لقى القرار الأمريكي بنقل الذخائر العنقودية إلى أوكرانيا لمواجهة الزحف الروسي موجة اعتراض عارمة من الدول الشركاء؛ نظرًا لأنها أسلحة محظورة في العديد من البلدان، كما أنها تنعكس بالسلب على الشعب الأوكراني نفسه أثناء وبعد انتهاء الحرب.
وأكد خبراء على هامش حديثهم لجريدة «بلدنا اليوم» أن الولايات المتحدة الأمريكية لجأت إلى إرسال القنابل العنقودية إلى كييف بسبب نفاذ المستودعات والمخازن الأمريكية من الذخائر التقليدية، مشيرين إلى أن أوكرانيا لم تستخدم هذا النوعية من الأسلحة إلا في حال ضرب تجمعات روسية وبنسب محددة.
يواس: نفاذ الذخائر من المستودعات الأمريكية السبب وراء إرسال القنابل العنقودية
وقال إيفان يواس، مستشار مركز السياسات الخارجية الأوكرانية، إن قرار الولايات المتحدة الأمريكية بتزويد أوكرانيا بالقنابل العنقودية يرجع إلى عدة أسباب أولًا طلب أوكرانيا هذه النوع من الذخيرة منذ فترة طويل، وثانيًا انخفاض الأسلحة التقليدية في مخازن الدول الداعمة لأوكرانيا.
وأضاف يواس في تصريحات خاصة لـ«بلدنا اليوم» أنه ليس كل شركاء أمريكا يوافقون على إرسال هذا النوع من الأسلحة بسبب أنها محظورة في العديد من البلدان، مشيرًا إلى أن الذخائر البسيطة تنفذ في المخازن الأمريكية.
وأوضح مستشار مركز السياسات الخارجية الأوكرانية، أن تهديد هذه الذخائر يكمن في أنها لا تنفجر بشكل كلي عند استخدامها، وهناك خطر من أن تنفجر بعد نهاية الحرب، مؤكدًا أن واشنطن سلمت أوكرانيا مثل هذه الأنواع من الذخائر العنقودية بنسبة 2.65% "غير المتفجرة".
وأشار إيفان يواس إلى أن أوكرانيا تعهدت بعدم استخدامها إلا في التجمعات الروسية، بجانب تحديد أماكن استخدامها.
ولفت إلى أن توقف الهجوم المضاد الأوكراني لا يعني أنه قد فشل، حيث تكتسب قوات كييف الأرض ببطء بينما تسعى إلى نقطة يمكنها عندها اختراق الخطوط الروسية مضيفًا أن القوات الأوكرانية أوقفت عمليًا كل التقدم الروسي في أراضيهم.
وتابع:"من المؤكد أن الحرب لم تنته بعد، وأوكرانيا عازمة أكثر من أي وقت مضى على مواصلة جهودها لاستعادة الأراضي المفقودة، على الرغم من الضجيج الكبير حول أهمية الأسلحة الجديدة عالية التقنية في ساحة المعركة، والدور الذي لعبته بالفعل في الحرب، فإن للمدفعية القديمة والدروع والطائرات المقاتلة دورًا رئيسيًا أيضًا، يجب على أصدقاء أوكرانيا تزويدهم بالأموال اللازمة للاستفادة من كل هذه الأشياء".
الغطريفي: القنابل العنقودية تساعد في تعويض مخزونات الذخيرة المتناقصة في كييف
وأكد السفير ناجي الغطريفي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن أحد أهم التطورات الأخيرة في الحرب الروسية الأوكرانية هو القرار الأمريكي بتزويد كييف بالذخائر العنقودية.
وأضاف الغطريفي في تصريحات خاصة لـ«بلدنا اليوم» أنه من المتوقع أن تساعد هذه الأسلحة في تعويض مخزونات الذخيرة المتناقصة في كييف، مشيرًا إلى أن أوكرانيا أكدت أنها لم تطلق هذه الذخائر بعد وستفعل ذلك فقط ضد تجمعات القوات الروسية في المناطق التي تحتلها روسيا في أوكرانيا.
الأفندي: أوكرانيا فقدت 20% من أسلحتها في بداية الهجوم المضاد
وأوضح الدكتور محمود الأفندي، الباحث في الشأن الروسي، إن الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا على روسيا ثبت عليه الكثير من التباطؤ في التنفيذ، مشيرًا إلى أن تكلفته كانت أكثر بكثير مما توقع مؤيدي كييف الأكثر تفاؤلاً بما فيهم إدارة بايدن.
