تشهد القارة الأفريقية صراعًا بين الغرب وروسيا ازدادت حدته، بعد قمة مجموعة الإيكواس الأخيرة التي طالبت بتفعيل القوة الاحتياطية للمجموعة بشكل فوري، وإغلاق الحدود وحظر السفر وتجميد الأصول ضد انقلابيي النيجر الذين يعرقلون استعادة النظام الدستوري بالبلاد.
وأكد دبلوماسيون على هامش حوارهم لـ «بلدنا اليوم»، أن نجاح انقلاب النيجر يعزز التوغل الروسي في القارة الأفريقية، ويمثل ضربة قوية للدول الغربية بعد خسارة مالي وبوركينا فاسو وتشاد، مشيرين أن الرئيس الروسي يعمل على تعزيز علاقته مع القارة السمراء من خلال القمة الروسية الأفريقية والتعاون العسكري، ما يشير إلى اندلاع صراع محتمل بين الغرب وروسيا داخل نيجريا.
وقال الدكتور على أحمد جاد، مدير المركز الإفريقي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، إن موريتانيا انسحبت من قمة مجموعة الإيكواس الأخيرة التي جمعت 15 دولة من غرب أفريقيا، لذلك فإن أى نتائج لاجتماع القمة فقد ولد ميتًا.
مدير المركز الإفريقي: اجتماع الإيكواس ولد ميتًا
وأضاف مدير المركز الإفريقي للبحوث والدراسات الاستراتيجية في تصريحات خاصة لـ «بلدنا اليوم» أن هناك حالة انقسام داخل المجموعة حيث رفضت كل من، مالي وبوركينا فاسو أي تدخل في النيجر بل ذهبوا إلى أكثر من ذلك واعتبروا أن أى تدخل في النيجر سوف يواجهه بالقوة، كما رفضت ذلك الجزائر بثقلها السياسي والعسكرى.
وأشار الدكتور على أحمد إلى أن نيجيريا ورئيسها تتزعم موقف التدخل العسكري إلا أن البرلمان النيجيري لم يصادق على طلبه بإرسال قوات خارج البلاد، مما دفع الجميع إلى أن يكون الناتج الأساسي للقمة هو مواصلة الحوار مع القادة العسكريين في النيجر، مع ترك كل الخيارات مفتوحة.
السفيرة منى عمر: انقلاب النيجر يهدد استقرار العديد من دول أفريقيا
وقالت السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية السابق للشئون الإفريقية، إن الأحداث التي تشهدها النيجر خلال الفترة الحالية خطيرة، نظرًا لموقع النيجر الجغرافي الذي يمثل تهديدًا لاستقرار لعدد من الدول الأفريقية الكبرى المجاورة لها.
وأضافت مساعد وزير الخارجية السابق للشئون الإفريقية في تصريحات خاصة لـ «بلدنا اليوم» أن حالة هشاشة النظام الأمني في النيجر بعد الانقلاب أدى إلى ظهور نشاط من الحركات الإرهابية التي تستغل ضعف الأنظمة القائمة لتنفيذ العمليات الإرهابية التي شهدتها النيجر خلال الفترة الماضية.
وأكدت السفيرة منى عمر، أن عقوبات الإيكواس والدول الغربية الاقتصادية على النيجر، ستتسبب في معاناة كبيرة للشعب في توفير المواد الأسياسية من الغذاء والأدوية ولا سيما أن نيامي ضعيفة اقتصاديًا.
وأشارت إلى أن الأوضاع في غرب أفريقيا متدهورة سواء في مالي أو بوركينا فاسو ، ونيجيريا، والسنغال، مؤكدًة أن بوادر التوتر الموجودة تنبأ بعدم استقرار في منطقة غنية جدًا بالموارد بأفريقيا.
وأكدت عمر أن تردي الأوضاع الداخلية للعديد من البلاد الأفريقية هى المحرك وراء سلسلة الانقلاب التي حدثت بالقارة السمراء خلال 3 سنوات الماضية، مشيرًا إلى أن روسيا بعيدة عن اندلاع انقلاب النيجير، داعية إلى احتواء سريع للموقف.
وحول تدخل فرنسا العسكري في النيجر، أكدت أن باريس لن تدخل بالقوة لإنهاء الصراع في النيجر، مشيرًة إلى أن التواجد العسكري الفرنسي بالنيجر يلتزم بحماية المصالح الفرنسية وتأمين مناطق استخراج اليورانيوم.
وأشار إلى أن دور مصر يتلخص في إجراء حوار مع الزعماء الأفارقة من خلال الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيكواس الاقتصادية للتوصل إلى رأي موحد داخل القارة الأفريقية.
الأمين العام المساعد للبرلمان العربي: أوضاع النيجر مرشحة لصراع دولي محتمل
وبدوره، أوضح السفير طلعت حامد، الأمين العام المساعد للبرلمان العربي، أن الوضع في النيجر معقد جدًا، ولا سيما بعد دعوة القيادات الانقلابية لقوات فجنر الروسية لمواجهة التدخل العسكري المحتمل سواء من دول الإيكواس أو فرنسا وأمريكا.
وأضاف حامد في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن الأحداث ستخرج عن السيطرة في حال تدخل قوات فاجنر الروسية، ويتحول إلى صراع غربي روسي على داخل أراضي النيجر.
وأشار الأمين العام المساعد للبرلمان العربي، أن روسيا تخطط إلى التوغل في القارة الأفريقية من خلال مشروعات القمة الروسية الأفريقية التي قررت موسكو عقدها بشكل مستمر، لافتًا إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين يحاول التودد إلى قادة الدول الأفريقية من خلال تقديم الحبوب المجانية، وإقامة المشروعات، وضخ الاستثمارات الجديدة.
وأكد السفير طلعت حامد، أن روسيا بدأت تتجة بقوة إلى أفريقيا بعد الحرب الروسية الأوكرانية، والعزلة الدولية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية إلى روسيا لتراجع عن الحرب في كييف، مشيرًا إلى أن النظام العالمي يتجه الآن إلى التعددية القطبية.
وأكد يسري عبيد الباحث السياسي في العلاقات الدولية، أن فرنسا تحاول حشد الجهود وتحريض مجموعة دول غرب أفريقيا " الإيكواس" على التدخل عسكريًا في النيجر، لإعادة الرئيس محمد بازوم الموالي لفرنسا إلى الحكم.
وأضاف الباحث السياسي في العلاقات الدولية في تصريحات خاصة لـ «بلدنا اليوم» أن هناك طائرات عسكرية فرنسية بدأت تهبط في مطارات النيجر وساحل العاجل للمشاركة مع قوات غرب أفريقيا للتدخل في النيجر.
وأشار يسري عبيد إلى أن التدخل العسكري في النيجر يقابله بعض التحديات التي تتمثل في رفض دول الجوار مثل مالي وبوركينا فاسو والجزائر لهذا الخيار لإنهاء الصراع.
وأكد أن الأوضاع مرشحة للتطوير بنسبة كبيرة خاصة مع تحريض فرنسا لمجموعة الإيكواس على التدخل عسكريًا، بالتزامن مع تمسك قيادات الانقلاب على القضاء على الوجود الفرنسي في بلاده لتنضم النيجر إلى مالي وبوركينا فاسو وتشاد في التخلص من أثار الاستعمار الفرنسي، والقضاء على نفوذه في غرب أفريقيا.
ولفت إلى أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية من انقلاب النيجر غامض حتى الآن مع عدم اتخاذ أي إجراء عدواني ضد قيادات الانقلاب، مشيرًا أنها تراقب الوضع عن كثب مع تمسكها بعدم سحب القوات الأمريكية، والمطالبة بعودة الشرعية الدستورية.
باحث في العلاقات الدولية: 80% من شعب النيجر يؤيد الانقلاب
وقال عبيد، إن كل المعطيات التي حدثت منذ الانقلاب تشير إلى تمتع روسيا بدعم شعبي كبير في النيجر، لافتًا أن موسكو أصبح لها تواجد كبير في القاعدة الأفريقية ولاسيما بعد نجاح القمة الروسية الأفريقية التي أدت إلى زيادة النفوذ الروسي في دول غرب أفريقيا.
وأكد أن نجاح انقلاب النيجر يؤدي إلى زيادة القاعدة الروسية في أفريقيا وخاصة أن موسكو لديها علاقات قوية مع مالي وتشاد وبوركينا فاسو والجزائر، ما يدفع إلى تقليص النفوذ الغربي والأمريكي بشكل كبير ويحقق استفادة كبيرة لروسيا بعد العزلة الدولية التي تعيشها على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.
وأشار إلى أن انقلاب النيجر له تداعيات خطيرة على منطقة الساحل حيث يعمل على تغير جيواستراتيجي في هذه المنطقة التي كانت دائمًا موالية للاستعمار الفرنسي وبعد استقلال الدول ظلت حكومات هذه البلاد مرتبطة بشكل كبير بالنظام الفرنسي والغربي في وسط وغرب أفريقيا، مضيفًا أنه منذ سنوات قليلة بدأت هذه الدول التي منها مالي وتشاد وبركينا فاسو تتمرد على النفوذ الفرنسي، ورفضت أثار الاستعمار .
وأوضح ان المساعدات الفرنسية والغربية لم تنجح طول هذه السنوات في تغير واقع هذه الدول الفقير، مشيرًا إلى أن هناك نزعة استقلالية ظهرت في هذه الدول للتخلص من النفوذ الفرنسي، مرجحًا امتداد الانقلاب إلى دول أخرى في غرب أفريقيا في حال نجاح النيجر في رفض الوجود الفرنسي، مشيرًا أن فرنسا وقادة الدول الأفريقية يشعران بالقلق من المرحلة المقبلة.
وأكد أن فرنسا تجهز لعمل عسكري لإنهاء الانقلاب، وضمان عدم توسع دائرة التمرد الأفريقي على الوجود الفرنسي، مشيرًا إلى ترحيب القارة السمراء بالتوغل الروسي ولا سيما في ظل الوعود الروسية بإقامة مشروعات جديدة بأفريقيا وتصدير الحبوب مجانًا.
وأشار إلى أن انقلاب النيجر يحظى بدعم شعبي غير مسبوق، حيث أكثر من 80% من شعب النيجر تؤيد المجلس العسكري الحاكم الآن، وخلع الرئيس محمد بازوم الموالي لفرنسا والغرب، ولذلك أعلنت قيادات الانقلاب عدم التراجع.
وأكد أن قيادات الانقلاب طالبت القوات الفرنسية والغربية بالخروج من البلاد، وإنهاء كافة الاتفاقيات العسكرية معها، مرجحًا نجاح الانقلاب والإطاحة بالرئيس بازوم، وتعين حكومة مدنية لتيسر أمور البلاد.
اقرأ أيضًا| خاص| هل روسيا الأصابع الخفية وراء انقلاب النيجر؟.. دبلوماسيون يجيبون