أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، كتاب «القضاء في الهند الإسلامية.. عصر سلاطين دهلي» للدكتور محمود مرعي خلاف، تقديم الدكتور أحمد زكريا الشلق.
يعالج هذا الكتاب الجديد النظام القضائي في فترة حكم «سلطنة دهلي» التي تعاقب عليها خمس أسرات حاكمة، استقلت بحكمها، وإن اعترفت بنوع من السيادة الروحية للدولة العباسية في بغداد، وبعد سقوطها من القاهرة، لا سيما في ضوء حرص سلاطين «دهلي» من التقرب من الخلفاء العباسيين، للحصول على التقليد الشرعي بحكمهم للهند.
وإذ يقدم الدكتور محمود مرعي هذه الدراسة الجديدة، فإنه يستكمل بها دراسة تاريخ هذه السلطنة في جانبها الحضاري، ليوضح كيف حكم المسلمون هذه السلطنة حكمًا رشيدًا ومستنيرا وعادلا في بعض مراحلها، وقاسيا وعنيفًا في مراحل أخرى، ليتضح أن حرص السلاطين على تطبيق العدالة لم يستند على قوة الجيش فقط، وإنما يستند إلى تطبيق بعض نصوص الشريعة فضلا عن القوانين المدنية التي مارستها إدارة قضائية حكيمة وحازمة حافظت بذلك على كيان السلطنة الإسلامية وبسطت سلطة القضاء على سائر ولايات ومدن السلطنة من أقصاها إلى أقصاها.
وفي المقابل بذل السلطان - رأس السلطة القضائية - ومعه كبار القضاة جهودًا جبارة لضبط النظام وفرض العدالة على سائر البلاد ليثبت أن قوة العدالة وتطبيقها واحترام الشريعة ونظمها، فضلا عن القوانين المدنية، لا تقل أهمية عن القوة العسكرية والإدارية في حفظ كيان الدولة واستقرارها واستمرارها لما يزيد عن ثلاثة قرون.
وقد مهد الكاتب لدراسة موضوعه الجديد بالحديث عن الأوضاع السياسية والقضائية في الهند قبل حكم سلاطين دهلي، ثم قدم دراسة أصيلة مهمة عن الحياة القضائية وعناصرها من القضاة وشروط اختيارهم وتقليدهم مناصبهم ومجالسهم وآدابهم، فضلا عن المذهب الذي يستندون إليه في أحكامهم، وهو المذهب الحنفي ذائع الانتشار في الهند مع بيان الرقابة على آدائهم لضمان سير العدالة، وتطوير النظم القضائية بما يتواءم مع البيئة الهندوسية التي تتطلب حلولًا أكثر واقعية وعملية في تعاملاتها القضائية، كذلك قدم المؤلف فصلا ثانيًا اختص بدراسة رتب القضاة العليا ورواتبهم، والوظائف القضائية، والهيئات المعاونة، وطبيعة الوظائف الدينية والتنفيذية التي تتصل بالإشراف القضائي وتخضع له.
وحتى تكتمل أهمية الموضوع قدم الكاتب دراسة عميقة بعنوان «القضاء بين التشريع والتطبيق زمن سلاطين "دهلي"»، تناول فيها دراسة المحاكم وأنواعها ودرجاتها واختصاصها، والقوانين المدنية والشرعية وأسلوب تطبيقها ومدى احترامها، وانتقل المؤلف إلى دراسة نشاط القضاة في الحياة العامة وعلى رأسه منح القضاة البيعة للسلطان، ودورهم كمندوبين عن السلاطين في بعض القضايا الداخلية، والقيام ببعض المهام الدبلوماسية خارج البلاد، ومساندة الجيش أثناء حروبه، وتهدئة الفتن الداخلية.