وأضاف الأفندي في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم» أن أوكرانيا اكتسبت القليل من الأرض ضد الدفاعات الروسية الراسخة في هجومها المضاد ولا سيما في جنوب البلاد، حيث كانت تخطط للتوجه إلى البحر الأسود وتقسيم القوات الروسية، ولكن موسكو عززت دفاعاتها بمجموعات قتالية في جنوب شرق أوكرانيا.
وتابع الباحث في الشأن الروسي قائلًا:" إن كييف فقدت حوالي 20٪ من أسلحتها ودروعها في بداية الهجوم المضاد، في حين تم تقليل خسائرها إلى حد ما من خلال التغييرات في العمليات والتكتيكات، ولا تزال أوكرانيا تعاني من خسائر تفوق توافر البدائل وإعادة الإمداد، ونتيجة لذلك ورد أن القيادة العليا الأوكرانية أوقفت عملياتها مؤقتًا وأعادت التفكير في استراتيجيتها".
وأشار إلى أن أوكرانيا تواصل تلقي شحنات الأسلحة والذخيرة من الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وبعض الدول الأخرى في الناتو وغير الأعضاء من بينها بلغاريا.
ويرى الدكتور محمود الأفندي، أنه يجب على واشنطن أن تفعل كل ما في وسعها لتسريع شحن الذخيرة إلى كييف، كما يجب أن تستمر في السحب من مخزوناتها في ألمانيا وكوريا الجنوبية وإسرائيل مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تخزن الذخيرة في إسرائيل بموجب برنامج يسمى مخزون احتياطي الحرب للحلفاء-إسرائيل.
ولفت أنه في وقت سابق من هذا العام، وافقت إسرائيل والولايات المتحدة على شحن 300000 طلقة إلى أوكرانيا، كما وعدت واشنطن بتجديد تلك المخزونات التي استغلتها إسرائيل في بعض حروبها، نظرًا لأن الولايات المتحدة تمتلك هذه المخزونات ، فيجب عليها توفير عمليات نقل إضافية إلى أوكرانيا.
وطالب أمريكا أن تزيد من تسريع الإنتاج، إلى أقصى حد ممكن - ربما من خلال زيادة الصناعة إلى ثلاث نوبات يوميًا، كما يجب على حلفاء أمريكا أن يفعلوا الشيء نفسه، بجانب الاستمرار في الضغط على حلفائها لمواصلة شحن الذخيرة إلى كييف، إما بشكل مباشر أو غير مباشر، كما كان الحال فيما يتعلق ببلغاريا والآن، كوريا الجنوبية.
وقال إن روسيا تتفوق على أوكرانيا بسبب الإنتاج المنخفض لقذائف المدفعية في الغرب، مشيرًا إلى أن كييف لن تتمكن في النهاية من الحفاظ على معدل إطلاق النار الحالي.
وأشار إلى أن إنتاج قذائف المدفعية الغربية سيستغرق عدة سنوات لمواكبة معدل إطلاق النار الحالي في أوكرانيا، مضيفًا أنه السبب في أن الولايات المتحدة تسعى إلى نقل الذخائر العنقودية، ليس لأنها تزود أوكرانيا بأي قدرة ضرورية، ولكن ببساطة لأنها الخيار الوحيد المتاح للولايات المتحدة، بغض النظر عن التكاليف البشرية المحتملة في الحاضر والمستقبل.
وتابع الباحث في الشان الروسي قائلًا:" إن حقيقة أن الولايات المتحدة تنقل ذخائر عنقودية إلى أوكرانيا بسبب النقص الحاد في الذخيرة قد أوضحها الرئيس الأمريكي جو بايدن نفسه عندما اعترف بأن "ذخيرة الأوكرانيين تنفد" ردًا على سؤال حول القرار".
وذكر أن الصراع الدائر في أوكرانيا يُظهر خصائص حرب الاستنزاف، التي تتميز بقتال مكثف في المواقع يتطلب استخدام كميات كبيرة من ذخيرة المدفعية وغيرها من الأسلحة بعيدة المدى.
وأشار إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد أن روسيا مستعدة لاستخدام مخزونها الخاص من الذخائر العنقودية في حال أطلق الأوكرانيون هذه القنابل على قواته، لافتًا إلى أن موسكو قررت الاحتفاظ بالحق في اتخاذ إجراءات متبادلة.
اقرأ أيضًا| خاص| خبراء: القمة الروسية الإفريقية لتحقيق الشراكة المتبادلة والتغلب على أمريكا