تحمل أفلامه حواديت من قلب الشارع، وينقل أدق تفاصيل حياة أبطاله لتتجسد أمامك على الشاشة، من بطله "فارس" في "الحريف" لاعب الكرة الشراب الذي يقع ضحية "رزق" سمسار المباريات التي تقام في أسفل الكوبري وبالساحات الشعبية أسفل الكوبري، ويطوف مع بطله المصور "شمس" في شوارع القاهرة بدراجته البخارية وهو يبحث عن الحقيقة في "ضربة شمس"، بينما يهرب مع بطله "عطية" من ضجيج المدينة وزحامها الذي لا يهدأ إلي جنة الريف في "خرج ولم يعد"، هو "حريف السينما" وواحد من رواد "الواقعية الجديدة" المخلص لشخصياته والمنحاز للمهمشين المخرج محمد خان.
ولد محمد خان في 26 أكتوبر 1942 بحي السكاكيني بالقاهرة لأب باكستاني وأم مصرية، سافر إلي إنجلترا لدراسة الهندسة المعمارية في 1956، وأحب السينما من صديق سويسري كان يدرس السينما التي قرر دراستها، وبعد عودته للقاهرة التحق بشركة إنتاج سينمائي تحت إشراف المخرج صلاح أبو سيف في قسم السيناريو، ثم سافر إلي لبنان وهناك عمل مساعد مخرج وبعدها سافر إلى لندن وفي 1977 قرر العودة إلى مصر ليبدأ رحلته.
كان أول أفلامه "ضربة شمس" 1978 مع نور الشريف وحقق نجاح كبير وكان الفيلم النواة الأولى لأفلام الحركة "الأكشن" بعد أن طاف بكاميرته شوارع القاهرة وفتح الباب أمام صناع الأفلام للنزول بالكاميرا إلي الشارع.
تضاعف النجاح مع فيلمه الثاني "موعد على العشاء" 1982 بطولة سعاد حسني وأحمد زكي وحسين فهمي، وكأنه يرسم به لوحة فنية خاصة في المشهد الأخير عندما شاركت "نوال" زوجها الأكل المسموم وباتت جملتها "لا أنا ولا أنت نستحق نعيش يا عزت" هي الأشهر من بين أحداث الفيلم.
اختاره أحمد زكي وهو بداية مشواره وجعله بطلا في ثالث أفلامه "طائر على الطريق" ورصد من خلاله قصة سائق السيارة "البيجو" الذي يهوى سباق سائقي الشاحنات على طريق الأقاليم وكأنه طائر يريد أن ينجو بحلمه ولكنه يموت على الطريق دون أن يحقق أي شىء يذكر من أحلامه.
عاد لأفلام الحركة وقدم فيلمه الرابع "نص أرنب" 1983 بطولة يحيى الفخراني ومحمود عبد العزيز وسعيد صالح، ونقل مشاهد مطاردة في أفلام لا تقل عن أفلام موجة السينما الفرنسية.
بان النجاح يطارده وقدم واحد من أجمل أفلامه "خرج ولم يعد" 1984، وصنع لوحة فنية من الطبيعة وجعلك تتعاطف مع أبطاله "خوخة وعطية" وتحب الأكل الذي يعده الإقطاعي "كمال بك" على مائدته وأعتبر "خان" أن الأكل كان بمثابة بطلا شريكا في الفيلم.
لم يتوقف إبداعه في "الحريف"1984 ويجعلك تعيش مع بطله "فارس" عادل إمام الحالم بالشهرة ولاعب كرة القدم الشراب في الشوارع ولكن يقع ضحية "رزق" عبد الله فرغلي سمسار المباريات الذي يتاجر بموهبته، وفي النهاية يودع حياة اللعب في أخر مباراة وهو يحتضن أبنه بجملته الشهيرة "زمن اللعب راح يا بكر".
"مشوار عمر، عودة مواطن، زوجة رجل مهم، أحلام هند وكاميليا ، سوبر ماركت، يوم حار جدا، الغرقانة، فارس المدينة، مستر كاراتيه" أفلام صنعها "خان" وباتت من علامات السينما، وفي الألفية الجديدة قدم مع أحمد زكي"أيام السادات" و"كليفتي" مع باسم سمرة و"بنات وسط البلد" مع هند صبري ومنة شلبي و"في شقة مصر الجديدة" من كتابة زوجته وسام سليمان والتي أنجب منها ابنته الوحيدة "نادين".
نحو " 7 سنوات أختفى فيها "خان" عن مشعشوقته السينما حتى عاد بـ"فتاة المصنع" بطولة ياسمين رئيس، ومع هنا شيحة وماجد الكدواني كانت النهاية مع آخر أفلامه "قبل زحمة الصيف" لتكتمل أفلامه 24 فيلمًا طويلًا من أجمل أفلام السينما وحصد بها العديد من الجوائز والتكريمات.
حصل "خان" على الجنسية المصرية في 2014 بقرار رئاسي، وبات أقرب المخرجين إلي المهمشين وقليلي الحيلة، وفي 26 يوليو 2016 كانت النهاية وتوفي بأزمة قلبية مفاجئة، رحل محمد خان وبقيت أفلامه شاهدة على حبه للسينما التي عشقها من أوصال قلبه.