مرت أمس ذكرى ثورة 1919 في هدوء تام دون أن يلقي لها أحد بالا ، ورغم عشرات الثوارات التي تخللت التاريخ المصري منذ القدم ، إلا أن ثورة 19 لها مكانة خاصة في التاريخ حيث كانت السبب الرئيسي في حصول مصر على استقلالها بعد قرون من الاحتلالات المختلفة بداية من الاسكندر الأكبر و إنتهاء بالاحتلال العثماني ، بعدما رفع سعد باشا زغلول شعار " الاستقلال التام أو الموت الزؤام " وهو الشعار الذي تسبب في نفي سعد زغلول ورفقاه إلى جزر " سيشل " .
أغنية الثورة
من المشاهد المنسية في ثورة 19 أغاني الثورة الوطنية التي أفرزها الحراك الشعبي في تلك الفترة ولكن تظل أغنية " اهو ده اللي صار " و " يابلح زغلول " والنشيد الوطني المصري الحالي " بلادي .. بلادي " لسان حال المناضلين و كل الابطال الذين يهيمون عشقا من أجل هذا الوطن .
فمن كان يقف وراء ظهور مثل هذه الاغنيات الاسطورية الوطنية ؟
محمد يونس القاضي ولد في 1يوليو عام 1888م في حي الدرب الأحمر بالقاهرة وانتقلت أسرته المكونة من 9 أطفال وأم وأب يعمل في القضاء إلى مركز أبو قرقاص في المنيا وكان والده يُقيم ندوة أدبية كل يوم جمعة بعد الظهر يحضرها وجهاء المحافظة يتبادلون فيها الشعر والزجل وكان يمتلك مكتبة تضم آلاف الكتب.
وفي عام 1900م انتقلت أسرته إلى محافظة أسيوط حيث مسقط رأس والده في قرية النخيلة بمركز أبوتيج وهناك استكمل تعليمه الأساسي وبعد أن أتمه سافر وحده إلى القاهرة ليلتحق بالأزهر.
لقاء الشيخ القاضي و الشيخ سيد درويش تعتبر بداية لمرحلة جديدة في حياة كل منهما فقد قدما أجمل الأغنيات الوطنية والعاطفية مثل زوروني كل سنة مرة وأنا هويت وانتهيت وأهو ده اللي صار ويا عزيز عيني أنا بدي أروح بلدي ولأغنية أهو ده اللي صار حكاية وسبب في تأليفها فقد اعتقل الإنجليز ذات مرة الشيخ فقابله نجيب باشا وكيل الداخلية وأمسكه من جبته وقفطانه وقال له "بدل ما تقول الكلام الفارغ ده دوّر الأول إزاى تصنع جبة وقفطان في بلدك" فكتب الشيخ "مالكش حق تلوم عليّا وخير بلادنا ماهوش في أيدنا وبعدها لوم عليّا أيدك في إيدى نقوم نجاهد والأيادي تكون قوية سعدك أصيل والخصم عايب دولا أنصار القضية".
ومن مواقفه الوطنية أنه حين منع الإنجليز ذكر اسم سعد زغلول ورفاقه كتب الشيخ محمد يونس القاضي أغنية " يا بلح زغلول" ليغنيها الفلاحون في موسم حصاد البلح وتحايل على القانون فراح يذكر كلمة سعد وزغلول في كل أغنية ومسرحية يكتبها.
ومن المواقف الطريفة أنه حين تم تعيين الشيخ محمد يونس القاضي كـرقيب على المصنفات الفنية وكان هو أول من تولى ذلك المنصب وكانت مهمته تقتصر على منح التصاريح لإجازة الأعمال الفنية وقام القاضي بتنقية الأغنية المصرية من كثير من الأعمال الرديئة حتى أنه منع طقاطيق كان هو شخصيا كتبها لمنيرة المهدية وزكريا أحمد.
