"تعرف على تراث وعراقة القاهرة في ذكرى يوم بنائها"

الخميس 06 يوليو 2023 | 07:09 مساءً
شارع المعز
شارع المعز
كتب : أمة الله عمرو

تحل اليوم ذكرى تأسيس عاصمة مصر "قاهرة المعز", ومدينة الألف مئذنة، وجوهرة الشرق، قاهرة الأعداء والحروب والأزمات، ومهد الحضارات الفرعونية و القبطية و الاسلامية, صاحبة الليل الجميل على ضفاف النيل, ففي ذكرى بنائها فدعونا نأخذكم إلى جولة تاريخية تتعرفون بها على تلك التراث الذي هز كيان العالم بأكمله, والذي يشهد العديد من الأصالة والعراقة الفاطمية الذي يقف أمامه السُياح مندهشين من تلك جمال البناء الذي لا يوجد مثله في أي مكان بالعالم.

فتم إنشائها على يد القائد جوهر الصقلي فى السادس من يوليو عام 969 م, بأمر من الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، وهي العاصمة الرابعة لمصر منذ الفتح الإسلامي لها على يد عمرو بن العاص.

قد وصل الفاطميون إلى مصر في أواسط القرن الرابع الهجري, وذلك بسبب انقلاب غير عادي وتطوراً خطيراً في خريطة العالم في ذلك الوقت, فكان أول مرة في التاريخ تنشأ منافسة حقيقية على حكم العالم,  وتتجاذب السيطرة عليه خلافتان في وقت واحد كل واحدة ترى أنها صاحبة الحق في حكم هذا العالم.

فعندما وصل جوهر الصقلي قائد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله على مصر سنة 358هـ/969م، أخذ على الفور في تنفيذ تعليمات سيده في بناء مدينة في مصر تكون بالنسبة للفسطاط, مثل المنصورية بالنسبة للقيروان في إفريقية.

ففي الليلة التي عبر فيها جوهر بقواته من الجيزة إلى الفسطاط 17 شعبان سنة 358هـ/ 6 يولية سنة 969م عسكر بقواته في السهل الرملي الواقع إلى الشمال من القطائع، وكان يحد هذا السهل جبل المقطم حاليًا من الشرق, والخليج من الغرب.

وكان هذا السهل خالياً من العمارة إلا من بعض منشآت قليلة: هي البستان الكافوري ودير للنصارى يعرف بدير العظام "يوجد مكانه الآن مسجد الأقمر", وقصر صغير سمي "قصر الشوك" كان لبني عُذرة, وأطلق على هذا الموقع اسم "المناخ".

وفي نفس الليلة بدأ في وضع أساس قصر كبير وسور يحيط بالقصر ويحدد موضع المدينة الجديدة, ولما كانت أعمال الحفر الأولية ووضع الأساسات قد تمت في وقت الليل وبسرعة كبيرة، فتعجب الكل وقتها حتى عندما أتى أعيان الفسطاط في صباح اليوم التالي لتهنئة جوهر بالفكرة, وجدوا أن أُسس البناء الجديد قد حفرت بالفعل.

فقد لاحظ قوة البناء وبالطبع كانت هذه أيضاً حالة أسوار المدينة، ومع ذلك فقد كونت مربعاً منتظماً تواجه أضلاعه الجهات الأربع الأصلية, وقد بنى جوهر سور المدينة الأول من الطوب اللبن على شكل مربع طول كل ضلع من أضلاعه ألف وثمانين متراً، فكانت مساحة القاهرة, في أول تأسيسها 1.166.400 متر مربع، جعل منها 240.141 متراً مربعاً للقصر و 120.050 متراً مربعاً هي مساحة البستان الكافوري ومثلها للميادين وأقيم على الباقي وقدره 686.000 متراً مربعاً حارات المدينة، وجعل قسم منه فراغ تحسباً للزيادة مع الأيام.

