والدي رباني مثل الولد.. ولا أفكّر في ارتداء الحجاب.
أغلب الفنانين فاكرني «مغرورة» وبيبعدوا عني.
رفضت "خلي بالك من زوزو" لهذا السبب.
أتمنى تحسين صورة الإسلام في عمل فني بمشاركة الإمارات.
أُصيبت باكتئاب بعد وفاة الكثير من الفنانين.
بروح مرحة وابتسامة نقية، وبتواضع المبدعين استقبلتنا النجمة لبنى عبد العزيز بحفاوة في منزلها في حي الزمالك، بمجرد رؤيتها أو الجلوس معها تتسرب إليك طاقة، لم يستطع الزمن أن يغير من ملامحها الجميلة، تحتفظ بجمال روحها وثقافتها الواسعة، حتى صوتها مفعم بإحساس دافئ كما اعتدنا عليه، لذلك عندما تستمع إليها تجدها رقيقة كالفراشة، تلمس إنسانيتها في كل تعاملاتها.
دخلت السينما بطلة منذ اليوم الأول، تمتلك قدرة كبيرة من ذكاء اختيار الأعمال بجانب الموهبة التمثيلية؛ هي من الفنانات اللاتي تركت أثرًا واضحًا في تاريخ السينما المصرية، وحفرت اسمها داخل قلوب الكثير، تختفي لعقود فلا تُنسى، وتعود فتخطف الأضواء دون مجهود، لأنها الجميلة القديرة لبنى عبد العزيز.
إلى نص الحوار:
في البداية.. هل لبنى عبد العزيز دخلت مجال التمثيل عن طريق الصدفة؟
بالفعل لا أخطط للتمثيل على الإطلاق، لم يكن هناك نية لدخولي مجال الفن، عرض عليٍ ثلاث أعمال دفعة واحدة في البداية، تحدثت مع والِديّ، الذي تحمس للغاية ووقف معي، لكن كنت رافضة خوضي ثلاث أفلام دفعة واحدة، لا أعلم هل يتقبلني الجمهور أم لا، فقررت المشاركة في فيلم واحد من باب التجربة، وهو "فيلم الوسادة الخالية" مع عبد الحليم حافظ الذي حقق رواجًا كبيرًا وقتها.
حتى جعل عبد الحليم حافظ أن يقود حملة ضد فريد الأطرش حتى لا أتعاون معه، لأنه كان يود أن يشاركني في عمل فني آخر بعد نجاح فيلم "الوسادة الخالية".
هل تتذكرين أول أجر حصلتي عليه في مجال التمثيل؟
ألف جنيه كان أول أجر تقاضيته، كان تلك الوقت مبلغ كبير للغاية بالنسبة لممثلة مبتدأه، لأن كان هناك الكثير من الزملاء الفنانين أقدم وأكبر مني ولم يحصلون على هذا الرقم.
قدمتِ أفلام متنوعة في السينما.. ما العمل الذي تفخرين به في مسيرتك الفنية؟
لا شك أن فيلم "أنا حرة" من أقرب الأعمال إلى قلبي، حقق شهرة كبيرة للغاية، عندما كرمت في بيروت لم يتحدثه إلا عن هذا الفيلم، كان صفحة جديدة في رؤية المجتمع للمرأة المصرية والعربية، فتحت الباب لتحرر الاستقلال الذهني للمرأة.
فيلم "أنا حرة" من أكثر أدواركِ المحفورة في أذهان جمهورك.. كان يدافع عن أبسط حقوق حرية المرأة.. كيف ترينه الآن؟
فيلم "أنا حرة" كان متكامل العناصر، وأفخر بهذه التجربة، من إخراج صلاح أبو سيف، وفكرة إحسان عبد القدوس وكنا جيران في جاردين سيتي وكان يراني في الجامعة الأمريكية، فعرض على العمل وفي نفس ذات الوقت كان عبد الحليم يود أن أشاركه في "الوسادة الخالية" فتحدثوا مع بعضهم وقرروا أن أبدا بالوسادة ثم أنا حرة.
