35 يورو.. دعوة للمصريين والعرب لبيع السائل المنوي تثير الجدل

الثلاثاء 13 أكتوبر 2020 | 06:32 مساءً
كتب : رحاب الخولى

عادت فكرة شراء الحيوانات المنوية والتبرع بها تنتشر بشراسة على مواقع السوشيال ميديا من قبل عدد من الشباب، مستغلين الظروف الراهنة التي يمر بها الشباب على مستوى العالم من انتشار فيروس كورونا وتأثر الاقتصاد بها، خاصة في الوطن العربي والشرق الأوسط، الأمر الذي أثار حالة من الجدل حول تلك الدعوة الغريبة التي تتنافى مع أخلاقيات المجتمع المصرى، وتتنافى مع الشارع الإسلامي. 

ضجة على السوشيال ميديا

وخلال الأيام الماضية، قام شاب مصري يدعى أحمد حجاج يمتلك صفحة شهيرة على الفيس بوك يتابعها أكثر من 2 مليون شخص، هذا الشاب هو رحالة مصري، يسافر إلى كل دول العالم لتوثيق بعض الفيديوهات من كل دولة، اشتهر في الوسط الإعلامي بابن بطوطة رقم 12، وكان آخر أعماله الإذاعية على اليوتيوب توثيق فيديو من دولة الدنمارك من داخل أكبر بنك لبيع الحيوانات المنوية. 

اسال طبيب

دعوة للمصريين ببيع بالحيوانات المنوية 

وقام الشاب أحمد حجاج، خلال شهر فبراير الماضي، بدعوة الشباب المصريين إلى بيع الحيوانات المنوية قائلا عبر الصفحة الرسمية له: فرصة لكل شاب مصري و عربي،  كلنا عارفين إن أوروبا عندها مشكلة كبيرة جداً في نسب الولادة و الأطفال الجديدة و نسبة الخصوبة عندهم بتقل كل سنة عن اللي قبليها و ده ليه عواقب رهيبة عليهم، وده خلي الدنمارك تفتح أكبر بنك حيوانات منوية في أوروبا و العالم و تعمل شعارها "بلاش تضيع حيواناتك المنوية في البلاعة و تعالي إتبرع بيهم هنا و خد ٣٥ يورو" .

اسال طبيب

خصوبة أعلى 

وتابع من خلال منشور له، قائلا دولة الدنمارك ترحب بكل المتبرعين من مصر و الدول العربية عشان الأبحاث بتأكد إن الشاب المصري و العربي عنده جودة حيوانات منوية عالية جداً و نسبة خصوبة أعلي بكتير من الأوروبي". 

أسعار بيع الحيوانات المنوية 

 وأضاف: " المرة ب٧٠٠ جنيه و كل ١٢ مرة بيدوك ١٢٠٠ جنيه زيادة هدية و لو اتبرعت ١٨ مرة بيدوك ٢٥٠٠ جنيه زيادة علي اللي انت حتاخده اساساً ... يعني لو اتبرعت ١٨ مرة في الشهر حتاخد اكتر من ١٦ الف جنيه !!. 

اسال طبيب

وبمجرد نشر هذا الفيديو عبر صفحة السوشيال ميديا انهالت التعليقات عليه من قبل الشباب منهم من أيده طالبين منه كيفية الوصول لينك الحيوانات المنوية مقابل الحصول على الأموال، وآخرين لم يعجبهم الأمر رافعين الرايات بأن هذا العمل هو من الزنا وأعظم الجرائم مطالبين منه إزالة الفيديو وإلا سيتم مقاضاته لأنها دعوة للسفاح والزنا والاتجار بالأطفال.   

والغريب في هذا الأمر، أن هذا الشاب المصري لم ينتبه لردود السوشيال ميديا بل قام بترك الفيديو والتواصل مع الشباب الذين يرغبون في الوصول لبنك الحيوانات المنوية، حيث قام الشاب بوضع ايملات وأسماء عدد من المواقع التي يمكن أن يتواصل عليها المانحون المصريين والمشتريين وذلك على نطاق عالمى، لمعرفة الأسعار وكيفية تسليمهم أنبول الحيوانات المنوية. 

اسال طبيب

رد صادم 

ولم يكتف هذا الشاب بذلك بل قام بالرد على منتقديه في الرأي، قائلا: الموضوع مافيهوش اختلاط انساب زي ما الناس بتقول، لأن كل المعلومات عن المتطوع صاحب الحيوانات المنوية "الأب للطفل" بتكون مسجلة و متاحة للطفل و أمه بالتفصيل.

