أظهرت بعض المشاهد التي بثتها حركة حماس، خلال حربها الجارية مع الجيش الصهيوني، قدرة الحركة على إدارة في المعركة ليس عسكريًا وسياسيًا فقط بل وإعلاميًا، من خلال تصوير استهداف المعدات والقوات العسكرية للجيش الإسرائيلي، اخرها فيديو أظهر استهداف أحد مقاتلي القسام لقوة إسرائيلية متحصنة بمنزل بقذائف مضادة للتحصينات بشكل دقيق قائلاً “حلل يا دويري” إشارة إلى الخبير العسكري والمحلل الاستراتيجي اللواء فايز الدويري.
أثناء استلام قوات الاحتلال بعض الرهائن
وكشفت المشاهد المصورة تدمير عناصر القسام للكثير من المعدات العسكرية الإسرائيلية وقتل العشرات من الجنود ما يظهر تكبد الاحتلال خسائر غير مسبوقة، إضافة إلى مصافحة أسرى إسرائيليين مفرج عنهم لعناصر المقاومة الفلسطينية والتلويح لهم بإشارات تحية، ما يعكس مدى التسامح والارتياح في طريقة التعامل بينهما، فضلًا عن تصريحات بعض الأسرى لوسائل الإعلام العبرية بأن المقاومة وفرت لهم سبل الرعاية الصحية والأمان ومستلزمات الحياة في ظل الإمكانيات المتاحة داخل غزة طوال فترة احتجازهم بالقطاع.
استهداف معدات الاحتلال
مصافحة الاسرى لعناصر القسام
المشاهد التي بثتها الحركة، جاءت إثر هدنة واتفاق تبادل أسرى بين الاحتلال وحركة حماس، وذلك بعد الهجوم الذي شنته الحركة في 7 أكتوبر على الاحتلال في عملية أسمتها “طوفان الأقصى”، وما تبعه من قصف وحصار من إسرائيل لقطاع غزة انتهى حتى كتابة هذه السطور بهدنة مؤقتة جرت خلالها تبادل الأسرى.
وإلى جانب العدوان الإسرائيلي على غزة، يشن الاحتلال حربا إعلامية على الفلسطينيين في مختلف وسائل الإعلام الغربي، غير إن الجديد في هذه الأحداث الصور والفيديوهات التي استخدمها حماس بشكل احترافي جيد على المستوى المحلي والعالمي كسلاح إعلامي في وجه العدو، بحسب ما قاله الدكتور محمود خليل أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة.
وقال أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، في تصريحات إلى “بلدنا اليوم” إن حماس استخدمت الاعلام بشكل جيد منذ اليوم الأول للمواجهات مع الاحتلال، واستطاعت توثيق ما حدث يوم 7 أكتوبر وبعد دخول القوات الإسرائيلية بريا الى شمال غزة، والعديد من العمليات والمعارك القتالية التي دارت مع القوات البرية لجيش الاحتلال وما شاهدناه من تدمير المعدات وقتل الجنود والضباط الإسرائيليين.
الدكتور محمود خليل
حماس أجادت على المستوى الإعلامي
ويرى الدكتور محمود خليل الكاتب الصحفي، وأستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن حماس أجادت على المستوى الإعلامي والتقني خلال حرب طوفان الأقصى و استخدمت تقنيات تصوير شديدة التقدم، واعتمدت على برامج الكترونية عالية، لافتًا إلى ان حماس جهزت كل أدوات المعركة بينها الأداة الإعلامية قبل بديتها.
وأضاف "خليل" أن المقاومة وظفت الصورة في المؤتمرات وخاصة لتي كان يظهر فيها القيادي أسامة حمدان بشكل واضح في نقل المشاهد التي تظهر تعامل قوات لاحتلال مع أطفال غزة، وكيف كان التعامل بين كتائب القسام مع الأطفال الرهائن من الإسرائيليين.
