كتبت: نيرة سعيد
ارتفعت نسبة الوفيات في الآونة الأخيرة وخاصة بين الأطفال بالأرياف بسبب حبة الغلة القاتلة وهي غير باهظة الثمن ويسهل تداولها بين أيدي الجميع حيث أصبحت بمثابة مثار رعب عند الفلاحين واصطفت بجانب وسائل "الموت الرخيص" إذ تتسبب في حدوث الوفاة خلال ساعة على الأكثر من التناول.
وهنا تتراوح بين وجداننا الاسئلة حول ماهية تلك الحبة وما سر انتشارها؟
حبة الغلة أو الحبة السوداء يلقبها الأطباء "القاتل الصامت" واسمها العلمي "فوسفيد الألومنيوم" وهي حبة يعرفها الفلاحون في مصر، وتبدو على هيئة أقراص، تدخل مصر بصورة رسمية كمبيد حشري مصرح به، وهى حبة صغيرة لا يزيد وزنها على بضعة مليجرامات وتُستخدم كمبيد حشري، من أجل حفظ معظم أنواع الغلال المختلفة والحبوب من التسوس والحشرات والآفات الضارة أثناء عملية التخزين بعد موسم الحصاد، ويبلغ سعر القرص الواحد جنيهًا فقط مما يجعل منه بديلًا لانخفاض السعر عن تقنية حفظ الأقماح بطريقة التبخير، والتي تتكلف مبالغ كبيرة، ويرجع اتشارها لسهولة تداولها بجميع محلات المبيدات الحشرية والبقالة وبيعها بدون رقابة.
وهنا يكمن السؤال الأكثر أهمية وهو كيف لتلك الحبة تغيير مسار وظيفتها من حفظ الغلال لتدمير صحة الإنسان؟
ترجع سمية حبة الغلة في إطلاقها غاز "الفوسفين" شديد السمية، وينتج القرص الواحد (واحد جرام) من غاز الفوسفين أو فوسفيد النيتروجين، وهو غاز لا يوجد له علاج مضاد له، و500 مجم من هذا المركب كفيلة بقتل الإنسان.وتتفاعل حبوب الغلة فور دخولها المعدة مع المياه وعصارة المعدة الحمضية وتنتج بالجسم غاز الفوسفين شديد السمية، والذي يسبب حدوث حالة تسمم حاد ولا توجد أعراض سريرية واضحة لهذا الغاز، إذ تختلف تبعا للجرعة ومدة التعرض لغاز الفوسفين والذي يتسبب في وقف أجهزة الجسم تباعاً مثل القلب والكلى والكبد، لذلك يتم التعامل فوراً مع الأعراض الظاهرة مباشرةً، ولذلك يُسمي الأطباء حبوب الغلة وغاز الفوسفين بالقاتل الصامت.ومن الأخطاء الشائعة في التعامل مع التسمم بحبة الغلة هو إعطاء المريض المياه، لأنه يساعد على سرعة التفاعل وإطلاق الغاز السام .
ولتلك الحبة ضحايا كثيرين منهم فتاة الغربية، التي تعرضت لابتزاز إلكتروني، ولحقت بها شابة في الثلاثين من عمرها تناولتها لتنهي حياتها، وأقدمت عليها ربة منزل؛ لمرورها بضائقة نفسية لسفر زوجها للخارج منذ فترة وخلافات مع والدة زوجها إلي جانب ذلك الكثير من الأطفال اللذين تناولها بقصد أو بغير قصد.
طرق إسعاف المتناول لتلك حبة الغلة المميتة وهي كالآتي:
يجب التصرف سريعا مع الحالة بإعطائها فنجان من الزيت متكرر خلال 15 دقيقة، وذلك لتغطية الحبة بالزيت وعدم التفاعل ويتم ذلك خلال نقل المريض بالإسعاف إلى أقرب مستشفى، مشددًا على ضرورة التوعية المستمرة للأطباء المستجدين المتواجدين بالطوارئ للتعامل مع تلك الحالات بشكل سريع.
وبالضرورة بذلت الدولة مساعٍ تجاه تقنين تداول تلك الحبات القاتلة ومنها:
أصدرت وزارة الزراعة قرار استبدال حبة الغلة بصورة غازية (اسطوانات) بدلاً من أقراص
توجية الشركة العامة للصوامع بمخاطبة الوزارة مباشرة بالاحتياج السنوي لها حتي تقوم الوزارة بتوفيرها لهم.
وتتصاعد جهود وزارة الزراعة و الصحة و شرطة المسطحات و التموين و أجهزة الرقابة في الوزارات المختلفة لبذل المزيد من الجهد للقضاء علي تداولها بالمحلات
كما اوصت وزارة الزراعة بقيام أئمة المساجد بنشر الوعي بين المواطنين للتأكيد علي خطورة تلك الحبوب .