مشروع الرقم القومي للعقارات.. فوائد كبيرة للمواطنين وتحديات التنفيذ

الاثنين 28 اغسطس 2023 | 11:13 صباحاً
ارشفية
ارشفية
كتب : عامر عبدالرحمن

خبير تنمية محلية: حجم الثروة العقارية في مصر يصل إلى 700 مليار جنيه

برلماني: رقمنة العقارات تساعد في وجود بيانات رسمية للعقارات وتعداد سكاني منضبط

عضو لجنة الإسكان بالبرلمان: لن نسمح بتحميل المواطنين أي أعباء ورسوم مالية

تشهد مصر طفرة حقيقية وغير مسبوقة في مجال البناء والتشييد، حيث تنتهج الدولة مسارًا جديدًا يليق بثروتها العقارية القائمة علي قواعد علمية تقضّى على حالة العشوائيات التي سادت لسنوات طويلة علي المشهد الميداني، حيث بدأت الجهود من خلال توجهات الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية بصياغة منظومة جديدة للبناء بمعايير جديدة للتراخيص والأنشطة والارتفاعات العمرانية ونسب البناء.

واستكمالًا لإرساء دعائم منظومة بناء قوية، اطلقت الحكومة مشروع الرقم القومي الموحد للعقارات بهدف جمع بيانات دقيقة تتضمن تاريخ البناء وتراخيص البناء وتسجيل جميع التصرفات المتعلقة بهذه العقارات، مثل البيع والإيجار وأعمال الترميم والصيانة، ويتوقع أن يحقق هذا المشروع العديد من العوائد الاقتصادية التي تساهم في نجاح خطة التنمية المستدامة لمصر وفقًا لرؤية مصر 2030.

ويعتبر هذا المشروع جزءً من استراتيجية أوسع تهدف إلى تحقيق التحول الرقمي وتطوير البنية التحتية في مصر، من خلال توفير بيانات دقيقة وشاملة حول العقارات، يمكن للحكومة من خلالها اتخاذ قرارات أفضل في تنظيم النظام العمراني وتوجيه الاستثمارات بشكل فعال، كما يعزز هذا المشروع الثقة في السوق العقارية ويحمي حقوق المتعاملين ويسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

ففي هذا الشأن تستعرض "بلدنا اليوم" آراء المسئولين والخبراء:

في البداية يقول الدكتور حمدي عرفة خبير الإدارة بالتنمية المحلية، إن مشروع القانون يصب في صالح المواطن من خلال تقديم الخدمات من توصيل مياه أو كهرباء أو الرغبة في إزالة عقار او زيادة في تعلية بعض الأدوار أو جميع الخدمات الخاصة باتحاد الشغالين، كما يتيح لأصحاب العقارات التعامل مع كافة وزارات الدولة.

وأضاف، أنه سيعمل علي توفير قاعدة من المعلومات والبيانات للحكومة تكشف لها من تقدم للمصالحات علي مخالفات البناء وتحديد العشوائيات الخطرة من الأمنة، وهذا اقتصاد غير رسمي لم يتم ضمه علي مدار الأربعين عام الماضية، ووفقًا للجهاز المركز للتعبئة العامة والإ حصاء هناك 16 مليون وحدة عقارية، مقسمين ما بين 11 مليون في المدن بواقع 274 مدينة في كافة المحافظات، وهناك 5 مليون بالقري تقدر بـ 4726 قرية و30000 عزبة.

عدد الوحدات الشاغرة يصل إلى 2 مليون عقار

وفي سياق متصل، وخلال الـ 14 عامًا السابقة،  تم زيادة البناء للعقارات بواقع 45٪ ما بين القطاع الحكومي والأهالي والقطاع الخاص، وأن عدد الوحدات الشاغرة يصل إلى 2 مليون عقار، منهم 364 الف عقار مغلق، وأكثر من 600000 ألف شقة تحت التشطيب، وهذا اقتصاد غير رسمي وفقا لإحصائيات جهاز التفتيش علي البناء لعام 2013، ولكن لا يوجد بيانات أو إحصائيات جديدة حتى هذه اللحظة.

