بعد نجاح أحمد مالك في إثارة فضولنا تجاه بيبمو بتفاصيل شخصيته والمواقف التي يورّط نفسه بها خلال أول حلقتيّن، تأتي الحلقتان الثالثة والرابعة لتستعرض لنا جوانب شخصيته وتطوراتها الأكثر إثارة للفضول.
ويرفض بيمبو أن يتركنا نلتقط أنفاسنا؛ فيورّط نفسه بمشكلات أكثر وأزمات أكبر وأخطر! لتجد نفسك مع نهاية الحلقة الرابعة، في مواجهة تساؤلات عدة عما سيواجهه هذا الفتى خلال الأحداث القادمة، وينتابك مزيج عجيب من المشاعر تجاهه! بين إعجاب لمواقفه الإنسانية، وحب لاهتمامه بمن حوله، وقلق مما يحيط به من خطورة قد تؤدي إلى مقتله، وحيرة تجاه التصرف الذي قد يتصرفه في موقف بعينه، وتوتر بسبب أشخاص يتعامل معهم وكان من الأفضل تجنبهم، وأسف وأسى وإنزعاج لما يوّرط نفسه فيه حتى أن الخطر صار رفيقه في كل خطوة!
نرى بوضوح مع أحداث الحلقة الثالثة الجانب الاستقصائي في شخصية بيمبو، حتى أن جابر يصفه بطرافة في أحد المواقف على أنه "المحقق كرومبو"، وهذا لأن بيمبو يحاول بكل وسيلة ممكنة مساعدة لانا في العثور على صديقتها مريم، وفك طلاسم لغز مقتل سونيا أو انتحارها، فيجمع الدلائل من هنا وهناك، ويحاول ربط الأحداث ببعضها مستخدماً قدرته المميزة على رصد التفاصيل.
وفي ظل هذا، نلمح تطور جانبه العاطفي تجاه لانا، فهو يغار عليها من سليم، ويغضب حين تقلل من قدره، ويسعد كثيرًا لدرجة أنه قد يرقص في الشارع حين يشعر باحتياجها له، ونرى بسهولة حبه لها في نظرات عينيه وفي كل ردود أفعاله، فهو قد يدفع بنفسه في النار ليثبت لها أنه بجانبها.
وعلى جانب آخر تتوطد صداقته مع جابر، فنرى جانب بيمبو الإنساني، وكيف أصبح يهتم لأمر جابر بعدما اكتسب ثقته. حتى أنه يعترف له لأول مرة بأنه لا يعلم شيء عن أمه، لم يراها ولا يعرفها، ليثير من جديد فضولنا تجاه حياة بيمبو السابقة، وما هي الخلفيات التي جعلتنا نرى هذه الشخصية المُعقدة.
يلتقط بيبمو خيط يقوله جابر مصادفة، بأن حارس الكسباني قد يكون هو أول مشتبه به في قتل سونيا. ومن هنا يبدأ بيبمو برفقة جابر ولانا في تتبع الحارس كرم. وخلال هذه الرحلة يؤكد بيبمو على استعداده للتورط في أي موقف مهما بلغت خطورته. وتتأزم الأحداث من جديد مع الزعيم كاش، والذي يتصاعد من خلاله مستوى التورط إلى الدوك (صاحب مزرعة تصنيع المخدرات)، ونجد بيبمو "يخرج من حفرة ليقع في دُحديرة" ويقفز من فخ إلى فخ أكبر، فلا يلتقط أنفاسه ولا يجعلنا نلتقط أنفاسنا معه.
تنتهي الحلقة الرابعة بمجزرة دموية، ندرك بعدها أن بيمبو أصبح في وضع لا يحسد عليه، وأن حياته صارت مطلوبة قبل أي شيء آخر. نصل إلى هذا بعد رحلة أحداث، رأينا فيها بيبمو الإنسان الذي يحاول حماية من حوله في كل موقف، والمحب الذي يهيم حبًا بـ "لانا" ولا يتأخر في تقديم أي شيء لها، والصديق الذي يهتم لـ "جابر" ويمنحه ثقته، والمتهور الذي يتعامل مع أكثر الناس شرًا، وله سبله الخاصة مع أخطرهم في المجال..
كل هذه الجوانب المتنوعة والمتناقضة والمعقدة، يؤديها أحمد مالك بتلقائية استثنائية وإجادة تامة، فتصدقه في كل موقف مهما كانت غرابته أو مخالفته لتوقعاتك. مالك يبرهن من جديد أنه قادر على تحريك كل الأحداث والشخصيات في خطوط المسلسل الدرامية من خلال تجسيده التلقائي لشخصية بيمو وجعلنا نصدّق كل تفاصيلها.
ثم ننتظر من جديد ماذا قد يحدث له في الحلقات القادمة؛ فنحن لا زلنا نشعر بالفضول تجاه شخصيته وخلفياتها، ونشعر بالقلق عليه مما قد تورّط به هذه المرة، وأصبح يروقنا ويهمنا أمره ونتمنى خلاصه مما يقحم نفسه فيه.