناه السويس بما يجاوز الـ 44%، بجانب الطاقة النفسية وتأثيرها في مناطق أخرى، فكل الأحداث المحيطة بمصر من كافة الجوانب سيكون لها تأثير مباشر علي الاقتصاد المصري.