جرت رياح نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية بما لا تشتهي سفن الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي لم يستطع تحقيق الأغلبية.
وأعلنت وزارة الداخلية الفرنسية، فجر اليوم الاثنين، نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في البلاد أمس الأحد.
وحصل التحالف الذي يقوده الرئيس الفرنسي، على 245 مقعدا في المجلس المؤلف من 577 مقعدا في ختام الدورة الثانية للانتخابات التشريعية.
فيما حقق اليسار نصرا غير مسبوق بفوزه بـ 135 مقعداً، وأحدث التجمع الوطني اليميني المتطرف اختراقاً غير مسبوق منذ سبعينات القرن الماضي بفوزه بـ89 مقعداً.
عدم تحقيق الأغلبية في البرلمان، يحول الرئيس الفرنسي، بعد شهرين تقريبا من تحقيقه الفوز بولاية رئاسية ثانية، إلى مقيد في سلطاته الداخلية، بسبب إجباره على تشكيل حكومة يرأسها وزيراً أول خارج سلطته.
وفي هذه الحالة أصبح وضع الرئيس الفرنسي الذي ستقتص سلطاته على السياسة الخارجية والدفاع، شبيهاً بما يطلق على ملك التاج البريطاني بحكم سلطاته المقيدة جداً، بأنه "ملك يسود ولا يحكم".
ورغم تصدر تحالف ماكرون الوسطي "معا" لنتائج الانتخابات المعلنة، إلى أن انتصاره كان بطعم الهزيمة، إذ لم يستطع تحقيق الـ289 مقعدا في الجمعية الوطنية، المطلوبة لتحقيق أغلبية مريحة، وتشكيل الحكومة.
بل إن تحالف ماكرون وإن فاز بأكبر عدد من مقاعد (245)، ظل بعيداً كل البعد عن انتصار عام 2017، ومني بما يمكن أن يسمى هزيمة بانتخابات 2022، إذ فشل على الأقل ثلاثة من وزراء حكومته الحالية في الفوز داخل دوائرهم الانتخابية، وبالتالي سيكونون خارج أي تشكيلة حكومية قادمة.
والآن تلبد المشهد السياسي بفرنسا غيوم غير مريحة بالنسبة لماكرون، الذي سيكون عليه السعي لتشكيل حكومة بتحالفات ضيقة، نظراً إلى لأن خصومه في اليمين واليسار بإمكانهم أيضا إما السعي إلى تحالف مع المحافظين أو إدارة حكومة أقلية سيتعين عليها التفاوض على القوانين على أساس كل حالة على حدة مع الأحزاب الأخرى.
ويمكن لماكرون أيضا أن يضطر لرهن نفسه لرئيس وزرائه السابق إدوارد فيليب، الذي سيطالب بأن يكون له رأي أكبر فيما يتعلق بقرارات الحكومة، وهو ما يجعل الرئيس الفرنسي بعد 5 سنوات من السيطرة بلا منازع، في حالة مزعجة من تقديم المزيد من التنازلات.
وسواء شكل ماكرون حكومة بأغلبية نسبية، وأبقى على رئيسة الحكومة الحالية إليزابيث بورن، أو أبعدته الأحزاب المعارضة وشكلت حكومة أقلية، فسيكون الوضع بالنسبة للرئيس الفرنسي مزعجا في كلا الحالتين، إذ ستكون الحالة السياسية غير مستقرة، وستصطدم سياسات تحالف "معا" في كل مرة بعقبات ومضايقات من باقي أعضاء البرلمان، الذين يشكلون مجتمعين الأغلبية في وجه سيد الإليزيه.