على مدار مشوارك الفني قدمتِ 20 فيلمًا للسينما المصرية فقط.. لماذا رفضت الكثير؟
أرفض بعض الأعمال بحثًا عن التميّز، فكان هدفي دائما تقديم أعمال قليلة لكن متنوعة، فأغلب الفنانين كانوا يقدمون أعمالًا سينمائية متشابهة، وكان المشاهد يقبل على السينما وهو يعلم جيدًا ما يراه، فعلى سبيل المثال من يذهب ليشاهد فيلم لفريد شوقي يعلم أنه سيشاهد فيلم أكشن فيه الكثير من مشاهد الضرب، أو فيلم لفاتن حمامة تتوقعين أن العمل ملئ بالمشاهد التراجيدية التي تحتوي على البكاء، لكن أنا لا أحب أن أضع في إطار واحد، أحب التنوع في الأدوار لأن الممثل ممثل يستطيع تقديم جميع الأدوار، ولم أبحث يومًا عن النجومية بل أحب أكون ممثلة فقط.
وأضافت، الجمهور لا يتذكر الممثل بل يتذكر الشخصية والدور، فكان هدف من أهدافي أن يتذكرني الجمهور بأدواري مثل "هاميس" في فيلم "عروسة النيل"، و"أمينة" في "أنا حرة"، و"سميحة" في الوسادة الخالية وغيرهم.
بعد مشوار فني حافل بالأدوار المتميزة.. هل هناك شخصية تتمنين تجسيدها؟
أبحث دائما عن التميّز، وأتمنى أن أقدم عملًا تاريخيًا، وأسعى على تقديم أعمالًا فنية لا يستطيع أحد يقدمه غيري.
أُطلق عليكِ العديد من الألقاب منها "هاميس السينما المصرية" و"صاحبة أجمل عيون".. أي من تلك الألقاب قريب لقلبك؟
أحب اللقب الذي أطلقه علي الفنان كمال الشناوي "قطعة مارون جلاسيه".
جمعتك مشاهد رومانسية جريئة بالفنان عبد الحليم حافظ في "الوسادة الخالية".. كيف كان رد فعل والدك؟
والدي كان الداعم الأول في كل شيء، لكن والدتي والعائلة كانوا غير سعداء، لكن والدي هو الذي رباني وزرع في داخلي روح الاستقلال لأكون صاحبة رأي وروح العلم والدراما، فهو كان مُدعِّما لي في جميع القرارات، فوالدي رباني مثل الولد، فقديما كانت الفتاة درجة ثانية لكن أنا كنت درجة أولى، ولم أندم على مشاهدي الجريئة لأنها من اختياري، الندم ليس مذكور في قاموسي الشخصي، الندم ليس له نتيجة ولا أي قيمة.
من هو أكثر فنان شعرت معه بتوافق؟.. وكان الأكثر اندماجًا وتفاهمًا مع لبنى عبد العزيز؟
كان هناك اندماجًا وتفاهمًا بينِ وبين الراحل رشدي أباظة، وأيضًا النجمة شويكار في الفترة الأخيرة لها، كانت أقرب فنانة لقلبي، إلا أن أغلب الفنانين يبتعدون عني مُتخيلون أنِ متعالية.
لكن مدام شويكار كانت في مكان آخر، لا يهمها أحدًا، كانت تقتحم غرفتي وتجلس لتقرأ الفنجان وتتحدث معي، كانت في منتهى اللطف الله يرحمها، أما رشدي أباظة كان يحب المقالب كثيرًا، دائما استقباله جميل، أول يوم تصوير يرسل إلى ورد على الغرفة وكان في منتهى الرقة "جنتل مان".
هل تحبي تجسيد سيرتك الذاتية في عمل فني أو أدبي؟
أرفض تقديم سيرتي الذاتية في عمل فني، لأسباب عدة أولًا الأفلام أغلبها فاشلة لأن من الصعب أنك تتخيل شخص ثاني في دور ممثل دخل قلبك، ثانيًا بتكون مليئة بالخطأ، ثالثًا أضعف من المستوى التي يجيب أن يكون، يمكن مسلسل "أم كلثوم" فقط هو الذي نال إعجابي، لكن أنا ضد تقديم سيرتي الذاتية.
هل ندمتِ على بعض أدوارك في السينما؟
لم أندم على عمل فني قدمته، نظرًا لتقديمي أعمال قليلة، وخطواتي كانت بحساب لأن هدفي في النهاية الثمثيل فقط، والحظ حالفني أن نسبة كبيرة من أفلامي استقبلها الجمهور ولاقت استحسان كبير.
