يمتلك ملامح مصرية خالصة، وجه أسمر بلون طمي النيل وشعر فوضوي لا يعرف الهزيمة، جاء قادما من بلاد الذهب لا يملك سوى موهبته، كان حلمه أن يملأ صوته كل مكان، ظهر في زمن يعج بالموهوبين ولكنه خلق لنفسه لون غنائي يعبر به عن هويته ونفسه، لم يكن حلمه ببعيد ووجد الشهرة تنتظره، يقف على المسرح يمسك بيده الميكروفون بينما الأخرى يؤدي بها حركات لا يجيده غيره، لا يعرف يقف ساكنا على أرضية المسرح كأنه طائر يحلق في السماء ويتباهى بحريته، صنع أغاني خاصة به جعلت منه واحد من أبرز المطربين في مصر والوطن العربي، وصاحب شعبية تليق بموهبته هو "الكينج" محمد منير.
ولد محمد منير أبا يزيد جبريل، في 10 أكتوبر 1954 عاش سنوات طفولته في أسوان وفي مطلع السبعينيات هاجر مع أسرته للقاهرة بعد غرق قرى النوبة تحت مياه بحيرة ناصر، درس في كلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان في قسم الفوتوغرافيا والسينما والتليفزيون.
أدرك "منير" قوة صوته وساعده شقيقه "فاروق" في بداية مشواره بدعم من الشاعر النوبي زكي مراد الذي شعر بموهبته وأعجب بصوته وطلب "مراد" من الشاعر عبد الرحيم منصور أن يستمع له وكتب له "بنتولد" 1978 وكان الألبوم الأول مع الموسيقار هاني شنودة وفرقة المصريين.
تعرف "منير" على الخال أحمد منيب عن طريق عبد الرحيم منصور وتولى تدريبه على أداء ألحانه وكانت الإنطلاقة من ألبوم "علموني عينيكي" وخلال مشوار محمد منير لحّن له "منيب" 10 ألبومات تضمنت 43 أغنية صنع منها "منير" أسطورته وغنى العديد من الأغاني التي حققت نجاح مدوي أبرزها "حواديت، يا إسكندرية، اتكلمي، حدوتة مصرية، الليلة يا سمرا، أم الضفاير، افتح قلبك، يا مراكبي، في دايرة الرحلة، قول للغريب".
باتت أغاني "منير" تحمل كلمات عميقة بموسيقى ممزوجة بالسلم الخماسي النوبي والجاز، بينما لهجة محمد منير مزيج بين الأسوانية والقاهرية لا تفرق بين الطبقات يغني للمهمشين والمثقفين والصفوة، من "يا أهل العرب والطرب" و"ممكن" مرورا بـ"قلبي مساكن شعبية" حتى أخر أغانيه "للي".
كانت أغاني محمد منير تجلب البهجة "اتكلمي، مشوار، أسامينا، افتح قلبك، من أول لمسة، شبابيك، في عشق البنات، حواديت" جعلته يقتنص لقب "الكينج" دون منافس، ودخل السينما من "المصير" ليكون أولى أفلامه مع يوسف شاهين وتوالت الأفلام " حدوتة مصرية، اليوم السادس"، بينما تألق ممثلا في "الطوق والأسورة، يوم مر ويوم حلو".
كان للتلفزيون حظ من موهبة محمد منير وقدم له 3 مسلسلات "جمهورية زفتى، علي عليوة" وقدم مشوار حياته ولحظات الفرح والإنكسار في "المغني" بينما ارتبط الكبار والصغار بصوته على مدار سنوات حينما غنى تتر مسلسل الكارتون "بكار" الذي كان حاضرا بقوة على المائدة الرمضانية، وقدم للمسرح عدة أعمال مسرحية أبرزها "الملك هو الملك" مع صلاح السعدني وفايزة كمال، و "مساء الخير يا مصر، ملك الشحاتين".
مشوار طويل لم يخلو من الجوائز أبرزها جائزة عن دوره في فيلم "دنيا" وجائزة أفضل مطرب في مسابقة "الميوزك أوارد الشرق الأوسط" والجائزة البلاتينية لأحسن مطرب مصري وعربي من ألمانيا، وتكريم في مهرجان الموسيقى العربية بدار الأوبرا المصرية.
رحلة طويلة جعلت من محمد منير "حدوتة مصرية" ويحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ 68 ويبقى غناه يملأ الدنيا كما تمنى في بداية مشواره ويبقى "منير" يغني "علي صوتك بالغنا لسه الأغاني ممكنة" بينما يردد خلفه محبيه"غنوتك وسط الجموع تهز قلب الليل فرح وتداوي جرح اللي انجرح".