وتابع: حجم الثروة العقارية في مصر من سبع سنوات سابقة وصل إلى 350 مليار جنيه، فلو تحدثنا اليوم عن الضعف، أي ما يعادل 700 مليار جنيه، مشيرًا لوجود 3.473000 مليون عقار مخالف و1.900000 مليون حاله تعدي علي الأراضي الزراعية وفقًا للإحصائيات الحكومية خلال الـ9 سنوات السابقة فقط.

ونوه الخبير الإداري، إلى عده تحديات ممكن أن تواجه القانون، كآليات التنفيذ للدولة والتي لم تعلن أو يتحدث أحد المسئولين عنها، وعدم وجود رؤية واضحة لمشروع القانون، وحتى هذه اللحظة لم نسمع أو نشاهد أي تصريح من مسئول يتحدث عن كيفية تنفيذ هذا القانون.

وأوضح حمدي عرفة، قبل البدء في تنفيذ القانون نحن في حاجة إلى بنية تشريعية من خلال تعديل قانون التصالح علي البناء المخالف من قبل الحكومة، لأن العلاقة بين المواطن والحكومة تبدأ من القانون، وكذلك توافر بنيه تحتية تكنولوجية، لأننا نواجه نقص تكنولوجي في العديد من المراكز والقري بكافة المحافظات، بالإضافة إلى نقص الخبرات التكنولوجية عند موظفين الإدارات المحلية البالغ عددهم 320000 مليون، فهذا عبء كبير جدًا وسيستغرق وقت كبير جدًا لإدخال التكنولوجيا وتدريب العاملين بها.

واستطرد: وكذلك في حاجة إلى التنسيق التام بالوزارات المعنية كالاتصالات والإسكان والتنمية المحلية،

وأن الرقم الموحد لا يقتصر علي العقارات فقط، ولكن يتضمن الأكشاك والمحلات والمولات التجارية المنفردة والمباني الحكومية، وأيضًا الخيم البدوية في سيناء ومطروح.

وأشار إلى أن الرقم القومي للعقارات يسمح للحكومة بالتعرف علي الكثافة السكانية الموجودة في كل منطقة أو مدينة، وبناءً عليه يتم تحديد الخدمات المناسبة لتغطية هذه الكثافة من صرف صحي وكهرباء ومياه وغاز طبيعي ومنظومه الخبز المدعم والتموين وكذلك تحديد عدد المدارس والمستشفيات اللازمة لاحتواء عدد السكان داخل كل منطقة أو مدينة، وفكرة هذا المشروع مطبقة في دول الخارج كبريطانيا وأمريكا والإمارات وغيرهم، وأننا تأخرنا كثيرًا في هذا الملف بسبب إهمال ملفات الإدارة المحلية على المستوي القانوني والمالي والإداري علي مدار السنوات الماضية.

القانون سيضم اقتصاد موازي للعقارات

ومن جانبه، يري النائب عمرو درويش أمين سر لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أن مسألة تسجيل العقارات بأرقام قومية هي موضوع ذو أهمية قصوى، وأن هذا الإجراء هو بداية قوية نحو التوجه نحو التحول الرقمي وحوكمة الثروة العقارية في مصر، بعد عدم توافر معلومات حقيقية للعقارات لسنوات طويلة، وكانت هناك حالة من العشوائية والبناء غير القانوني، ولا يوجد خريطة واضحة للعقارات داخل المحافظات.

وأضاف درويش، أن هذا القانون سوف يعمل علي ضبط المنظومة العمرانية، فيصبح لكل عقار ملف متكامل يوضح حالة العقار من خدمات واحتياجاته المختلفة، فهو سيضم اقتصاد موازي للعقارات سيساعد في إنشاء البنية التحتية والمشاريع الاستثمارية، فرقمنة العقارات تساعد في التسهيل والتيسير علي الدولة من وجود خريطة واضحة للعمران في مصر ويساعد أيضًا في التعبئة والإحصاء ووجود أرقام سليمة وتعداد سكاني منضبط.

وطالب البرلماني، بضرورة التركيز في البداية على تنظيم النظام العمراني، وعدم الالتفات إلى حجم العائد الاقتصادي المتوقع من هذا القانون، وبخصوص الرسوم، فاللوائح التنفيذية والداخلية التي ستصدر لاحقًا، هي من تقرر إذا كانت هناك رسوم أو لا، ويؤكد أن الأهم في الوقت الحالي هو أن هذا القانون سيساعد في تنظيم النظام العمراني في مصر وتحديد الثروة العقارية بشكل كامل.

