قبل 14 عامًا، وفي مثل هذا اليوم، كانت الأحلام كبيرة، والطموحات تناطح السحاب، كل الأهداف تجمعت وتقلصت لتتنحى جانبًا، من أجل هدف واحد فقط، انتظره الجميع في القاهرة والجزائر، وهو حلم التأهل لأول مونديال عالمي يُقام في القارة السمراء، إنه كأس العالم جنوب إفريقيا 2010.
كانت المعركة شديدة على مدار لقاءات التصفيات، والمنافسة مشتعلة طوال مشوار المنتخبين، خصوصًا بعد فوز محاربو الصحراء ذهابًا بثلاثة أهداف مقابل هدف، استمرت المناوشات بين المنتخبين حتى جاء اللقاء الأخير في المجموعة الثالثة، والذي شاءت الأقدار أن يكون حاسمًا في تأهل أيا منهما لمونديال جنوب إفريقيا.
مصر تبحث عن فوز بثلاثة أهداف من أجل التأهل للمونديال مباشرةً، والجزائر تأمل في أي نتيجة غير الخسارة بنفس النتيجة من أجل الذهاب إلى جوهانسبرج على الفور، وهناك خيار ثالث لكنه بعيد ولا أحد يريده، وهو انتصار مصري بثنائية من أجل المساواة في كل شيء، ومن ثم التوجه لمباراة فاصلة تم تحديد مكان إقامتها في مدينة أم درمان بالسودان بعد 4 أيام فقط من المباراة الأخيرة.
مصر والجزائر 2009
حكاية مشوار مصر والجزائر في تصفيات كأس العالم 2010
البداية كانت بعد تصدر مصر لمجموعتها في المرحلة الثانية من التصفيات على حساب مالاوي والكونغو الديموقراطية وجيبوتي، بتحقيق 5 انتصارات وهزيمة، وتسجيل 13 هدفًا واستقبال هدفين، وعلى الجانب الآخر، جاءت الجزائر على رأس مجموعتها أيضًا بتحقيق 3 انتصارات وتعادل وحيد مع تلقي هزيمتين، أحرزت 7 أهداف وتلقت شباكها 4 أهداف على حساب منتخبات جامبيا والسنغال وليبيريا.
بعدها وضعت القرعة المنتخبان العربيان في المجموعة الثالثة رفقة زامبيا ورواندا في المرحلة الثالثة والنهائية من التصفيات، والهدف هو تصدر المجموعة من أجل حلم التأهل المباشر إلى المونديال في جنوب إفريقيا بعد عام وأكثر قليلًا.
مصر والجزائر 2009
نتائج مصر والجزائر في تصفيات كأس العالم 2010
بدأت الجزائر مشوار الحلم بتعادل سلبي خارج الحدود مع رواندا يوم 28 مارس 2009، ورفضت مصر في اليوم التالي استغلال تعثر المنافس، وحققت نفس النتيجة مع زامبيا ولكن إيجابيًا بهدف على ستاد القاهرة الدولي، سجله عمرو ذكي.
بعدها تواجه المنتخبان في الجولة الثانية على ملعب مصطفى تشاكر بمدينة البليدة يوم 7 يونيو، وحققت الجزائر فوزًا كبيرًا بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، تقدم لمحاربي الصحراء، الثلاثي كريم مطمور وعبد القادر غزال ورفيق جبور، قبل أن يُقلص محمد أبو تريكة الفارق لهدفين فقط قبل النهاية بأربع دقائق.
لكن المباراة شهدت أحداثًا عصيبة ومناوشات جماهيرية وإعلامية قبلها وأثنائها وبعدها، كعادة المواجهات المصرية الجزائرية منذ تأهل الفراعنة لنهائيات مونديال إيطاليا 1990، وذلك على خلفية واقعة الأخضر بلومي لاعب الجزائر والطبيب المصري بعد المباراة التي جرت في نوفمبر 1989 على ستاد القاهرة الدولي.
مصر والجزائر 2009
وفي الجولة الثالثة، حققت الجزائر الفوز خارج الديار بهدفين على زامبيا، وانتصرت مصر على رواندا يوم 5 يوليو بثلاثة أهداف دون رد على ستاد الكلية الحربية، سجلها محمد أبو تريكة هدفين وحسني عبد ربه هدف من ركلة جزاء، لينتهي الدور الأول من التصفيات، الجزائر على الصدارة برصيد 7 نقاط وفارق 4 أهداف، مصر في الوصافة برصيد 4 نقاط وفارق هدف واحد فقط.
وكرر المنتخبان الانتصار في الجولة الرابعة، بنفس النتيجة 1 / 0، مصر على رواندا بهدف أحمد حسن يوم 5 سبتمبر خارج الحدود، والجزائر على زامبيا في اليوم التالي بمدينة البليدة.
وفي الجولة الخامسة، حصدت مصر فوزًا صعبًا وحاسمًا على زامبيا خارج الحدود بهدف حسني عبد ربه يوم 10 أكتوبر، وانتصرت الجزائر بثلاثة أهداف مقابل هدف على رواندا، ليصبح ترتيب منتخبات المجموعة الثالثة بعد الجولة الخامسة وقبل المباراة الأخيرة، الجزائر على الصدارة برصيد 13 نقطة، سجلت 9 أهداف واستقبلت هدفين، مصر في المركز الثاني برصيد 10 نقاط، أحرزت 7 أهداف ودخل مرماها 4 أهداف.
