أيام قليلة تفصلنا عن اجتماع البنك المركزي المصري والذي يأتي خلفًا لاجتماع البنك الفيدرالي الأمريكي الذي اتخذ قرارا بتثبيت سعر الفائدة على الإيداع والاقتراض، سيناريوهات محتملة لقرارات المركزي المصري القادمة خاصة في ظل ارتفاع معدلات التضخم حسب ما أعلنه الجهاز المركزي للمحاسبات بالرغم من رفع سعر الفائدة أكثر من مرة لكبح التضخم.
ويتوقع الخبراء الاقتصاديون أن يثبت البنك المركزي المصري سعر الفائدة أو يقللها في الفترات القادمة أما رفعها مرة أخرى فهذا سيناريو بعيد في احتمالية حدوثه.
وكانت قد قررت لجنة السياسة النقدية بمجلس الفيدرالي الأمريكي تثبيت سعر الفائدة على الدولار، لتبقى عند مستوى الشهر الماضي والذي سجل 5.25%، ويأتي ذلك بعد سيطرة الفيدرالي الأمريكي على معدلات التضخم والتي انخفضت لـ4% مقابل 4.9% في مايو الماضي، وينتظر الخبراء المحليون تأثير قرار الفيدرالي الأمريكي على نتائج اجتماع النبك المركزي القادمة لحسم مصير سعر الفائدة، والمقرر عقد اجتماع البنك المركزي نهاية الشهر الجاري .
ويعتبر بتثبيت الفيدرالي الأمريكي لـسعر الفائدة قرار يحدث لأول مرة منذ 14 عامًا، ويأتي ذلك في ظل مواجهة الاقتصاد الأمريكي لمعدلات التضخم المستمرة ومرونة معدل التضخم، حيث جاء قرار الفيدرالي الأمريكي في ظل عدة أزمات تواجهها أمريكا، خاصة بعد إعلان أكبر بنوكها الإفلاس خلال الشهر الماضي، فضلا عن تراجع أسهم الخزانة الأمريكية لمستويات قياسية، إضافة إلى الضغوط التي يواجهها النظام المصرفي الأمريكي، وانعدام ثقة المودعين في بنوك أمريكا بعد افلاس بنك سيلكون فالي، وتراجع أسهم بنك كريدي سويس السويسري، ما أظهر ضعف البنوك في مواجهة الزيادات المرتفعة في أسعار الفائدة، ودفع المستثمرين للذهب.
وكان قرار التثبيت الذي أصدره البنك الفيدرالي الأمريكي يهدف إلى إحكام السيطرة على المعدل السنوي للتضخم الأساسي الذي وصول لـ2%، حيث أعلن الفيدرالي الأمريكي سابقا أنه من المقرر أن ينظر مجلس إدارته مبدئيًا في بعض البنود في ذلك الاجتماع منها مراجعة وتحديد معدلات الإقراض والخصم التي يجب أن تفرضها البنوك الاحتياطية الفيدرالية، حيث ثبت الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة الأمريكية عند 5% و5.25% على التوالي، لتشهد معدلات الفائدة الأمريكية تثبيتًا عند أعلى مستوى منذ 2007 قبل الأزمة المصرفية العالمية.
مخاوف استثمارية
قال الدكتور سيد خضر الخبير الاقتصادي في تصريحات خاصة ل "بلدنا اليوم" أن الفترة الأخيرة شهدت تغيرات متعددة على مستوى الاقتصاد الأمريكي، الأمر الذي جعل الفيدرالي الأمريكي يثبت سعر الفائدة، للحد من التأثيرات العديدة المؤشرات الاقتصادية الداخلية الناتجة عن استخدام السياسة النقدية ومدى الاستمرار في رفع الفائدة أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة ما أدى إلى اخراق العديد من الاقتصاديات خاصة الاقتصاد الأمريكي فهو الأكثر تأثرا بسبب رفع سعر الفائدة.
وأشار خضر إلى أن رفع سعر الفائدة يؤثر على الاقتصاد القومي بشكل سلبي، لافتاً إلى أن هناك نوعين من المودعين يستفادون من رفع سعر الفائدة، هم الاقتصاد القومي الذي يعطي القروض للاستثمار والمودعين، الذين بسبب رفع الفائدة يخلق لديهم خوف من الاستثمار بالتالي يكون الاتجاه إلى عملية إيداع الأموال في البنوك للاستفادة من الأرباح.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أنه في الفترة الأخيرة كان هناك تأثيرات متعددة في القطاع المصرفي بسبب حالة المخاوف من الأزمات الاقتصادية، ولجوء الفيدرالي الأمريكي إلى تثبيت الفائدة لتحقيق التوازن في العديد من المؤشرات الداخلية والحفاظ على الاستثمارات الداخلية وخلق قوى جديدة والهيمنة على الاقتصاديات الأخرى.
