الشاعر الذي قتلته الكلمات.. من هو صلاح الصبور

الاحد 13 اغسطس 2023 | 07:59 مساءً
الشاعر صلاح عبد الصبور
الشاعر صلاح عبد الصبور
كتب : نورهان ممدوح

صلاح عبد الصبور أو محمد صلاح الدين عبد الصبور يوسف الحواتكى كما كتب في الأوراق الرسمية ارتبط هذا الاسم بالشعر الحديث في مصر بل وفي العالم العربي أجمع  إنه  صلاح عبد الصبور نفسه الذي ندرس أشعاره ومسرحياته في كلية الآداب بقسم اللغة العربية تحت عنوان مادة الشعر الحديث إنه نفسه الشاعر والكاتب الذي يمسك بكلماته فترتبط به دون أن تعرفه أو ترى شخصه الحقيقي إنه هو.. الذي ينظر لما داخلك فيراك بكلماته دون أن ينظرك إليك بالعين، إنه صلاحنا نحن جيل التسعينات وما تلانا من أجيال وأحد أهم رواد حركة الشعر الحر العربي بل ومن أهم رموز الحداثة العربية المتأثرة بالفكر الغربي ويُعد من الشعراء العرب القلائل الذين أضافوا مساهمةً بارزة في التأليف المسرحي, وفي التنظير للشعر الحر , والذي هدتنا كلماته وأشعاره وكتاباته إلى بصيص النور في آخر النفق المظلم للحياة.

نبذة عن مولد صلاح عبد الصبور ونشآته:

امتلك صلاح عبد الصبور بصمة خاصة في شعره وفي طريقة تناوله لقضايا عصره في أشعاره ومسرحياته ولد صلاح في عام1931م بإحدى قرى شرقيّ دلتا النيل,بالزقازيق ودرس في أحد المدارس والحكومية لكن ماميزه منذ صغره هو حبه للأدب والشعر وما النهضة العربية للأدب التي كانت في مطلع القرن العشرين والانفتاح على الغرب وزيادة حركات الترجمة انجذب صلاح عبد الصبور إلى الشعر الغربي ,وحصل على التوجيهية 1947، ثم التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة  وتخصص في اللغة العربية وتتلمذ فيها علي يد الشيخ أمين الخولي الذي ضمه إلى جماعة (الأمناء) التي كونها، ثم إلى (الجمعية الأدبية) التي ورثت مهام الجماعة الأولى ,وكان للجماعتين تأثير كبير على حركة الإبداع الأدبي والنقدي في مصر.

شباب صلاح عبد الصبور وفكره الإبداعي

في مقهى الطلبة في الزقازيق  تعرف على العديد من الأصدقاء الشباب مثل : مرسى جميل عزيز وعبد الحليم حافظ، وطلب عبد الحليم حافظ منه أغنية يتقدم بها للإذاعة ويلحنها له كمال الطويل فكانت قصيدته  "لقاء" هي ما قدمها له صلاح. 

 تأثر  صلاح بالعديد من المصادر من شعر الصعاليك إلى شعر الحكمة العربي, مرورًا بسيَر وأفكار بعض أعلام الصوفيين العرب مثل الحلاج وبشر الحافي, اللذين استخدمهما كأقنعة لأفكاره وتصوراته في بعض القصائد والمسرحيات.

 كما استفاد الشاعر من منجزات الشعر الرمزي الفرنسي والألماني (عند بودلير وريلكه) والشعر الفلسفي الإنكليزي (عند جون دون وييتس وكيتس وت. س. إليوت بصفة خاصة). ولم يُضِع عبد الصبور فرصة إقامته بالهند مستشارا ثقافياً لسفارة بلاده, بل أفاد خلالها من كنوز الفلسفات الهندية ومن ثقافات الهند المتعددة.

