أصبح وعد بلفور الحبر الذى قلب التاريخ، وهدد حياة الشعب الفلسطيني كاملَا, و يعتبر واحدًا من أهم الأحداث التي مهدت للوجود الصهيوني في فلسطين على النحو الذى جرى منذ تقسيم فلسطين ومرورًا بحرب 48 وغيرها من الأحداث التي تلت ذلك مثل نكسة 67 وحتى الأحداث الجارية في الوقت الحالي في قطاع غزة ومن العجيب أن يكون حدثًا واحدًا ممهدًا لكل هذه الآلام التي شهدتها فلسطين وحولتها إلى أرض محتلة.
وأتى وعد بلفور بعد إعلان المملكة المتحدة الحرب على الدولة العثمانية في نوفمبر 1914، وبدأ مجلس وزراء الحرب البريطانيّ في النظر في مستقبل فلسطين. وبحلول آواخر 1917، قبيل إعلان بلفور، ووصولها في الحرب العالميّة الأولى إلى طريق مسدود، إذ لم تشارك حليفتا بريطانيا بالحرب بشكل كامل، فالولايات المتحدة لم تعاني من ضرر كبير بسبب الحرب، وكان الروس في خضمّ ثورة 1917. كُسرت حالة الجمود جنوب فلسطين بقيام معركة بئر السبع في 31 أكتوبر/تشرين الأول عام 1917.
ففي 2 نوفمبر من عام 1917 أرسل بلفور رسالته إلى اللورد روتشيلد الصهيوني المعروف وصديق حاييم وايزمان قائلًا: "إن حكومة جلالة الملك تؤيد إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين".
وكان تأثير وعد بلفور على مسار أحداث ما بعد الحرب فوريًا فوفقًا لنظام "الانتداب" الذي أنشأته معاهدة فرساي لعام 1919 عُهد إلى بريطانيا بإدارة فلسطين على أساس أنها ستعمل فيها نيابة عن سكانها العرب.
ومثلت الكلمات الأولى في نص الوعد، أول تعبير عام عن دعم قوة سياسية كبيرة للصهيونية. لم يكن لمصطلح "وطن قومي" (وَرد في نص الإعلان باللغة الإنجليزيّة national home) أي سابقة في القانون الدولي، وقد أُورد المصطلح غامضاً عمداً دون الإشارة إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين. كما لم يتم تحديد حدود فلسطين المعنيّة، وقد أكَّدت الحكومة البريطانيّة أن عبارة "في فلسطين" تشير إلى أن الوطني القومي اليهودي المُشار إليه لم يُقصد أن يُغطي كلَّ فلسطين. أُضيف الجزء الثاني من الوعد لإرضاء المعارضين لهذه السياسة، ممن ادعَوا أن هذا الإعلان سيضر بوضع السكان المحليِّين لفلسطين وسيشجع معاداة السامية الموجهة ضد اليهود في جميع أنحاء العالم.
وأصبح لهذا الوعد آثار طويلة الأمد كثيرة. فقد زاد هذا الوعد من الدعم الشعبيّ للصهيونيّة في أوساط المجتمعات اليهوديّة في أنحاء العالم، وقاد إلى قيام فلسطين الانتدابية، وهو المصطلح الذي يشير حالياً إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية. ونتيجة لذلك، فقد تسبَّب هذا الوعد بقيام الصراع العربي الإسرائيلي، الذي يُشار إليه غالباً بأكثر صراعات العالم تعقيداً. ولا يزال الجدال فيما يخصّ الوعد قائماً في كثير من النواحي، مثلاً الجدال فيما إذا كان الوعد يتعارض مع الوعود السابقة التي قطعها البريطانيُّون لشريف مكة خلال مراسلات الحسين – مكماهون.
كما دعا الإعلان إلى حماية الحقوق المدنيّة والدينيّة للعرب الفلسطينيِّين، والذين كانوا يشكلون الأغلبية العُظمى من السكان المحليِّين لفلسطين آنذاك. وقالت الحكومة البريطانيّة عام 1939 إنه كان من المفترض أخذ آراء السكان المحليين بعين الاعتبار، واعترفت عام 2017 كان ينبغي أن يدعو الإعلان لحماية الحقوق السياسيّة للعرب الفلسطينيِّين في ردها على الحملة الدولية التى أطلقها مركز العودة الفلسطيني في لندن لمطالبة الحكومة البريطانية الاعتذار عن وعد بلفور.