بعد قيام ثورة يوليو 1952م تعرض القاضي لظلم شديد باعتباره كان وفديا وكان رئيس تحرير لجريدة "مصر" الناطقة بلسان حزب الوفد حتى داهمه المرض وظل قعيداً من عام 1954م حتى وفاته عام 1969م وقال في أخر حديث له " أنا أعيش في ضياع أريد أن تمر أيامي بسرعة أعيش الآن تائهًا صرفت كل ما أملك على الأدوية والعلاج الخوف من الأيام يطاردني إن آلامي من الناس فاقت كل ما تجمع في جسدي من آلام" وذلك بعد أن أقعده المرض والفقر والنسيان".
وفي عام 1969م رحل بجسده ولكن ظلت أعماله وكلماته باقية ترددها الأجيال.
علم أمريكا في مظاهرات 1919
من المشاهد اللافته و المنسية ظهور علم أمريكا وسط التظاهرات خلال ثورة 1919 وهو مالفت نظر مصور وكالة الانباء الدولية " رويترز " مما دفعه لإلتقاط تلك الصورة لتصبح أحدى المشاهد الأيقونية في ثورة 19 ، ويكشف الدكتور ابو الغار في كتابه " ثورة 19 وأمريكا " عن سبب الارتباط بين بين علم أمريكا وثورة 19 هو أن الرئيس الامريكي الليبرالي ويلسون أعلن عن وثيقة تحوي 14 مبدأ عٌرفت بوثيقة الاستقلال أو حق تقرير المصير، خاصة المبدأ الثاني عشر التي يؤكد على تقرير مصير الشعوب. لكن بعد قليل ومع محاولة تطبيقها نكتشف أنها محصورة فقط لشعوب العالم الأول، إنما شعوب العالم الثالث فلا يستحقونها!
وكانت الحركة الوطنية المصرية قد علقت آمالا كبيرة على تمثيل مصر بوفد يقوده سعد زغلول في مؤتمر الصلح بفرساي، وأن يعود الوفد من المؤتمر حاملا وثيقة استقلال مصر طبقا لمبادئ الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون رئيس المؤتمروهوما جعل ذلك الرجل يرفع العلم الامريكي خلال التظاهرات .
غير أن بريطانيا حالت دون ذلك، فتفجرت الثورة التي تصدت لها بريطانيا بالقوة العسكرية في كل أنحاء البلاد. وصُدمت الحركة الوطنية الشعبية من موقف الرئيس ويلسون الذي أعترف بالحماية البريطانية علي مصر. وأصبحت وثيقته للاستقلال كزجاج هش تهشم عند أول مطالبة بتطبيقها.
خاصة أن ويلسون قام بتشويه ثورة 19، ومساندة كذبة دعائية أطلقها اللورد أرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا، وتزعم أن الثورة المصرية هى من تدبير وطنيين متطرفين، وهم فى الأصل عملاء ممولون من حزب ثورى فى تركيا، ومن البلاشفة الروس، وأنهم يستغلون مبادئ ويلسون لتأجيج نيران حرب مقدسة ضد غير المسلمين. وتكتمل خذلان القصة في تسارع الرئيس الأمريكى إلى الاعتراف بالسيطرة البريطانية الكاملة على مصر، وقصره حق تقرير المصير على مستعمرات النمسا وتركيا فى أوروبا فقط.
ولكن يبدو أن القدر أنتقم لسعد زغلول ورفاقه فبعد ما يقرب المائة عام من رحيل ويلسون ،أعلنت جامعة برينستون في شرق الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2020 أنها قررت إزالة اسم الرئيس الأمريكي الراحل وودرو ويلسون عن كليتها للعلاقات الدولية بسبب "سياساته وآرائه العنصرية". وقال كريستوفر إيسجروبر، رئيس جامعة برينستون، في بيان إن "سياسات ويلسون وآراءه العنصرية تجعل اسمه غير مناسب لكلية يتعين فيها على الطلاب والموظفين والخريجين الانخراط بشكل كامل في مكافحة آفة العنصرية".
الطفل الشهيد
من الاحداث المنسية ايضا في ثورة 19 حكاية " ابن القباقيبي التي روها الصحفي معوض خطاب وذكرها المؤرخ عبد الرحمن الرافعي في كتاب "ثورة 1919 تاريخ مصر القومي من سنة 1914 إلى سنة 1921"، والكاتب الكبير يحيى حقي في كتاب "صفحات من تاريخ مصر"، والأستاذ رجاء النقاش في كتاب "يحيى حقي .. الفنان والإنسان والمحنة".