ونوه الخبير الاقتصادي سيد خضر إلى أن رؤية الاقتصاد الأمريكي في الفترة القادمة تتجه إلى تقليل نسبة الفائدة، ما يجعل باقي الدول يسلك نفس الاتجاه.
وذكر الدكتور سيد خضر أن البنك المركزي المصري يواجه العديد الأزمات في الآونة الأخيرة وأهمها زيادة نسبة التضخم في المستورد وتأثيرها على مستوى الأسعار ومن المفترض أن يثبت سعر الفائدة خلال اجتماعه القادم، ومن الأفضل إذا اتجهنا إلى تقليل قيمة الفائدة.
واختتم حديثه قائلاً أن رفع سعر الفائدة يؤثر على الاستثمار الحقيقي خاصة ما حدث في الشهادات التي طرحت مؤخراً، ما جعل أصحاب الأموال يتجهون للإيداع في البنوك وليس للاستثمار، مشيراً إلى أن البنك المركزي المصري من المتوقع أن يخفض الفائدة في الفترة المقبلة أو تثبيتها ولكن احتمال رفع الفائدة هذا بعيد لأنه غير لازم، وإذا تم رفع الفائدة سيؤدي إلى أزمات متعددة.
نبرة تفاؤل حذرة
قال الخبير الاقتصادي أحمد معطي المدير التنفيذي لشركة ڤي ماركت في تصريحات خاصة ل "بلدنا اليوم" أن بيانات الفيدرالي الأخيرة كانت واضحة، وتشير إلى أن فكرة الركود أصبحت مستعبدة إلى حد كبير، لا سيما مع رفع توقعات النمو إلى 1%، علاوة على رفع توقعات تراجع معدل البطالة عند 4.1% في 2023 مقارنة مع 4.5% في توقعات شهر مارس الماضي، وبما يعكس تحسن التوظيف.
وأضاف معطي أن البيان الأخير غيّر التوقعات التي كانت تتخوف من سيناريو الركود، وحاول أن يؤكد على أن الاقتصاد الأميركي قوي ومتماسك"، مشيراً إلى أن تأثير تلك البيانات قد يبدو متبايناً، لا سيما أن الفيدرالي حاول أن يمسك العصا من المنتصف، ففي حين أنه يتوقع نمواً 1% وبينما بيانات التوظيف قوية، لكنه لمح إلى رفع الفائدة خلال العام الجاري، حيث ذكر "الفيدرالي" أن البيان غير ملزم ويمكن أن يتغير في حالة تحسن البيانات.
ولفت معطي إلى أن تصريحات الفيدرالي الأمريكي غلبت عليها "نبرة تفاؤل حذرة" حيث ترك الباب مفتوحاً أمام السيناريوهين، في ضوء أن الأمر مرتبط بتحسن البيانات، مشيرًا إلى أنه مع احتمال أن يحدث تراجع في الاقتصاد، فإن هذا التراجع سيكون طفيفاً، في ضوء أن الفيدرالي يرى تحسناً في الأفق وقد رفع توقعاته بشكل طفيف للنمو، ولا سيما في ظل الأداء القوي الذي يقدمه قطاع الذكاء الاصطناعي بشكل خاص.
فائدة لم تأتي بثمارها
وذكر الخبير الاقتصادي أحمد معطي أن البنك المركزي المصري يأخذ سيناريو التثبيت في حسبانه، حيث كان في تصريحات رئيس البنك المركزي أن فكرة أن يتم رفع الفائدة مرة ثانية هذا غير محبذ في تلك الفترة لأنه يزيد المديونية، وأيضًا لأن البنك المركزي يرى أن الفائدة في مصر مرتفعة ولم تأتي بثمارها حتى الآن.
ولفت معطي إلى أن هناك شيء يسمى بدورة التجديد النقدي والتي تعني رفع الفائدة لإحداث تأثير في السوق وهذا يستغرق من 6 شهور إلى سنة، لذلك من المتوقع أن البنك المركزي المصري لن يرفع الفائدة في الاجتماع القادم، خاصة أن الفيدرالي ذكر أنه في 2024 سيبدأ في خفض قيمة الفائدة 1%، والبنك المركزي المصري من المؤكد أن يثبت الفائدة لدعم الاستثمار والمشاريع الاستثمارية الناشئة.