تعمل كل دول العالم بالاقتصاد الغير رسمى جنبا إلى جنب مع الاقتصاد الرسمى دون استثناء، بمعنى لأنه يعتبر ظاهرة عالمية، ولكن يوجد بنسب متفاوتة أعلاها في الدول النامية وأقلها في الدول المتقدمة.
وأشارت بيانات منظمة العمل الدولية إلى أن أكثر من 2 مليار من البالغين، أي نحو 60% من قوة العمل في العالم، يعملون في الاقتصاد غير الرسمي، و 158 دولة من الدول الأعضاء خلال فترة 25 عامًا (1991 -2015) أن متوسط حجم الاقتصاد غير الرسمي في هذه الدول بلغ نحو 32.5% من الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصاد الرسمي لها.
وقد بادرت الدول المتقدمة منذ بداية سبعينات القرن الماضى إلى دراسة جوانب تلك الظاهرة من حيث أسبابه وأثاره وعلاقته التشابكية بالاقتصاد الرسمى فلا توجد بيانات دقيقة وكافية عن معاملاته، و أصبحت دول العالم تتعامل مع قضية الاقتصاد غير الرسمي، لانه يتمثل في عملية دمجه مع الاقتصاد الرسمي بشكل جزئي أو كلي، و يرتكز على تحقيق تكامله وتناغم سياساته الاقتصادية الحاكمة لحركته مع الاقتصاد الرسمي. وقد صارت هذه القضية من أهم التحديات الحديثة التي حاولت دول العالم، خاصة النامية منها التعامل معها.
فى هذا الشأن قال الدكتور كريم العمدة استاذ الاقتصاد ومسؤل التثقيف والتدريب حزب مصر الحديثة، فى حوار خاص ل"بلدنا اليوم" إن تحديد حجم الإقتصاد الغير رسمى صعب تحديده لأن الإقتصاد الحقيقى الرسمى تقديره بيكون تقديرى، ولكن الغير رسمى يحتاج إلى بيانات دقيقة جدا، وكل دول العالم تتعامل مع الإقتصاد الغير رسمى وليست مصر فقط وكل مايهمنا أن نضيفه للإقتصاد الرسمى بشكل أو بأخر عشان زيادة حجم الإقتصاد الرسمى من 400 مليار إلى 450 مليار مثلا.
وأكد العمدة أن هناك مشكلات تواجه دمج الاقتصاد غير الرسمى إلى منظومة الإتصالات الضريبية الإلكترونية، وهى أن الاقتصاد الغير رسمى ليست شركات ولا مصانع ولا أنشطة إقتصادية بالمعنى المفهوم، ولكن منتجات مقلدة وسلع بيتم إنتاجها، كبعض المصانع الغير رسمية التى تضيف صفة الجودة على شيء غير جيد، ولإضافة هذه المصانع لابد أن تتمع بالجودة، وعشان تحول هذه المنتجات إلى جودة فنحتاج إلى إعادة تطوير وتأهيل من جديد ودعم فنى لإضافته.
وأضاف العمدة أن المشكلة الثانية هى الكمية الكبيرة من الباعة الجائلين وبعض الأنشطة التى لانستطيع أخذ ضرائب عليها بشكل رسمى مثل السماسرة وأصحاب الحرف والميكانيكية، والمقاولين وهذه أفة موجودة ومحتاجة رقابة دقيقة، لأن هذه الفئة من الناس لاتدفع ضرائب.
وأشار العمدة إلى أن هناك تهرب ضريبى وإقتصاد غير رسمى، وتسعى الحكومة إلى إحصائهم بشكل رسمى عن طريق مأموريين الضرائب القوية التى تستطيع التعامل مع هذه المشكلة
وأكمل أن من أكثر الممتنعيين عن دفع الضرائب هما القطاع الإلكتروني والشبكى الذى يضم اليوتيوبر والتجارة التسويقية والحسابات التى يتم العمل والتربح من خلالها.
وتابع كريم العمدة أن التصدى لهذه المشكلة لابد أن يكون عن طريق الدفع الإلكتروني عن طريق الموبايل ونترك النقدى لتجنب عمليات الغش.
وأضاف العمدة أن الشركات التى إنضمت إلى منظومة الدفع الإلكتروني كما قال وزير المالية 153 شركة حتى الأن فى خلال عام، وأن الشركات هى قطاع خاص وحكومى ولابد أن يكون لها نشاط رسمى وقانونى ولها ملف فى الضرائب.
واختتم العمدة أن عملية دمج الاقتصاد الغير رسمى ساعد فى زيادة دخل إيرادات الإقتصاد المصرى، و ساعد إلى حد ما في التخفيف من حدة البطالة و توفير فرص العمل، ولكنها دون رعاية تـأمينية أو صحية، وأيضًا ساهم في تأمين بعض الاحتياجات الضرورية في أوقات الأزمات، خاصة في المناطق الفقيرة ذات الكثافة السكانية العالية، وإتسعت مساحة منظومة الاقتصاد غير الرسمي في مصر، بسبب الإجراءات التي اتخذتها الدولة في محاولة دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي، و زيادة نسبة الشمول المالي، التي تستهدف تشجيع المصريين للتعامل والاستفادة بالخدمات التي تقدمها المؤسسات المالية المصرفية وغير المصرفية، إلا أن الطريق ما زال طويلا أمام هذه الجهود اللازمة لدمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي بسبب المعوقات التي تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر المتمثلة في الحصول على الأراضي وإدخال المرافق التى تتطلب العديد من المستندات التي يصعب الحصول عليها لإنهاء إجراءات الحصول على التراخيص اللازمة لمزاولة النشاط.