ابن القباقيبي ذلك الفتى الصغير الذي كان سنه 12 سنة وقت الثورة،ويدعى محمد اسماعيل وكان يسكن في شارع الركيبة التابع لقسم الخليفة ودكان أبيه صانع القباقيب في نفس الشارع، والقباقيب كما نعرف كانت تصنع من الخشب والجلد وكان يستخدمها الفقراء كحذاء بينما كان يستخدمها الأغنياء عند دخول الحمام.
وتبدأ الحكاية عندما تحول جامع الأزهر الشريف إلى ساحة من ساحات التظاهر أثناء ثورة 1919، وأرادت سلطات الإحتلال الإنجليزي أن تمنع المتظاهرين من الوصول إلى ساحة المسجد، فقاموا بإغلاق الطرق الموصلة إليه لمنع المصريين من التظاهر بعدما فشلت سلطات الإحتلال في إقناع الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي شيخ الازهر بإغلاق الجامع، وعندها قرر المتظاهرون الذهاب إلى جامع أحمد بن طولون، وفي يوم 5 أبريل 1919 قام الأهالي بحفر الخنادق ووضع المتاريس في الطرق والشوارع المؤديه إلى جامع ابن طولون، خاصه شارع الصليبة الذي يصل بين القلعة وجامع أحمد بن طولون.
وهنا يبدأ دور الصبي الصغير محمد إسماعيل ابن القباقيبي الذي ما إن شاهد المتظاهرين في طريقهم إلى جامع أحمد بن طولون إلا وترك دكان والده وخرج مع المتظاهرين، وشارك بيديه معهم في إقامة المتاريس والسواتر الترابية أمام سبيل أم عباس، وبمجرد أن علمت سلطات الإحتلال الإنجليزي بأمر المظاهرة أمرت جنودها بفض المظاهرة، فأطلقوا الرصاص على المتظاهرين بطريثة عشوائية، فكان نصيب الصبي الصغير ابن القباقيبي رصاصة أصابته فأودت بحياته.
وفي اليوم التالي لاستشهاد الفتى الصغير قامت جموع كثيرة من المصريين بتشييع جثمانه، فقد تحرك موكب ضخم من جامع أحمد بن طولون إلى شارع الصليبة ومنه إلى مدافن الإمام الشافعي، وشارك في الجنازة جميع الطوائف من المصريين الوطنيين، قضاة ومستشارون ومحامون ومدرسون وموظفون وعمال وفلاحون ومهمشون، أما سلطات الإحتلال الإنجليزي فقد أصدرت بيانا قالت فيه: "إن جمهورا معاديا هجم صباح أمس على دورية في حي السيده زينب، فاضطرت الدورية إلى إطلاق النيران، وقد قتل لسوء الحظ ولد في العاشرة أو الثانية عشرة من عمره كان.
تمثال نهضة مصر
يعد تمثال نهضة مصر أحد أهم رموز ثورة 1919 ، بل و بداية سطوع الهوية المصرية مرة أخرى بعد أعوام من الانحدار و الخسوف .
فبعدما علم الشاب المصري محمود مختار و الذي كان يبلغ من العمر 28 عاما وكان الذي يدرس في فرنسا بثورة 1919 ، شارك مع الطلبة المصريين فى تكوين حركة لدعم الثورة المصرية والدعاية لها، كان اسمها "الجمعية المصرية"، وبعد سفر الوفد المصرى لباريس برئاسة سعد زغلول اتحولت الحركة لجماعة لمساندة الوفد ومساعدته فى الدعاية للقضية المصرية.
مختار مثله مثل كل المصريين انفعل بالثورة وأحداثها، وقرر أن مساهمته فيها تكون بفنه، فنحت تمثالًا عبر به عن الثورة اللى اعتبرها نهضة للشعب المصرى، وقدم التمثال لمعرض الفنون الجميلة فى باريس وأخد عليه شهادة تقدير.
