لم يكن طريق ذلك الشاب النحيل مفروشا بالورد وعانى في بداية حياته وعاش سنوات من التعب قبل أن يصل إلي النجومية، وبات هو الأبرز في تاريخ الكوميديا، وصنع ضحك حقيقي وتربع على عرش قلوب جمهوره هو إسماعيل ياسين "صاحب السعادة".
جعلوه مطربا
وذاق مرارة اليتم وعاش مع زوجة والده، وعندما أقنعه صديقه أن صوته يصلح للغناء بل في مقدرته منافسة المطرب الشاب آنذاك محمد عبد الوهاب، سافر للقاهرة لكي يلتحق بمعهد الموسيقى وأخذ من جدته لوالده 6 جنيهات دون معرفتها وضاعت تلك الجنيهات في أيامه الأولى في القاهرة.
فتى مصر العاطل
لم يجد "سمعة" مأوى سوى مسجد السيدة زينب بعد أن وجد عدم استقبال له من أولاد خاله فترك لهم البيت وكان يقضى نهاره في البحث عن عمل وينام ليلا في مسجد السيدة زينب برفقة تلميذ وبلطجي هارب، وفي إحدى المرات أيقظهم خادم المسجد لصلاة الفجر بطريقة لم تعجب البلطجي فتشاجر معه وانتهى الأمر بأن تقرر إغلاق المسجد بعد صلاة العشاء، فذهب إلى مسجد "مراسينا" ليجده هناك التلميذ والبلطجي في انتظاره، ولم تمر سوى أيام حتى اتهم بسرقة "طقم شاي" فقرر العودة إلى السويس.
نام على ورق جرايد وتغطى بالصبر
لم يكن يتوقع "سمعة" عند عودته إلى السويس أن يجد والده الذي كان يمتلك محل "صائغ" يعرض بضاعته فوق "ترابيزة" في الشارع وتدهورت حالته المادية، وكان المشهد من أشد المشاهد القاسية في حياة إسماعيل ياسين، جعله يسافر مرة أخرى للقاهرة يبحث عن عمل يقي نفسه مرارة الجوع، وعمل وكيلا لمحامي مشهور واستأجر غرفة في منزل بحارة في السيدة زينب لم يكن بها أي أثاث وكان فراشه ورق جرائد ويتغطى بالصبر، وكان حلمه في أن يصبح مطربا ولكنه أيقن أنه لا يصلح للغناء فقرر أن يلقى المونولوج واشترى أول مونولوج من الملحن اللبناني عبد الغني الشيخ ومنه ذاع صيته في شارع عماد الدين.
قفز من القطر وأضاع فستان مطربة
كانت معاناة إسماعيل ياسين تغلفها الكوميديا أحيانا ففي سنة 1929 ذهب مع مطربة من الدرجة الثانية لإقامة حفلة في بلبيس، وكانت الليلة ممطرة وعلى الفرقة أن تستقل القطار الذي يعود في الثالثة صباحا، وحدث أن تلطخ فستان المطربة بالطين وعندما ركبت القطار خلعت فستانها وأعطته له لكي يغسله في دورة مياه القطار وبعد أن غسله أمسكه بيديه وأخرجه من شباك القطار ليجففه الهواء، ومن حظه أن تصادف مرور قطار آخر بسرعة فارتعشت يديه وسقط الفستان من القطار وخشى إسماعيل ياسين على نفسه من غضب المطربة ولم يفتح باب الحمام حتى وصل القطار إلى محطة مصر وقفز من النافذة.
بداية الشهرة
بعد واقعة فستان المطربة التي أضاعه في القطار لم يسافر مرة أخرى إلى الريف وفي نفس العام 1929 نظرت له الدينا بنظرة رضا وقدم دور صغير في فيلم "علي بابا والأربعين حرامي" مع علي الكسار وكان أجره في الفيلم 15 جنيها، وتزوج من مونولوجست وطلقها بعد أسبوع لأنه لم يكن يمتلك سوى 6 قروش وبدى من أن تشتري بهما طعام اشترت كتابا في التدبير المنزلي، أما الثانية هي والدة "ياسين" وعلمته كيف يعيش وجعلته يرسل لوالده مبلغ كل أول شهر.
صداقته مع الإبياري
عمل منولوجست في كازينو بديعة مصابني ونافس سيد سليمان المنولجست الشهير وتعرف على رفيق دربه أبو السعود الإبياري، وفتحت له السينما ذراعيها بعد أن شارك في أفلام علي الكسار، ونال البطولة المطلقة من فيلم "الناصح" وتوالت أفلامه بغزارة أشهرها "ابن حميدو، الآنسة حنفي، العتبة الخضرا" لدرجة أنه كان يقدم في السنة الواحدة 15 فيلما، وكون فرقة تحمل اسمه مع "الإبياري" قدمت نحو 50 مسرحية في 12 عاما هي عمر الفرقة قبل أن تحل.
أفلام بـ اسمه
استقبلته الساحة الفنية بعد وفاة "الريحاني" وتوقف "الكسار" وحملت اسمه سلسة أفلام بدأها مع المخرج فطين عبد الوهاب أولها "إسماعيل ياسين في الجيش" وحضر العرض الخاص الرئيس جمال عبد الناصر في سينما ديانا، ووصل رصيده الفني إلى 450 فيلم أضحك بها الملايين في مصر والوطن العربي.
"التعب" منه وإليه يعود
غرق في نعيم الشهرة سنوات حتى أدارت له الدنيا ظهرها مرة أخرى، واضطر إلي حل الفرقة بعد أن تراكمت عليه الديون وكأنه قد وقع عقد احتكار مع التعب والشقاء وفي آخر حياته قدم أدوار صغيرة في أفلام لبنان لا تليق بتاريخه كما بدأ في بداية مشواره.