وأتخذ قسم كبير جدًا من هذا السور في ناحيته الشرقية كي يزال قائماً في زمن المقريزي, ويقع خلف سور صلاح الدين بنحو خمسين ذراعاً "28.90 متر" فيما بين باب البرقية ودرب بطوط هُدم في سنة 803هـ, وقد أبدى الجميع دهشته من حجم الطوب المستخدم في البناء، وذُكر أن طول الطوبة الواحدة ذراعاً وعرضها ثلثي ذراع، وأن سمك هذا السور كان كافياً لأن يمر فوقه فارسان جنباً إلى جنب. 

وكانت تفتح في هذا السور تسعة أبواب بابان في السور الشمالي هما: باب النصر وباب الفتوح، وبابان في السور الشرقي وهما: باب البرقية وباب القراطين، وثلاثة أبواب في السور الجنوبي هم: بابا زويلة وباب الفرج، وبابان في السور الغرب بهما: باب القنطرة وباب سعادة, وما زالت كل هذه الأبواب حتى الأن.

وفي أول الأمر ظن جوهر أنه يتقرب إلى سيده المعز, لو أطلق على المدينة الجديدة اسم "المنصورية" "بمعنى المنتصر أو الظافر" تشبهاً بعاصمة الفاطميين التي أسسها المنصور والد المعز في إفريقية, ولكن الخليفة المعز قام بتغيير اسمها إلى "قاهرة المُعز" حين وصل إلى مصر بعد ذلك بأربع سنوات خاصة وأنه كان قد أعطى أمراً لجوهر عند وداعه له في إفريقية بتشييد مدينة تسمى القاهرة تقهر الدنيا بأكملها, ويرجع كذلك أيضًا القصة الخاصة بتسميتها نسبة إلى كوكب المريخ وهو القاهر الذي كان في الطالع عند وضع أساس المدينة.

اتخذ تخطيط القاهرة في أول الأمر الشكل المربع وبعد نحو مائة وعشرين عاماً تحول شكلها إلى الشكل المستطيل بعد أن وسّع بدر الجمالي أسوار المدينة الجنوبية والشمالية ونقلها إلى حيث يدل على موقعها الأبواب الباقية منها إلى الآن.

ومن مميزات الشكل المربع أو المستطيل أنه يوفر للمخطط أضلاعاً مستقيمة وزوايا قائمة وذلك ييسر عمليات البناء وقياس مساحة الأرض, ويوجد في الوقت نفسه تقاطعاً متعامداً يحدد وسط المدينة ويوفر مواقع مقسمة ذات أبعاد متساوية.

ويخترق القاهرة شارع رئيسي يمتد من باب زويلة جنوباً وحتى باب الفتوح شمالاً في موازاة الخليج أطلق عليه " الشارع الأعظم" أو "قصبة القاهرة" قسم المدينة إلى قسمين متساويين، ولكنها لم تشهد طوال العصور الوسطى وجود شوارع متعامدة على الشارع الأعظم.

كما كان يوجد شارع مواز له يدل عليه الآن شارع الجمالية كان يقود من باب العيد إلى باب النصر. وقد لعب هذا الشارع دوراً هاماً في نشاط الخليفة إذ كانت مواكبه تسلكه للذهاب مثلاً إلى المصلى القائم خارج السور الشمالي, وقد طلب جوهر حينها من القبائل والجماعات التي صحبته في فتح مصر أن تسير كل خطوة واحدة لنفسها خطة تنزل بها عرفت باسم "الحارة".

ولم يقصد بالحارة في هذا الوقت الطريق الذي يمر فيه الناس بين المساكن كما هو الحال اليوم, وإنما جزءاً من مجموع مباني المدينة يمثل حياً كاملاً تتخلله الطرق وتوجد به الحمامات والأسواق والمساجد, وكان عدد الحارات الأولى للقاهرة نحو عشرة حارات أخذت في التزايد مع امتداد المدينة وورود طوائف جديدة إليها، وكان لكل حارة من حارات القاهرة باب يغلق عليها بعد صلاة العشاء, ويفتح قبل صلاة الفجر بمعرفة "متولي الطوف ليلاً" أو "أصحاب العسس". 

شارع المعز
ساحة مسجد قلاون
ساحة مسجد الحسين
المعز
شجرة امام السحيمي
شارع المعز

اقرأ أيضا