حكم هذه المسألة ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول "في تاجر عايز ياخد مني مبلغ ويدفعلي نسبة شهرية ثاتبة هل هذا ربا ؟ .
حكم تحديد نسبة الربح من رأس المال
وأجاب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن هذه الصورة تسمى بالمضاربة ، فلو كان هذا التاجر سيأخذ المبلغ المتفق عليه ويعطي صاحبه نسبة على رأس المال ، فهذا لا يجوز، ولو كان التاجر سيعطي صاحب المال نسبة على الربح فهذا جائز شرعا.
وأشار إلى أن بعض التجار يفهم هذه المسألة جيدا، ويخرج بنفسه عن دائرة الشك والشبهة، فيعطي مثلا صاحب المال كل شهر مثلا 2000 جنيه، وفي نهاية العام يحسب أرباح صاحب المال إجمالا، ويحسب ما تم صرفه له طوال العام، فلو كان ما تم صرفه طوال العام يساوي إجمالي الأرباح التي تم حصرها في نهاية العام فلا حرج، ولو نقصت يعطي صاحب المال ، ما نقص من أرباحه له.
وتابع: ومثال على ذلك لو أعطى التاجر صاحب المال كل شهر 2000 جنيه ، وفي نهاية العام حسب أرباحه وجدها 25 ألف جنيه، وبالتالي فصاحب المال أخذ على مدار العام 24 ألف ويتبقى له ألف جنيه، فوقتها يصرف له الألف جنيه ، وهنا يكون قد وفى حق صاحب المال.
الشراكة في الأرباح فقط
اشتركت مع صاحب لي في عمل على أن يكون المال مني والعمل منه، واتفقنا على أن آخذ خمسة آلاف جنيه كل شهر من الأرباح، ولا علاقة لي بالمكسب أو الخسارة فما حكم هذه المعاملة؟ .. سؤال أجابت عنه لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية من خلال صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك.
وقالت اللجنة : "هذه المعاملة تسمى في الفقه الإسلامي بالمضاربة: وهي نوع من المشاركة، يتم فيه دفع مال من شخص لآخر يتاجر فيه والربح بينهما".
معنى المضاربة في الإسلام
وتابعت:"تعتبر المضاربة من أوسع أبواب العقود المالية لأنها تقوم على مفهوم تلاقي رأس المال مع جهد الإنسان لتحقيق عمل مربح"، مستدلة بما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث والناس يتعاملون بالمضاربة فلم ينكر عليهم، فكان ذلك تقريرًا منه صلى الله عليه وسلم لمشروعيتها، كما روي عن عدد من الصحابة أنهم دفعوا مال اليتيم مضاربة، منهم عمر وعثمان وعلي وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وعبيد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهم، وعليه تعامل الناس من زمن الصحابة إلى يومنا هذا من غير نكير، خاصة وأن كثيرًا من أصحاب الأموال لا يعرفون طرق استثمارها، ولأن كثيرًا من الخبراء في ذلك لا أموال عندهم، والمصلحة تقتضي مشاركة الطرفين.
وأضافت لجنة الفتوى: قد اتفق العلماء على أن المضاربة المشروعة يشترط فيها أن يكون الربح نسبة شائعة معلومة لكل من الطرفين، ولا يجوز أن يشرط لأحدهما مبلغًا محددًا وإن قل. قال ابن المنذر: "أجمع أهل العلم على أن للعامل أن يشترط على رب المال ثلث الربح، أو نصفه، أو ما يجمعان عليه، بعد أن يكون ذلك معلومًا، جزءًا من أجزاء، وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض الذي يشترط أحدهما -أو كلاهما- لنفسه دراهم معلومة، وممن حفظنا ذلك عنه: مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي" .
وأكملت لجنة الفتوى : إنما لم يصح تحديد قدر معين من الربح لأحد الشريكين لأمور:
منها: أنه إذا شرط أحدهما أموالا معلومة، احتمل أن لا يربح غيرها، فيحصل على جميع الربح، واحتمل أن لا يربحها، فيأخذ من رأس المال جزءا، وقد يربح كثيرا، فيتضرر من شرطت له الأموال المحددة.
ومنها: أن العامل متى شرط لنفسه دراهم معلومة، ربما توانى في طلب الربح؛ لعدم فائدته فيه وحصول نفعه لغيره، بخلاف ما إذا كان له جزء من الربح.
وشددت لجنة الفتوى بالأزهر على أنه لا يجوز في المضاربة تحديد مبلغ معين مقطوع به لصاحب المال، والمشروع أن يحدد المضاربان نسبة من الربح كثلثه أو نصفه أو نحو ذلك مما يتفقان عليه تكون لرب المال والباقي للعامل، فإن لم يفعلا ذلك فسدت المضاربة، وانقلبت عند جمهور الفقهاء إلى إجارة فاسدة يستحق فيها صاحب المال كل الربح، ويستحق العامل أجرة مثله. قال الموصلي: "إذا فسدت المضاربة فهي إجارة فاسدة؛ لأنه عمل له بأجر مجهول فيستحق أجر مثله".
وبينت لجنة الفتوى في واقعة السؤال نقول للسائل: ما مضى من عمل فهو إجارة يستحق شريكك عليها أجرة المثل، فعليك بتقييم عمله وتحديد الأجر المناسب ودفعه له، وما بقي من رأس المال والأرباح فهو لك، وعليك بتصحيح هذه المعاملة مستقبلا بتحديد نسبة من الربح كثلثه أو ربعه أو ما تتفقان عليه، حتى تصح هذه المشاركة.