وأشار “ أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة” إلى أن حماس اعتمدت في توضيح المشهد على توظيف الضعيفين، وهما المرأة والطفل، وكان ذلك له صدى على مستوى المواطن الإسرائيلي الذي بدأ يرى أن المقاومة ليست كما يصورها إعلامهم انها جماعة إرهابية دموية، وتم تدعيم ذلك ببعض القاءات التي أجريت مع الرهائن التي تم تحريرها وأجريت عبر وسائل اعلام إسرائيلية والتي ظهر خلال معظمها تحدث الرهائن بشكل جيد في حدود التعامل الإنساني مع أفراد كتائب القسام معهم.
ولفت الدكتور محمود خليل، إلى مشهد أظهر طمأنة يحي السنوار لبعض الأسرى الإسرائيليين بالعودة مرة أخرى إلى إسرائيل، والمسألة تتعلق بصراع سياسي، مؤكدًا تحقيق ذلك تأثير إيجابي على مستوى تنقية صورة حماس من الادعاءات الإسرائيلية أنها تمارس الإرهاب، وبدأ يسجل لدى الرأي العام العالمي ان حماس ليست إرهابية انما تواجه استعمار استيطاني من الوارد طبقا لأدبيات الأمم المتحدة أن تستخدم الأسلحة في مواجهته.
وأختتم :" مشاهد التعامل الإنساني لكتائب القسام مع الأسرى الإسرائيليين انعكس بالإيجاب على الرأي العام الغربي، ما تسبب في ضغط شعبي وكان لذلك دور في تعديل الخطاب السياسي للحكومات سواء الفرنسية أو الإنجليزية إذاء غزة، وتصريحات ماكرون ولهجة العداء لحماس الفلسطينيين في بداية طوفان الأقصى لا تقارن بما بعد المظاهرات".
حماس تدير الحرب إعلاميا باحتراف
وقالت الدكتورة نورهان الشيخ أستاذ العلوم السياسية، إن حماس تدير الحرب إعلاميا بشكل احترافي جيد على المستوى المحلي والعالمي مما يؤثر إيجابيًا على توجهات الرأي العام العالمي، ان لم يكن على مستوى الإدارات فهو على مستوى الشعوب كما شاهدنا ذلك في أوربا والولايات المتحدة الامريكية.
الدكتورة نورهان الشيخ
وأضافت الشيخ في تصريحاتها إلى "بلدنا اليوم" إن المشاهد التي رأيناها مثل مصافحة الأسرى الإسرائيليين لمقاتلي القسام وتوديعهم يعكس المعاملة الإنسانية والاحتواء الذي قابلت به حماس الأسرى.
و اختتمت “الشيخ” أن ما فعلته حماس يعكس درجة عالية من التسامح ولقى تفاعل كبير في الاعلام العالمي حتى من الجانب الإسرائيلي نفسه.
رسائل لتغيير الصورة لدى الغرب
ومن جانبه ، يرى أيمن الرقب القيادي بحركة فتح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن حجم التحريض الإعلامي الصهيوني والغربي ضد المقاومة منذ احداث 7 أكتوبر كبير، مما دفع المقاومة ان تعيد للعالم صورة جديدة من خلال السلوك الذي شاهدناه من معاملات طيبة مع الاسرى.
وأضاف قيادي حركة فتح خلال تصريحات خاصة إلى “بلدنا اليوم” ان تعامل الأسرى الإسرائيليين بارتياح مع عناصر القسام وتلويحهم بإشارات وداع وتحية، يعكس للعالم وجود مودة وتعامل طيب خلال فترة الاسر، عكس ما يفعل الاحتلال بالأسرى الفلسطينيين من إهانة واعتداءات عليهم وعلى ذويهم، وهذا يحمل عدة رسائل واضحة للعالم ومحاولات لتغيير الصورة لدى الغرب.
و أوضح “الرقب” أن محاولة المقاومة ارسال صورة بالسلوك الإيجابي من خلال هذه التصرفات سيكون له تأثير جيد في الرأي العام العالمي على مستوى الشعوب، التي تتأثر بهذه الصور، ويحللها حتى الاعلام العبري نفسه.