المناصب والوظائف التي عمل بها صلاح:

تخرج صلاح عبد الصبور عام1951م وعين بعد تخرجه مدرسًا في أحد المعاهد الثانوية ولكنه لم ينسى حبه للشعر  وللكتابة وولهه بهما, حيث كان يمارس وظيفته لمجرد أداء واجبه ليس أكثر ,ثم عمل صحفيًا بمؤسسة (روز اليوسف)، ومؤسسة (الأهرام) وبعدها انتقل إلى وزارة الثقافة، فعمل بإدارة التأليف والترجمة والنشر، ثم عين رئيسًا لتحرير مجلة السينما والمسرح، ونائبًا لرئيس تحرير مجلة الكاتب، ثم عمل مستشارًا ثقافيًا بسفارة مصر بالهند 1977 – 1978)، وانتهز عبد الصبور فرصة إقامته بالهند ,و استفاد خلالها من كنوز الفلسفات الهندية ومن ثقافات الهند المتعددة وكذلك كتابات كافكا السوداوية. هذا إلى جانب تأثره بكتاب مسرح العبث، ثم عُين رئيسًا للهيئة المصرية العامة للكتاب.

كان عضوا بالمجلس الأعلى للصحافة، وعضوًا بالمجلس الأعلى للثقافة، ومجلس أكاديمية الفنون، ومجلس اتحاد الكتاب، واتحاد الإذاعة والتليفزيون، شارك في (جماعة الأمناء) التي كونها أمين الخولي، كما شارك في تكوين (الجمعية الأدبية) مع عدد من نظرائه من دعاة التجديد.

 صلاح يقول عن نفسه:

«قصة حياتي مع الأيام ساذجة، ولدت في عام 1931م بإحدى مدن الوجه البحري، نشأت في أسرة ترتبط بالريف بأكثر من رباط، فأبي رغم أنه موظف، فإن له قطعة أرض يرعاها، وكثير من أقاربي فلاحون، وتلقيت التعليم في المدارس المدنية حتى حصلت على شهادتي الثانوية، ثم انتقلت إلى القاهرة وحدي، لأدرس الآداب في جامعتها، وتخرجت فيها عام ١٩٥١، واشتغلت بالتدريس ست سنوات، ثم هجرته إلى الصحافة.

تلك الكلمات من حوار له بمجلة "الآداب" مع  فاروق شوشة، الذ نشر بالعدد رقم ١٠ الصادر بتاريخ ١ أكتوبر 1960م.

وتابع في ذلك الحوار: «أهم ما أذكر من صباي أني أرشد إخوتي، وللأخ الأرشد مكانة في بيتنا المصري، وقد تمتعت بذلك المكان، واعتدت أن توفر حاجتي وتلبي مطالبي، فلما جئت القاهرة بمجتمعها الصاخب ووحدتي فيها، أبهظني تحمل عبء حياتي الجديدة، وأنا في السادسة عشرة من عمري، ذلك لم يكن كل ما عانيت منه، لقد جربت اللقاء بين الريف الساكن والمدينة الغائرة الدم، وجربته كما يجريه الأحداث جميعًا.. جربته من قلبي».

ونستدعي صوته بجزء أخير: «مرضت بعد سنة من الجامعة مرضًا أقعدني ثلاثة أشهر، وردت إلى بلدي عليل البدن والروح، وأتاحت لي هذه الأشهر الثلاثة فرصة استجماع صباي، ومراجعة نفسي المشتتة، واهتزت في أوائلها كثير من المفاهيم التي ما لبثت أن استقرت، لتنمو جذورها الجديدة في نفسي بعد ذلك»، مضيفًا: «وأنا إنسان طائر القلب، أو هكذا كان صباي ومطلع شبابي، والحب لحياتي ضرورة، ولطالما عانيت منه، ولكن قل منه ما يرسخ في القلب».

وفي لسميحة غالب زوجة الراحل صلاح عبد الصبور قالت : «إن صلاح عبد الصبور لم يكن يملك إلا راتبه، وبالطبع فإن التفرغ للكتابة وهجر الوظيفة كانا يتطلبان ترتيب الأمور المالية التي كان ينفق منها على بيته وابنتيه».