قدمتي فيلم ومسلسل إذاعي تحت اسم "الوسادة الخالية".. ما الفرق بينهما غير تشابه الأسماء؟
بدأت حكاية المسلسل الإذاعي عندما وصلت مصر، فسرعان ما تحدث معي الراحل سمير صبري عن المسلسل الإذاعي "الوسادة لا تزال خالية" ووافقت وقدمته وحقق نجاحًا كبيرًا في الإذاعة وقتها، واقترحوا أن نقدمه كفيلم في السينمات لكني رفضت، فلن يستطيع أحد تقديم دور عبد الحليم حافظ.
كنتِ صاحبة فكرة فيلم "عروس النيل".. حدثينا كيف جاءت الفكرة؟
انتهيت من فيلم "آه من حواء" مع فطين عبد الوهاب، وكان سعيد بتقدمِ للأدوار الكوميدية والمخرج أيضًا، بداخلي حب شديد للقدماء المصريين، فجاءت الفكرة ومن هنا عرضتها عليهم.
كيف ترى الفنانة لبنى عبد العزيز تاريخها حاليًا؟
لم أشاهد أعمالي الفنية، أشعر بهبوط وانزعاج، أرى أنِ كان يجيب أكون أفضل.
لماذا قررتِ السفر إلى أمريكا والتفرغ إلى الأمومة في وقت كنتِ تتربعين على عرش النجومية؟
كان القرار الصحيح في الوقت المناسب، ولم اندم على اتخاذه، لم أخطط لترك الفن، وفي الحقيقة قراري وقتها لم يكن سهلاً وأخذ منى وقتاً في التفكير، ولكن في النهاية اخترت تربية أولادي.
هل ندمتِ على قرار اعتذارك عن عدم المشاركة في فيلم "خلي بالك من زوزو"؟
عندما انتهيت من فيلم "إضراب الشحاتين"، عرض علي المخرج حسن الأمام أعمال فنية قبل سفري إلى أمريكا، كان من بينهم فيلم بعنوان "بنت العالمة" قبل أن يتم تغيره لـ "خلي بالك من زوزو"، عجبتني الفكرة ومضيت عقد مع الشركة السينمائية مع سعد الدين وهبة على أنٍ أقدم الفيلم.
أتذكر جيدًا وقتها أنِ قولت للمخرج حسن الأمام "أنا مبعرفش أرقص"، رد عليا وقالي لا تخافي إطلاقًا أستعين بدوبلير وأثنين لا تحملي همًا، لكن بعدها سافرت أمريكا لم استطيع تقديمه ورفضت، والحمدالله أنِ لم أقدم "خلي بالك من زوزو" لأن سعاد حسني كانت ممتازة والدور كان لها ليس لي.
من وجهه نظرك.. هل السينما المصرية تعاني فقر في السيناريو؟
السينما المصرية انحدرت، كنا رُوَّاد في السينما وجميع الفنون الأدب والموسيقى، خرج من بيننا أم كلثوم وعبد الوهاب، كنا رقم واحد في البلاد العربية، حاليًا أصبح لنا منافسين لأن حدث لنا هبوط، أتمنى نعود مرة آخرى للقائمة الأولى.
كنت مذيعة قبل دخولك مجال التمثيل.. كيف ترين الإذاعة حاليًا؟
الإذاعة المصرية كانت من أفضل البرامج في الشرق الأوسط، من ضمن أفضل إذاعات العالم، والتلفزيون المصري بدأ بشكل قوي، لم أعلم ما سبب انحداره يمكن المنافسة يمكن عدم التمويل، أتمنى أن تعود مرة أخرى للمركز الأول، كل واحد مننا فخورًا بوطنه، كما أود أن التلفزيون المصري يستعيد العصر الذهبي لمسلسلاته والأعمال العظيمة التي كانت يقدمه في الماضي.
كيف تقضي وقتك حاليًا؟
أشغل وقتي هذه الفترة بالقراءة والكتابة، كما أنِ أملك ركن الطفل الإنجليزي.
ما المعايير التي تجذبك للعودة للسينما بشكل عام؟
عدة شروط أولها، إنتاج كبير مكلف ودرجة أولى، رواية جيدة، أشعر عند قرأته أن لا أحد يستطيع تقديمه إلا لبنى عبد العزيز، لم يهمني حجم الدور أوفق حتى إذا كان مشهدًا واحدًا.
