كتب:صالح المسعودي
قبل أن آوي إلى فراشي. وكالمعتاد بدأت أتصفح صفحات ( الفيس بوك ) لأطلع على آخر أخبار العالم الذي أصبح قرية صغيرة، ومن حسن حظي أنني بدأت التصفح بصفحة الوطني المحترم ( النادر ) الأستاذ الدكتور ( رضا عبد السلام ) ذلك الهامة والقامة الذي لم ألتقيه في حياتي ولكنها القلوب التي تتوافق بفضل مالك الملك، فقد وجدت على صفحة ( الدكتور ) وكعادته موضوعاً مختصراً عن نداء أهل القصور لأهل القبور للتبرع.
وبما أنني كنت قد شرعت بالفعل في كتابة مقال عن هذا الأمر الغريب إلا أني أردت أن أذكر ( الدكتور رضا عبد السلام ) كنوع من رد الفضل لأهله فهو في نظري صاحب الفكرة ودائما سباق في الأمور التي تشغل المجتمع ودائما ما يبحث الرجل عن حلول فالرجل صاحب فكر وعبقرية فريدة، للأمانة أنا عن نفسي نادراً ما أتابع ( التلفاز ) في غير رمضان فما بالك بشهر القرآن والبحث عن الحسنات، ومن وجهة نظري المتواضعة ( حتى لو إتهمني البعض بالرجعية ) فأنا أعتبر ما يقدم على شاشات ( التلفاز ) في رمضان لا يمت بصلة لأي دين على وجه المعمورة فما بالك بالدين الإسلامي الذي جعل صيام رمضان أحد أركانه، لما يقدم في هذا الشهر الكريم من ابتذال لا يرضي الله ولا رسوله ولا أصحاب الضمائر الحية
ونعود ( لموضوعنا ) وهو هذا التسول السافر من أهل القصور ومن يقبضوا ( بالملايين ) ليستجدوا الفقراء الذين لا يملكون ( الملاليم ) والذين هم في الأساس على فاقة المساعدة وقد تذكرت وأنا أكتب مثل قديم يقول ( اللي اختشوا ماتوا ) نعم لقد ماتوا، أو كادوا يندثروا أولئك الذين يحملون في وجوههم قطرات الدم التي تسبب الخجل ، فما تكاد تقلب قنوات ( التلفاز ) إلا وترى فواصل المسلسلات والبرامج تعج بإعلانات الرجاء والتسول من المواطن( المعدوم) في الوقت الذي يعلم الجميع كم المبالغ التي تُنفق على تلك البرامج والمسلسلات التي يتم الإعداد لها من بداية العام للحاق بموسم رمضان ، ويكاد يعرف الجميع دخل مقدمي تلك البرامج بعدما قاموا هم بفضح بعضهم البعض بعد وصلات من ( الردح ). ووقف المواطن المطحون مذهولا أمام الأرقام التي يتقاضاها هؤلاء.
ورأيتني إن قلت أن هذه المليارات التي تُنفق على تلك الأعمال لو تم توجيهها لتلك المستشفيات أو أي باب من أبواب الخير لنعتني البعض ( بالتخلف والرجعية ) ، ولكن لي سؤال بسيط ( هل من الأجدى أن نعطي فنان هندي ملايين لأنه أضحك المشاهد دقائق ؟ ) بينما ينام الفقراء وهم يبكون من العوز ومسؤوليات الحياة الصعبة ثم نأتي في المساء لنطلب من الفقراء أن يتبرعوا عوضاً عن الذين يُلقون الدولارات في ( حمام السباحة ) من شدة السفه، فوجهة نظري المتواضعة أن ( الدولة ) لها حق القوامة على كل مَن يتعامل بسفه وخاصة إن كان هذا السفه يحدث ضرراً وفتنة بين الناس.
ولقد راودني سؤال آخر وهو ( هل الجهات المعلنة عن الأمور الخيرية تلك يتم الإعلان لها بشكل مجاني ؟ ( لا أعتقد ).إذاً جزء ليس باليسر من دخل هذه الجهات الخيرية التي لا تخضع للضريبة يتم إلقائه في غير الغرض المخصص له، ولو أن هذا الجزء قد تم استثماره بشكل جيد والبحث عن طرق أقل كلفة لجمع التبرعات لكان أفضل بكثير بعدما حولنا ( التلفاز ) لمأتم كبير ناهيك عن تصوير المرضى بشكل غير آدمي والعالم أجمع يشاهد تلك التجاوزات الفجة وكأن الدولة في ثُبات عميق من تلك التصرفات التي لا تليق ببلد كانت ومازالت تحمل تاريخ الإنسانية. فهل من عقلاء يوقفوا هذا الخلل ؟ أتمنى.