لم يكن تمثال نهضة مصر هو ذلك التمثال الشامخ بالجيزة الان ، ولكن كان التمثال الاول عبارة عن رجل يرتدي درع و في جانبه سيف لكنه لم يعجب مختار الذي قام بتحطيمه و لم يتبقى من التمثال صورة تلك الصورة الفوتوغرافية .
قام بعدها مختار بنحت تمثال نهضة مصر وهو عبارة عن فلاحة مصرية وبجوارها أبوالهول رابضا و عرض التمثال على سعد زغلول عند زيارته لباريس فأعجب به زغلول و أرسل خطابا بخط يده لمختار يخبره أن ذلك التمثال هو بمثابة رمز للثورة و كان التمثال صغير الحجم جدا مقارنة بالتمثال الحالي .
كانت مصر مليئة بالتماثيل الموضوعة بالميادين ، ولكن تمثال نهضة مصر كان مختلفا ،فهو أول تمثال يصنعه مصري و ليس اوروبيا في العصر الحديث ، فعندما علمت الصحافة بقصة التمثال انطلقت حملة أكتتاب شعبية لبناء التمثال بحجم أكبر ويوضع في ميدان مصري وبدأت الحملة بالفعل وو تبنتها جريدة " الاخبار " وانهالات مئات الخطابات على الاخبار من المتبرعين من كافة طوائف الشعب المصري ليتم بناء التمثال .
و أختلف القائمون على مكان وضع التمثال لمدة لكن مالبثوا أن استقروا على وضع التمثال في ميدان " باب الحديد " رمسيس حاليا حتى يراه القادمون من الصعيد و الفلاحون القادمين من وجه بحري ، قبل أن يتم نقله الى مكانه الحالي عقب حركة الظباط في 1952 ، ويوضع بدلا منه تمثال رمسيس الذي نقل ايضا الى المتحف الكبير الان .
و يشير الدكتور عماد ابوغازي وزير الثقافة الى الاسبق غلى رمزية التمثال قائلا "التمثال كان فيه مجموعة من الإشارات والدلالات المهمة؛ مختار اختار الفلاحة رمز للثورة، اللى اعتبرها نهضة أو بعث لروح الشعب، واستخدام المرأة رمز لثورات الشعوب أمر متكرر، لكن الرمزية دى لها دلالتها اللى تبرتبط بالانتقال للعصر الحديث بثوراته وقيمه اللى بتكون نتيجة لصعود الطبقات الوسطى فى المجتمع.
وأضاف أبو غازى، "فيه 3 عناصر مهمة فى حركة الفلاحة؛ أولها حركة الإيد الشمال اللى بتقوم فيها الفلاحة بإزاحة الطرحة عن وشها، ورغم أن الفلاحة المصرية ما كانتش بتحجب وشها، لكن ممكن نربط ده بالتحول فى ستات الطبقات العليا فى المجتمع اللى تخلصوا من اليشمك فى سياق المشاركة فى الحراك الثورى، وثانيها نظرة الفلاحة المتطلعة للمستقبل، وثالثها حركة الإيد اليمين اللى تبدو كما لو كانت تستنهض "أبو الهول" اللى بيرمز للماضى البعيد، مختار لجأ لفكرة رمزية مشابهة للفكرة اللى استخدمها سافان فى تمثال مصطفى كامل، لما خلى مصطفى كامل مسنود على راس تمثال مصرى قديم، لكن مختار طور الرمز فى تمثال النهضة لما اختار "أبو الهول" بدلالاته، وصوره فى حالة توثب للنهوض بفعل حركة الفلاحة اللى بتحفزه للقيام من الرقاد؛ هنا الثورة بتستدعى الماضى اللى عرفت فيه مصر حضارة كبيرة، كان المصريين من فترة قبلها بدأوا يتعرفوا عليها مع فك رموز الهيروغليفية وتوالى الكشوف الأثرية، وإنشاء أول متحف للآثار فى سنة 1835، كوان المصريين فى أواخر القرن التسعتاشر وبدايات القرن العشرين بيعيدوا صياغة هويتهم، وكان تمثال نهضة مصر لمختار انعكاسً لهوية الجديدة اللى بتتشكل، وفى الوقت نفسه كان واحد من أدوات تشكيلها.