ما نصيحة لبنى عبد العزيز لنجمات هذا الجيل؟
الدراسة والعلم مفيدين في كل الميادين، في الحقيقة الموهبة هامة لكن الدراسة تساعد وتدعم في كل شيء.
هل تجدي النجومية متعبة ومرهقة كما يقول بعض الفنانين؟
النجومية لا تكن هدفي، اخترت أعمالٍ بعناية، كنت دقيقة في اختارت لأنِ كنت دارسة وحاصلة على ماجستير من أمريكا، وكنت لا أبحث على أن أكون نجمة، كان حلمي الأساسي تقديم عمل فني كلاسيكي، ومن حسن حظي أنها عاصرها الكثير من الأجيال.
هل زمان كانت تشغلك المنافسة؟
لا تشغلني المنافسة إطلاقًا، خلقت وبداخلي شعور الرضا وحب الخير للغير، هنأت الكثير من النجمات عندما حققن نجاحًا مرموقًا، وأرسلت لهم تِلِغرافات.
كنت ممن خرجن للتظاهر في 30 يونيو... كيف ترين المشهد السياسي الحالي؟
أنا من ضمن المعجبين بالرئيس عبد الفتاح السيسي، ممتاز، ويجب أن نتذكر دائمًا أننا طلبنا منه أنه يكون رئيس الجمهورية، فهو أنقذنا من موقف سيئ وخرجنا بالملايين في 30 يونيو لنهاية الحكم الإخواني، هو وقف بجانبنا، السيسي رجل هادئ يتحدث بعقل.
في الفترة الأخيرة رحل الكثير.. من هم الفنانين الذين أصابك الحزن بعد وفاتهم؟
مدام شويكار كانت صديقتي المقربة في أواخر أيامها، والفنانة نادية لطفي والنجم سمير غانم كان صديقي، والنجمة دلال عبد العزيز وزوجها سمير غانم، افتقادنا الكثير من نجوم الفن في الفترة الأخيرة لدرجة أصابتني بالاكتئاب بعد وفاتهم.
قولتِ: "لا أنتظر دور بطولة ويكفيني مشهد واحد فقط والحقوني قبل ما أروح"... هل تخافي الموت؟
بالفعل لا يهمني حجم الدور وعدد المشاهد ولكن يهمني تأثير، من الممكن مشهد واحد في فيلم أفضل بكثير من دور محوري، كما يهمني أيضًا المخرج التي اتعامل معه وشركة الإنتاج، وأبحث عما ينال إعجاب الجمهور، لا اِحتَاج إلى أمول أو شهرة، أحب فقط أن أمارس هوايتي
واستكملت، أنا لا أخاف الموت إطلاقًا مستعديه، لكن لو عرض على عمل فني جيدًا على الفور سأوفق قبل أن حكايتي تخلص.
هل كتبتي وصيتك؟
لم أكتب وصيتي، لدي ابنتين كل واحدة منهم سوف تحصل على نصف الميراث، الحكاية بسيطة، لن أنصح أولادي بأمر معين، أنا مثلهم الأعلى، وهم صغار كأنه معترضين على بعض الأمور لكن حاليًا يربون أبناءهم كما ربيتهم.
هل فكرت في اتخاذ خطوة ارتداء الحجاب؟
لم أفكّر في ارتداء الحجاب، أنا أرى أنه اختيار شخصي واحترم، كل واحد يختاره عن إيمان أو اقتناع.
هل للفنانة لبنى عبد العزيز أمنيات لم تتحقق؟
أتمنى أن صورة مصر والعرب والإسلام تتحسن عن طريق الإعلام في فيلم كبير للغاية، أحلم أن كل البلاد العربية تشارك لأن الأمارات والسعودية والكويت لديهم الكثير من الأموال، نريد أن نضع أيدينا بأيدي بعض ونكوِّن قوة تبحث تحسين صورة العرب، جميعهم يشتركون ومصر تكون القائدة لأن تاريخها في السينما أكبر بكثير، ونستعين بمواهب من الخارج، لا يعيب في شيء أن تستعين بمخرج وممثلين عالمين، ويتضمن الفيلم أيضًا قصة حب صغيرة، بشرط تَبيَّن الإسلام والعرب على الحقيقة يليق بتاريخك بدلًا من الصورة المشوهة التي انتشرت في السنين الأخيرة أننا إرهابيين وقتاليين.