يخرجون من الأجداث ووجهتهم الجنة مباشرة (كيف هذا؟) بلا عقاب ولا سابقة حساب؟ نعم بلا ميزان ولا نشر ديوان؟ نعم .
يستقبلهم الحارس الأمين على باب الجنة (سيدنا رضوان) ويقول لهم ( إلى أين ؟).
يقولون له ( إلى الجنة ) بقول لهم رضوان ( أنتم لم ينصب لكم ميزان ولم ينشر لكم ديوان فكيف تدخلون الجنان ؟
يقولون له ( يا رضوان نحن لا نخضع لميزان ولا إلى نشر ديوان ) ثم يستطردون ألم تقرأ القرآن ؟ وبالتأكيد رضوان قرأ القرآن ولكنه يجيبهم في أي شيء من القرآن أقرأ ؟ قالوا أقرأ قوله تعالى ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) فيقول لهم رضوان ( فكيف كان صبركم ؟ ) قالوا نحن كنا إذا أسيء إلينا حلمنا ، وإذا جهل علينا غفرنا ، وإذا أذنبنا استغفرنا ، وإذا ابتلينا صبرنا ، وإذا أعطينا شكرنا قيبادرهم رضوان بقوله ( ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ) ( كتاب شعب الإيمان للبيهقي ).
هل تحب أن يكون الله _ سبحانه وتعالى _ معك؟ إذن ما عليك إلا أن تكون من الصابرين مصداقاً لقول ربنا ( إن الله مع الصابرين) وقوله تعالى ( ولئن صبرتم لهو خير للصابرين).
يأتي الرجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول له (أوصني يا رسول الله) يقول له رسولنا الكريم (لا تغضب) أي تحلى بالصبر فيقول أوصني يا رسول الله فيقول له لا تغضب ثم يكررها الثالثة فيكرر رسولنا الكريم له (لا تغضب).
وروى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " (من يتصبر يصبره الله ، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر) .
بالتأكيد عزيزي القارئ المحترم مهما نهلت من القرآن ومن سنة سيد الأنام ما استطعت أن أصف لك معنى الصبر وقدره في ديننا الحنيف بل وفي الأديان التي سبقت الإسلام حيث روى لنا القرآن أيضا الكثير مما تعرض له من قبلنا وكيف كانت دعوة الله لهم بضرورة التحلي بالصبر والتمسك به.
لكني أردت مما سبق أن أنبه لأمر هام في عصرنا الحديث الذي من المفروض أن نطلق عليه عصر العلم والتقدم في كل شيء إلا في شيء واحد مع الأسف الشديد وهو التمسك بتعاليم ديننا الذي يدعونا إلى كل ما هو خير ، ولقد اخترت صفة الصبر هذه المرة لما رأيت من نفور بين الناس فلا أحد يتحمل أحد ولا أحد يلتمس العذر لأحد ( إلا من رحم ربي).
وتذكرت هذا القول المنقول من تراثنا الجميل ( إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره ، فالتمس له عذراً واحداً إلى سبعين عذراً ، فإن أصبته وإلا قل لعل له عذراً لا أعرفه.
كم هو جميل أن تتحلى بالصبر في كل أمور حياتك قبل رد فعلك على كل قول أو عمل يصدر من الآخرين وأن تحسن الظن بالله ثم تحسن الظن بالناس وأن تؤول تصرفاتهم وكلامهم التأويل الذي لا يترك أثر سيئ في نفسك حتى لو لم تكن الحقيقة حتى يظل قبلك سليم من جانبهم وحاول أن تطيع الله سبحانه في قوله الحكيم ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ).