يعد انقلاب النيجر السابع في القارة أفريقيا خلال الـ 3 سنوات الماضية، حيث قاد الجنرال عبد الرحمن تشياني، قائد الحرس الرئاسي في النيجر، الانقلاب العسكري ضد الرئيس الشرعي المنتخب محمد بازوم، وبعدها أعلن الميجور أمادو عبد الرحمن العقيد في سلاح الجو عزل بازوم، وتشكيل مجلس وطني لقيادة البلاد، بينما رفض الرئيس محمد بازوم التقدم باستقالته مما دفعهم إلى احتجازه داخل القصر الرئاسي.
وأكد دبلوماسيون على هامش حديثهم مع لـ«بلدنا اليوم» أن القارة الأفريقية تشهد صراعًا بين روسيا والغرب بعد اندلاع الحرب الأوكرانية، حيث تبحث موسكو عن بديل للقارة الأوروبية لتصدير منتجاتها والخروج من العزلة الدولية التي فرضتها أمريكا والدول الغرب من خلال العقوبات.
وعارض بعضهم فكرة أن روسيا هى الأصابع الخفية والمحرك للانقلاب، مشيرين إلى أن من يقف وراء أحداث النيجر هم مجموعة عسكرية أرادت زيادة مرتبات الجيش، ورفض الرئيس محمد بازوم دفعهم إلى الانقلاب عليه دون أي تدخل خارجي.
حليمة: قوات فاجنر لها دور بارز في الانقلاب
وقال السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشئون الأفريقية، إن منطقة الساحل تشهد اضطرابات عديدة، ومكافحة إرهاب وتطرف، كما تعاني من الفقر وضعف عملية التنمية، ما جعل الأوضاع السياسية متأزمة والأوضاع الأمنية مهتزة، وأدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية، وبالتالي تزداد سلسلة الانقلابات في هذه المنطقة وشهدت خلال 3 سنوات الماضية 7 انقلابات عسكرية.
وأضاف حليمة، في تصريحات خاصة لـ«بلدنا اليوم» أن الانقلابات العسكرية ظاهرة بدأت تنتشر في منطقة الساحل، وتأثر بلا شك في دول الجوار، مشيرًا أن ما حدث في النيجر يتسم بقدر كبير من التعقيد، وأن كان الموقف الإقليمي والدولي يدعم عودة الأوضاع الدستورية وإنهاء الانقلاب.
وأشار نائب رئيس المجلس المصري للشئون الأفريقية إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات العقابية الشديدة من الدول الغربية ضد الانقلاب العسكري في النيجر، بجانب التلويح باستخدام القوة العسكرية، وإعلان المنظمات الإقليمية مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" التدخل العسكري لعودة الشرعية الدستورية.
وقال السفير صلاح حليمة، إن التعليق الروسي على أحداث النيجر واضح تكتيكيًا، حيث أعلنت موسكو عدم مساندتها للانقلاب ودعم عودة الرئيس الشرعي المنتخب عقب انتهاء القمة الروسية الأفريقية، لافتًا أن الأوضاع تشير إلى بصمات لمواقف روسية مختلفة على مدار الانقلابات الأفريقية الماضية التي حدثت في بوركينا فاسو ومالي.
وأكد أن قوات فاجنر لها دور بارز في الانقلاب العسكري بالنيجر، حيث رحب فاغنر يفغيني بريغوجين رحب بتدهور الأوضاع في نيامي.
ولفت إلى أن النيجر تحتوي على قاعدة عسكرية أمريكية، وهناك وقوات فرنسية موجودة لحماية مصالحها، مؤكدًا أن القيادة العسكرية بالنيجر تعمل حاليًا على تغذية شعور عدائي ضد فرنسا، وتوجيه الاتهامات بأنها دولة استعمار واستغلال، موضحًا أن تداعيات الانقلاب أظهرت تيارًا شعبيًا مواجهًا ضد الغرب.
وأكد أن فرنسا لن تتخلى عن اتخاذ كافة الإجراءات التي تضمن تأمين مصالحها بالنيجر بما في ذلك التدخل العسكري الذي ستلجأ له عندما تواجهه باريس خطر حقيقي على مصالحها.
ونوه أن القارة الأفريقية تشهد صراعًا روسيًا غربيًا؛ نظرًا لأنها غنية بالثروات التعدينية ومن أبرزها اليورانيوم، مؤكدًا أن روسيا لها دور فيما حدث بالنيجر .
وذكر أن موقف روسيا المعلن عن الانقلاب هو تكتيكي يتماشى مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية والمنظمات الدولية، فهو يرفض الانقلاب ويدعم عودة الشرعية.
وأشار إلى مجموعة "إيكواس" منحت النيجر أسبوع قبل فرض العقوبات لحل الأزمة وعودة الشرعية الدستورية، والإفراج عن الرئيس المنتحب محمد بازوم، بينما الاتحاد الأفريقي منحها أسبوعين، وهناك تأييد معلن من قبل حكومة بوركينا فاسو ومالي للانقلاب.
حول دور مصر القيادي في القارة الأفريقية، أكد السفير صلاح حليمة، أن القاهرة لها خط سياسي ثابت وهو ضبط النفس، ويدعو إلى ضرورة اللجوء للحوار لحل النزاع بطرق سلمية لتحقيق الأمن والاستقرار وإعادة البناء والإعمار في إطار الاتحاد الأفريقي ومجموعة "الإيكواس".
حجاج: زيادة مرتبات الجيش السبب وراء الانقلاب وروسيا غير متورطة
ومن جانبه، قال السفير أحمد حجاج، الأمين العام لمنظمة الوحدة الأفريقية سابقًا، إن الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب المعترف به دوليًا منافي للدستور والشرعية، مضيفًا أن النيجر دولة فقيرة ولا تتحمل الاضطرابات السياسية.
وأضاف حجاج، في تصريحات خاصة لـــ«بلدنا اليوم» أن دول الإيكواس والاتحاد الأفريقي والأوروبي أدانوا هذا الانقلاب، ولوحوا إلى استخدام القوة العسكرية لعودة الشرعية الدستور، مؤكدًا أنه من العار احتجاز الرئيس الشرعي المنتخب محمد بازوم.
وأكد الأمين العام لمنظمة الوحدة الأفريقية سابقًا، أن روسيا غير متورطة في الانقلاب، لافتًا أن من يقف وراء الانقلاب هم مجموعة من العسكريين الذين أردوا تحسين أجورهم واشتبكوا مع رجال القصر الجمهوري.
وأشار السفير أحمد حجاج إلى أن الدول الغربية ستعمل على إجلاء رعاياها ولكن ستظل القوات العسكرية الفرنسية لحماية المصالح الغربية بالنيجر.
وأكد أن مصر كانت على علاقة قوية مع رئيس وحكومة دولة النيجر، لافتًا إلى أن مصر كانت تهدي النيجر معدات عسكرية خلال السنوات الماضية.
وحول نظرته المستقبلية للأحداث في النيجر، أكد حجاج أنه سيتم الإفراج عن الرئيس الشرعي المنتخب محمد بازوم، وتدريجيًا سيثور الشعب لإعادة الشرعية الدستورية إلى البلاد.
عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية: قبيلة الرئيس النيجر تمثل 1.5% فقط من إجمالي السكان
وقال السفير رخا أحمد حسن عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، وعضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة، إنه عادة عندما يكون الانقلاب قائم على الجيش يصعب التراجع عنه.
وأضاف السفير رخا أحمد في تصريحات خاصة لــــ«بلدنا اليوم» أن قبيلة الرئيس الشرعي المنتخب محمد بازوم تمثل 1.5% فقط من إجمالي سكان النيجر وهو عدد ضعيف يفقده الدعم قبيلته.
وأشار عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية إلى أن نيجر تشهد صراع خارجي بين فرنسا وروسيا، بجانب بعض الوجود الأمريكي نظرًا لامتلاكها قاعدة عسكرية على أراضي النيجر.
وأكد عضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة، أن روسيا تعمل على إبعاد النفوذ الفرنسي عن القارة الأفريقية، مشيرًا إلى أن موسكو تستخدم قوات فاجنر للسيطرة.
وأوضح السفير، أن عودة الرئيس المنتخب محمد بازوم إلى الحكم مرة أخرى احتمال ضعيف، مشيرًا إلى أن الدول العظمى تسعى لحث قيادات الجيش على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة ليحدد الشعب الرئيس الذي يره مناسبًا.
ولفت إلى أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" هي المنظمة الوحيد التي لوحت باستخدام القوة العسكرية في حال عدم تراجع الجيش عن الانقلاب، وعودة الشرعية الدستورية.
وحول الرد الفرنسي على الانقلاب استبعد السفير رخا أحمد استخدام فرنسا للقوة العسكرية، معللًا السبب إلى أن فرنسا ستصطدم بجيش كامل لدولة مستقلة، مما يؤدي إلى انتقاد كبير من قبل المنظمات العالمية لفرنسا.
وأشار إلى أن التدخل العسكري من قبل المنظمات الإقليمية مثل "إيكواس" أو الدول العظمى يمثل تدهور للأوضاع الاقتصادية والأمنية مما يزيد معدلات الهجرة غير الشرعية التي ترفضها أوروبا بقوة.
وأكد أن فرنسا طالبت بالجلوس على طاولة الحوار وإنهاء الأزمة سياسيًا بعيدًا عن الحلول العسكرية، لافتًا إلى أنها أصرت على بقاء القوات الفرنسية وترحيل الرعايا فقط لضمان حماية مصالحها في النيجر ولاسيما منابع اليورانيوم الذي يعد المعدن الأكثر تواجدًا في بلاد النيجر.
اقرأ أيضًا| خبراء: انقلاب النيجر صفعة للديمقراطية.. وناقوس خطر على القارة الإفريقية