مكتسبات ثورة 1919
يشير الدكتور شادي العدل في أحدى مقالاته الى مكتسبات ثورة 19 قائلا " شهدت مصر في عام 1919 ثورة كبيرة التحم فيها جميع أطياف الشعب المصري وسميت بثورة 19 نسبة إلى تاريخ انطلاقه وأصبحت فيما بعد ثورة 1919 في التاريخ تصنف كواحدة من أهم وأعظم الثورات السياسية والحضارية في العالم فقد كانت تلك الثورة ملهمة للثورات وحركات النضال العالمية وخاصة ثورة المهاتما غاندي في الهند ونجحت ثورة 1919 التي ضمت عدة قادة امتازوا بالوطنية والقوة والحكمة والدهاء والثقافة في فرض الإرادة المصرية الحرة على بريطانيا مما اضطر المملكة المتحدة بعد فشلها في إنهاء الثورة إلى التسليم باستقلال مصر عام 1922 وقد جاء الاستقلال على مرحلتين من خلال الأولى استلمت الثورة المصرية بقيادة سعد زغلول وثيقة الاستقلال يوم 28 فبراير 1922 وفي الثانية تأسست المملكة المصرية بقيادة الملك أحمد فؤاد الأول في 15 مارس 1922 وقد تحول لقبه الرسمي من سلطان مصر إلى ملك مصر.
وأفرزت ثورة 1919 نهضة اقتصادية كبيرة اسفر عنها ظهور بنك مصر عام 1920 الذي حفز كيانات جديدة على الظهور وتوسيع أنشطتها وأصبح ملاكها هم أصحاب التوجه نحو الرأسمالية الوطنية فى مصر ومن بينهم عدد من الرموز الهامة للحركة الاقتصادية المصرية كالمهندس أحمد عبود "عبود باشا" صاحب مصانع السكر بالحوامدية ومالك أضخم أسطول نقل بحرى فى الشرق الأوسط خلال النصف الأول من القرن العشرين بلإضافة إلى محمد سيد ياسين بك "ملك الزجاج" وفرغلى باشا "ملك القطن" .. وغيرهم من الأسماء المؤثرة التي تربعت على عرش الاقتصاد المصري.
وحاول بعض السياسيون والمؤرخون المنتمين إلى دولة يوليو أن يقللوا من قيمة الاستقلال وظلوا يرددون أن إعلان 28 فبراير 1922 كان تفضلا وتنازلاً من الاستعمار البريطاني وأنّ الاحتلال ظل مستمراً ومسيطراً على مصر حتى قام الرئيس جمال عبد الناصر بإجلائه من البلاد وهذا لم يكن ذلك صحيحا فرغماً أن بعض شروط وثيقة الاستقلال قد أبقت على بعض القوات البريطانية في مصر إلا أن ذلك لا يعني عدم الاستقلال وحتى لو اعتبرنا أن السيادة المصرية كانت ناقصة بعض الشيء فإن نقص السيادة لا يلغيها ووجود قوات أجنبية محدودة في بعض المناطق لا ينفي الاستقلال فالقواعد العسكرية الأميركية في اليابان وأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية والتي لا تزال متواجدة ختى الآن لم تلغي سيادة هذه الدول وإذا رأى البعض أن بريطانيا قد ضغطت على مصر في قبول قواعدها فأيضاً الولايات المتحدة هي التي فرضت وجودها العسكري في فترة الحرب الباردة على بعض الدول.
ومن نتائج اعلان استقلال مصر عام 1922 هو التحاق الرئيسان عبد الناصر والسادات بالكلية الحربية في زمن الاستقلال المصري والتي كانت تتعذر على أبناء الطبقات الوسطى فيما قبل الاستقلال كذلك شاركت مصر في تأسيس الأمم المتحدة والجامعة العربية في عام 1945 كدولة مستقلة ذات سيادة.