دعا قداسة بابا الفاتيكان البابا فرنسيس كل إنسان على الأرض أن يجعل الحياة تزدهر، جيث يشهد الالم يوميا المزيد من الأفعال والتّهديدات بالقتل، وواقع الحرب الوحشيّ الذي لا معنى له، يزرع في كلّ مكان الدّمار ويقضي على الأمّل، فالحرب يظهر أسوأ جوانب الإنسان من أنانية وعنف وأكاذيب، لأنّ الحرب تمثّل أيضًا موت الحقيقة، مؤكدا ضرورة رفض منطق السّلاح ولْنقلب المسار، ونحوّل الإنفاق العسكري الضّخم إلى استثمارات لمحاربة الجوع ونقص الرّعايّة الصّحيّة والتّعليم.
قدم قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان الشكر للعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين لدعوته الكريمة لزيارة مملكة البحرين، وترحيبه الحارّ، معربا عن تقديره للمؤتمرات الدوليّة ولفرص اللّقاء التي تنظمها المملكة وتعززها، خاصّة مع التّركيز على الاحترام والتّسامح والحريّة الدينيّة التى أَقرّها دستور البلاد.
وأضاف قداسة بابا الفاتيكان - في كلمة له خلال استقبال العاهل البحريني له اليوم الخميس بقصر الصخير في إطار ملتقى البحرين للحوار الذي يقام على مدي يومين - أن فوق كلّ شيء، يجب ترجمة اي التزامات إلى عمل، حتى تصبح الحريّة الدينيّة كاملة ولا تقتصر على حريّة العبادة؛ وحتى يتمّ الاعتراف، لكلّ جماعة ولكلّ شخص، بكرامة متساويّة، وفرص متكافئة؛ وحتى ولا يكون تمييز ولا تُنتَهَك حقوق الإنسان الأساسيّة، بل يتمّ تعزيزها.
وأشار البابا فرنسيس إلى أنه عندما كان يستعدُّ لهذه الزيارة، تعرّف على ”شعار الحيويّة“ الذي يميّز مملكة البحرين وتسمى بـ ”شجرة الحياة“، فهي شجرة الأكاسيا الرائعة التي بقيت على قيد الحياة منذ قرون في منطقة صحراويّة، حيث تَندُر الأمطار، وحيث يبدو أنّه من المستحيل أن تقاوم هذه الشّجرة المعمّرة وتزدهر في مثل هذه الظروف، وفقًا للكثيرين، ولكن يكمن السّر في الجذور التي تمتدّ عشراتِ الأمتار في باطن الأرض، وترتوي من مستودعات مياه جوفيّة.
وتابع إذن الجذور التى هى مملكة البحرين التزمت البحثَ عن ماضيها وتعزيزه، والذي يروي قصة أرض في غاية القدم، تدفَّق عليها الناس منذ آلاف السنين، منجذبين بجمالها، الظّاهر خاصّة في ينابيعها الغزيرة بمياهها العذبة فاشتهرت وكأنّها الفردوس: وسُمّيَت مملكة دلمون القديمة بـ ”أرض الأحياء“. وإذا عُدنا بالتاريخ إلى الجذور البعيدة في الزمن - إلى أربعة آلاف وخمس مئة سنة من الوجود البشري المستمر - يظهر كيف أنّ الموقع الجغرافيّ والميول والمهارات التجاريّة للناس، بالإضافة إلى بعض الأحداث التاريخيّة، أعطت البحرين فرصة لتكوِّن نفسها على ملتقى طرق لإثراء متبادل بين الشّعوب، وبهذا يظهر أحد أوجه هذه الأرض أنها كانت دائمًا مكانَ لقاء بين شعوب مختلفة.
ونوه قداسة البابا إلى أن الإنسان هو أصلًا هدف العمل المقدّس والذي لا تمس كرامته، فيُحوَّل إلى وسيلة لإنتاج المال. لذلك، يجب ضمان ظروف عمل آمنة ولائقة بالإنسان في كلّ مكان، لا تمنع بل تشجّع الحياة الثقافيّة والرّوحيّة، وتعزّز التماسك الاجتماعيّ، لصالح الحياة المشتركة وتنمية البلدان نفسها، موضحا أنه البحرين تَفتَخِر بمكتسبات ثمينة في هذا المجال، فهي أوّل من أسس مدرسة للبنات في الخليج وقامت بإلغاء الرّقّ، فكانت منارة لتعزيز الحقوق في كلّ المنطقة، كما أنها وفرت ظروف عادلة وأفضل للعمال والنساء والشّباب، وتَضمن في الوقت نفسه الاحترام والاهتمام للذين يشعرون بأنّهم على هامش المجتمع، مثل المهاجرين والمساجين.
وتابع قائلا، إن إنّنا اليوم، وأكثر من ذي قبل، مدعوّون في كلّ مكان إلى أن نلتزم بجديّة من أجل السّلام، ونلتزم بالعمل من أجل عالم، يتَّحد فيه المؤمنون الصّادقون في معتقدهم، لرفض ما يفرّقنا وللتّركيز على ما يوحّدنا". ليكن كذلك ببركة الإله العليّ القدير.