غير منطقي وبعيد عن الواقع

بينما أكد النائب إيهاب منصور، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن تسجيل العقارات بأرقام أمر بالغ الأهمية، على الرغم من تأخر الحكومة في اتخاذ قرار بهذا الشأن، ويشدد على أهمية تحقيق التنسيق بين الجهات المعنية، نظرًا لاحتمالية وجود تداخل جزئي مع وزارة الزراعة، لضمان تفعيل الاستفادة من الرقم القومي المراد تفعيله. ويرى أنه يجب على الحكومة، قبل التنفيذ، تنظيم القانون بشكل جيد لتفادي تكرار سيناريو فشل قانون البناء الموحد.

وتابع: يجب وضع آلية لترقيم العقارات وتخصيص الرقم القومي من خلال تسلسل منتظم للأرقام، لتفادي حدوث تداخل واختلاف بين العقارات في المناطق ذاتها، وعبر عن قلقه الدائم بشأن آليات تنفيذ الحكومة للقوانين، ويؤكد أهمية إجراء تحصين دقيق من خلال جهاز التعبئة للإحصاء.

كما اعتبر عضو لجنة الإسكان، أن البيان الصادر عن مجلس الوزراء بشأن تنفيذ وتطبيق المشروع خلال 6 أشهر، غير منطقي وبعيد عن الواقع، حيث إن المدة غير كافية لإجراء إحصاء صحيح ودقيق للعقارات علي مستوي الجمهورية، ومن جانبه يرفض تحميل المواطنين أي أعباء إضافية من خلال فرض رسوم مالية، ويشك في المراد بالمخاطبين بهذا القانون، حيث يعتقد أن المواطنين ليسوا من بين المخاطبين به، وأن المواطن يعاني بالفعل من الأعباء خلال هذه الفترة.

وضرب مثالًا على ذلك، بفرض رسوم ضخمة على العقارات المؤجرة بناءً على قانون الإيجار القديم، فإذا كان ما يحصله صاحب العقار شهريًا كقيمة إيجارية لا يكفي لسداد فواتير المرافق، فإذا طالبنا برسوم إضافية من أين سيوفر ذلك؟، فضلًا عن ترك العديد من المستاجرين للوحدات وغلقها ،ويعتبر هذا تحديًا يجب معالجته ،فهذا المشروع فرصة لإجراء إحصاءات رسمية لأنواع الوحدات السكنية وتحديد الوحدات ذات الإيجار القديم والحديث والوحدات المشغولة والمغلقة، سواء كانت سكنية أو تجارية، ويعتقد أن ذلك سيسهم في اتخاذ إجراءات وقرارات تعود بالفائدة على الدولة.

صعوبات اقتصادية

وقال الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، إن ملف تسجيل العقارات يُعد أحد الملفات الأكثر أهمية التي يجب على الحكومة تنفيذها بسرعة، نظرًا لأهميتها الاقتصادية القصوى في التغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة التي نواجهها في الوقت الحالي، حيث يرى أن تسجيل العقارات سيسهم في القضاء على الاقتصاد الموازي والحفاظ على حقوق المتعاملين في الوحدات العقارية، ولذلك، يتطلب توفير سجل مستدام للوحدات العقارية وإجراءات ملكية ميسرة لتسهيل عمليات التداول العقاري.

وأضاف "بدرة" , أن ذلك سيساهم في المنفعة العامة من خلال زيادة الموارد المالية لخزينة الدولة من جمع الضرائب العقارية والتأمينات ورسوم التراخيص وتوصيل المرافق، ومن الصعب تقدير حجم العائد الاقتصادي الناتج عن تنفيذ مشروع قانون الرقم القومي الموحد للعقارات، حيث يعتمد ذلك على تسهيل الإجراءات القانونية والتسهيلات المقدمة لتسجيل ونقل الملكية، وإذا تم تحقيق ذلك، فإنه سيوفر الكثير من الموارد المالية لخزينة الدولة.

اقرأ أيضا