وتابعت: «وذلك منذ أن تخرج في الجامعة وعمل مدرسا ثم صحفيا ثم موظفا بهيئة الكتاب، لكن الوظيفة أكلت أيامه، وقتلت وقته، ومن أجلها أو بسببها طعنته كلمات مسمومة قاتلة».. فما قصة هذه الكلمات التي قتلت صلاح عبد الصبور؟؟

الكلمة التي قتلت صلاح عبد الصبور:

كان عبد الصبور يزور حجازي في منزله بمناسبة عودته من باريس ليستقر في القاهرة، وبحضور أمل دنقل ,ورسام الكاريكاتير بهجت عثمان الذي كان مخمورًا في هذا الوقت،  نشبت مشاجرة كلامية ساخنة بين الفنان الراحل الفنان الراحل بهجت عثمان  وصلاح عبد الصبور حيث هاجمه بهجت قائلًا: "بعت بـ 3 نكلة ياصلاح؟" مما أدى إلى إصابته بأزمة قلبية، ونقله للمستشفى ثم وفاته في نفس اليوم14أغسطس عام1981م, وصرحت أرملة صلاح عبد الصبور سميحة غالب قائلة: سبب وفاة زوجي أنه تعرض إلى نقد واتهامات من قبل أحمد عبد المعطي حجازي، وبعض المتواجدين في السهرة وأنه لولا هذا النقد الظالم لما كان زوجي قد مات. اتهموه بأنه قبل منصب رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للكتاب، طمعًا في الحصول على المكاسب المالية، متناسيًا واجبه الوطني والقومي في التصدي للخطر الإسرائيلي الذي يسعى للتطبيع الثقافي، وأنه يتحايل بنشر كتب عديمة الفائدة. لئلا يعرض نفسه للمساءلة السياسية

الشاعر حجازي يبرء نفسه من حادثة موت صلاح:

ولكن الشاعر حجازي تصدى لهذه الاتهامات من خلال مقابلة صحفية أجراها معه الناقد جهاد فاضل قائلا: -«أنا طبعا أعذر زوجة صلاح عبد الصبور، فهي تألمت كثيرًا لوفاة صلاح. ونحن أيضًا ولكن آلامها هي لاأقول أكثر وإنما أقول على الأقل من نوع آخر تمامًا ,فنحن فقدنا صلاح عبد الصبور، الصديق والشاعر والقيمة الثقافية الكبيرة، وهي فقدت زوجها، وفقدت رفيق عمرها، وفقدت والد أطفالها. صلاح عبد الصبور، كان ضيف عندي في منزلي، وأيًا كان الأمر ربما كان لي موقف شعري خاص، أو موقف سياسي خاص، لكن هذا كله يكون بين الأصدقاء الأعزاء، ولايسبب نقدي مايمكن أن يؤدي إلى وفاة الرجل. الطبيب الذي أشرف على محاولة انقاذه، قال إن هذا كله سوف يحدث حتى ولو كان عبد الصبور في منزله، أو يقود سيارته، ولو كان نائما.وفاته اذن لاعلاقة لها بنقدنا،أو بأي موقف سلبي اتخذه أحد من الموجودين في السهرة». وينهي حجازي كلامه قائلًا: «صلاح عبد الصبور شاعر كبير، وسوف يظل له مكانة في تاريخ الشعر العربي من ناحية ،وفي وجدان قارىء الشعر من ناحية أخرى، وشعره ليس قيمة فنية فحسب، وإنما إنسانية كبرى كذلك».

لكن صلاح عبد الصبور وإن كان رحل عن هذه الحياة فهو لم يرحل عن ذكرانا وعن قلوبنا وعقولنا فلقد ترك لنا تراثًا وأثرًا يخلد ذكراه للأبد في أذهاننا..

أبرز مؤلفاته الشعرية:

زيارة الموتى.

لحن.

ومن مسرحياته:

الأميرة تنتظر (1969).

مأساة الحلاج (1964).

بعد أن يموت الملك (1973).

مسافر ليل (1968).

ليلى والمجنون (1971) وعرضت في مسرح الطليعة بالقاهرة في العام ذاته.

ومن مؤلفاته النثرية:

على مشارف الخمسين.

و تبقى الكلمة.

حياتي في الشعر.

أصوات العصر.

ماذا يبقى منهم للتاريخ.

الشاعر صلاح عبد الصبور
الشاعر صلاح عبد الصبور

اقرأ أيضا