مصر والجزائر 2009
سيناريو التأهل لمونديال 2010 قبل مباراة الجولة السادسة والأخيرة
وأصبح سيناريو التأهل للمونديال، فوز مصر بنتيجة ثلاثة أهداف نظيفة أو أكثر لتترشح بفارق هدف أو أكثر، وعلى الجانب الآخر، تحقيق الجزائر لأي نتيجة سواء فوز أو تعادل أو حتى هزيمة بفارق هدف، والخيار الثالث كان انتصار مصر بهدفين نظيفين، من أجل المساواة في كل شيء، والاحتكام لمباراة فاصلة ستُقام بعدها بعدة أيام تم اختيار مكان إقامتها من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" على ملعب نادي المريخ بمدينة أم درمان السودانية، حسب اختيار الاتحاد المصري برئاسة سمير زاهر، فيما كان الاتحاد الجزائري بقيادة محمد روراوة قد اختار تونس لإقامة المباراة الفاصلة.
ودخل المنتخبان مباراة الجولة السادسة والأخيرة على ستاد القاهرة الدولي يوم 14 نوفمبر، وسط حضور جماهيري تجاوز 120 ألف متفرج، ووسط مناوشات جماهيرية وإعلامية كبيرة حدثت قبلها أيضًا على خلفية أحداث مباراة الذهاب وما حدث من الجماهير الجزائرية تجاه البعثة المصرية هناك.
ورغم الحماس الجماهيري والهدف المُبكر الذي سجله عمرو ذكي في الدقيقة الثالثة من عمر المباراة، واستعداد الجميع لمتابعة مهرجان أهداف مصري في الشباك الجزائرية التي ظن الكثيرين أنها انهارت مبكرًا، ورغم الضغط الرهيب من جانب الفراعنة والفرص المٌحققة للتهديف والتي ضاعت على مدار شوطي المباراة، إلا أن السيناريو والنتيجة ظلا كما هما بسبب تماسك منتخب الجزائر داخل الملعب، ونجاحه في إبقاء النتيجة كما هي.
حتى نجح عماد متعب في تسجيل الهدف الثاني والذي كان بمثابة طوق النجاة ومبعث الأمل لهذا الجيل في منح أنفسهم فرصة جديدة في التواجد مع الكبار بجنوب إفريقيا، بهدف أحرزه في الدقيقة الخامسة من الوقت المُحتسب بدلًا من الضائع من المباراة برأسية قوية سكنت شباك الحارس الجزائري من عرضية مميزة للظهير الأيسر سيد معوض من على حدود منطقة الجزاء من الناحية العكسية.
وبعدها بأقل من دقيقة، أضاع محمد بركات هدف التأهل التاريخي للمونديال، بكرة لو تكررت 100 مرة، ستدخل الشباك 99 مرة، وتخرج مرة، لتكون هذه هي المرة، ليحتكم المنتخبان لمباراة فاصلة، تم تحديدها بعد 4 أيام على ملعب نادي المريخ بمدينة أم درمان السودانية.
وبعد نهاية المباراة، أصبح الوضع وقتها، المنتخبان متساويان في كل شيء، الرصيد النقطي 13 نقطة لكل منهما، من 4 انتصارات، وتعادل وحيد، ومثلها خسارة، كل منتخب سجل 9 أهداف واستقبلت شباكه 4 أهداف، ولديه فارق 5 أهداف، لذا هدف واحد فقط كان كفيلًا بتأهل أيا منهما.
مصر والجزائر 2009
مصر والجزائر تلجأن لمباراة فاصلة لتحديد المتأهل لكأس العالم 2010
وفي أم درمان، تواجه المنتخبان مجددًا يوم 18 نوفمبر، وسط حضور جماهيري كبير للجماهير المصرية والجزائرية، ورغم حدوث مناوشات كبيرة قبل المباراة وخلال الأيام السابقة عليها، استطاع محاربو الصحراء خطف بطاقة التأهل للمونديال بهدف تاريخي سجله عنتر يحيي في الدقيقة 40 من عمر الشوط الأول من اللقاء الذي أداره الحكم إيدي ماييه من جزيرة سيشل، وذلك بتسديدة قوية من الجانب الأيمن لمنطقة الجزاء، فشل لاعبو خط الدفاع في منعها، وفشل عصام الحضري حارس المرمى في التصدي لها، لتسكن الشباك، ورغم المحاولات المصرية على مدار ما تبقى من أوقات المباراة، إلا أن النتيجة لم تتغير، لينجح رابح سعدان في قيادة منتخب بلاده للمونديال الإفريقي على حساب حسن شحاتة المدير الفني للجيل الذهبي للفراعنة.
وعلى مستوى الأسماء، خاض منتخب مصر المباراة بتشكيل ضم، عصام الحضري، وائل جمعة، هاني سعيد، عبد الظاهر السقا، أحمد المحمدي، سيد معوض، أحمد فتحي، أحمد حسن، محمد أبو تريكة، عماد متعب، عمرو ذكي، والبدلاء هم، حسني عبد ربه وأحمد عيد عبد الملك، ومحمد زيدان.
مصر والجزائر 2009
فيما جاء تشكيل منتخب الجزائر ليضم، فوزي شاوشي، عنتر بن يحيي، مجيد بوقرة، رفيق حليش، نادر بلحاج، حسن يبدة، يزيد منصوري، مراد مغني، كريم زياني، رفيق صايفي، عبد القادر غزال، والبدلاء هم، كريم مطمور، سمير زاوي، كامل غيلاس.
وبعد انتهاء المرحلة الثالثة من التصفيات، بتأهل الجزائر لمونديال جنوب إفريقيا 2010، ترشح محاربو الصحراء ومصر وزامبيا عن المجموعة الثالثة للمشاركة في بطولة كأس أمم إفريقيا 2010 والتي استضافتها أنجولا في يناير من نفس العام، وقتها حقق الفراعنة الكأس واللقب السابع تاريخيًا والثالث على التوالي.