بلغت شفيقة القبطية من المجد والشهرة ما لم تصل إليه راقصة أخرى، وكانت حياتها مليئة بالطرائف والمغامرات، بدأ الفن يجتذب قلب "شفيقة" عندما شاهدت الراقصة أسمها "شوق" وفي فترة إستراحة تلك الراقصة كانت الفتيات المدعوات يرقصن مشاركة للأسرة في فرحتها بزواج أحد أبنائها.
من بين الفتيات التي رقصن كانت "شفيقة" التي بمجرد أن رقصت حتى اقتربت منها "شوق" وطلبت منها أن تعلمها الرقص، وقبل أن ترد جذبتها والدتها من يدها إذ كانت مهنة الرقص في تلك الفترة عيبا من وجهة نظر بعض الأسر العريقة.
كانت "شوق" أول راقصة استطاعت ان تجعل لنفسها مكانة بين العائلات الكبيرة وهي الراقصة الوحيدة التي يسمح لها أن ترقص في الحفلات التي يقيمها الخديو، وشعرت "شفيقة" يومها انها محظوظة حين أظهرت لها هذا الإعجاب والتشجيع، بدأت "شفيقة" تترد على بيت "شوق" بشارع محمد علي ولقنتها الدروس الأولى في الرقص وسط معارضة أسرتها التي جن جنونها عندما علمت أن إبنتها تمتهن الرقص وأحيت حفلا في إحدى الموالد في الوجه البحري، وفي النهاية تبرأت منها عائلتها.
عادت إلي القاهرة وعملت مع أستاذتها "شوق" في الأفراح الكبرى وبعد 6 أشهر ماتت "شوق" وخلت الساحة لـ"شفيقة" التي ذاع صيتها في فترة قصيرة ولمع أسمها وباتت الأسر الكبيرة تتباهى بأن شفيقة القبطية أحيت لها أفراحها، وسرت شهرتها إلي أصحاب الملاهي الكبرى وعرضوا عليها العمل لديهم وبدأ يغرونها بالأجور الضخمة، حتى أستطاع ملهي "الأندرادو" في التعاقد معها.
بدأت الثروة تتدفق إليها والتف حولها عشرات من المعجبين الأثرياء وتوافد لمشاهدتها كبار الاتجانب الذين نقلوا اسمها وشهرتها إلي خارج البلاد وأصبح الملهى الذي ترقص فيه أشبه بخلية النحل، وكانت "شفيقة" بمجرد أن تصعد على خشبة المسرح وتبدأ في الرقص حتى تلقى تحت تتناثر تحت أقدامها الجنيهات الذهبية تحية من العشاق والمعجبين وكان ثلاثة من الخدم يجمعون هذه الجنيهات ويقدمونها لها بعد إنتهاء وصلة الرقص، وقيل أن أحدهم كانت يحتفظ لنفسه كل ليلة ببعض الجنيهات فاستطاع في فترة قصيرة أن يجمع ثروة أشترى بها عقارات في شبرا وأعتزل الخدمة عند "شفيقة".
كان من أشهر معجبين شفيقة أثنان من الأغنياء أحدهم أنفق في سبيل إرضائها مئات الألوف من الجنيهات حتى فقد ثروته عن أخرها دون ان يظفر من شفيقة باكثر من لمس يدها، بينما الثاني كان دخله في اليوم لا يقل عن 300 جنيه ذهبي، وبلغ إعجابه بشفيقة إلي حد أنه كان يأمر بفتح زجاجات "الشامبانيا" للخيل التي تجر عربة "شفيقة".