وتابع: " احنا بنعرض الفيديو أولا و اخيرا عشان نوريكم قد ايه التكنولوجيا و التطور العلمي المذهل وصل في العالم و قد ايه ان ربنا حمي بلادنا العربية من مشاكل قلة الخلفة و الأطفال عشان تمسكنا مسلمين و مسيحيين بتقاليد و تعاليم ديننا اللي بتشجع علي الزواج".

اختراق مراكز بنوك بيع الحيوانات المنوية 

"بلدنا اليوم" اخترقت مواقع بنوك بيع الحيوانات المنوية ، وتوصلت إلى أن تلك المراكز الأجنبية  تقوم بالتواصل مع الشباب الراغب في منح الحيوانات المنوية، عن طريق الإنترنت، حتى يتم استدراجه للحضور إلى الدولة لإجراء عملية المنح لديهم.  

فهناك بنك الحيوانات المنوية بدولة إسرائيل، يقوم بشراء الحيوانات المنوية من الرجل الذي يتبرع بمنيه الذي يتم حفظه في بنك الحيوانات المنوية ويحصل مقابل ذلك على دفعة مالية تتراوح لألف جنيه مصري بعد خضوع الحيوانات المنوية  لفحوصات تمهيدية والموافقة على استلامها من ناحية نوعيته وجودته. 

اسال طبيب

خطوات بيع الحيوانات المنوية   

و تتم عملية التبرع باسم مجهول، والمتبرع لا يعرف هوية متلقيات أو متلقي الحيوانات المنوية، والمتلقيات لا يعرفن هوية المتبرع.  

ويشترط أن يكون المتبرع من العزاب فقط، ليس المتزوجين ولا المطلقين ولا الأرامل، وألا يقل عن 18 عاما ولا يزيد عن  30 سنة.

وفي حال الموافقة الحصول على الحيوانات المنوية يتم حفظ الDNA  لفحوصات مستقبلية، ويشترط على المتبرع بعدم التبرع في بنوك حيوانات منوية أخرى بعد أن تبرع بمنيه في بنك معين، وأن يوقع على امتناعه من الحصول على معلومات عن حالات الحمل والولادة من منيه.

اسال طبيب

وهناك مركز أجنبي في دولة اليونان يطلب من الأشخاص المانحة للحيوانات المنوية بمليء البيانات والتي تتضمن كتابة كل من "الاسم، اللقب، السن، نوع التخصيب اللازم (تبرع بويضات/حيوانات منوية أو غيره)، مع كتابة نبذة عن الصفات الجسمانية، والطول، والوزن، أصل العرق (للزوج والزوجة)

العمليات الجراحية التي قمتم بها، الأمراض (السكر، الضغط).، 

التدخين، ونوع فصيلة الدم ".

جروبات سرية 

من ناحية أخرى يوجد عدد لا باس به من الصفحات الشخصية والجروبات السرية تحت مسمى sperm donor, يقوم الأشخاص بتبادل المعلومات لمعرفة كل ماهو جديد في عالم التبرع بالحيوانات المنوية، والالتحاق بوظائف لدى تلك المراكز الأجنبية.  

رأي الدين 

وبالتطرق إلى رأي الشرع في حكم التبرع وبيع الحيوانات المنوية، قال الداعية الإسلامي عبد الله رشدي، إن التبرع بالسائل المنوي أو البويضات قد تم بحثه في المجامع الفقهية الدولية، وقد صدرت قرارات المجمع الفقهي في مؤتمره الثالث سنة ١٤٠٧هـ بتحريم ذلك الأمر. 

وأضاف "رشدي"  يأتي هذا التحريم لما في الأمر من مخالفة الشرع الشريف بالإنجاب خارج الزواج، ولما يترتب عليه من احتمالية خروج الولد على غير دين الإسلام، وكذلك ولاحتمالية اختلاط الأنساب في الأجيالِ الثانية، ولأنه يحصل عن طريق الاستمناء وهو مُحرم، وهذا الاستمناء يحصل عن طريق مشاهدة أفلام جنسية وهو محرم. 

وتابع : " الأمربِرمته مخالف لقواعد الشرع الشريف التي لا تعرف الإنجاب إلا عن طريق العلاقة المشروعة فقط لا غير.

حرام شرعًا .. وزنا مطلق

وعلق الشيخ سيد خريشي، دكتور الفقه المقارن، على موضوع التبرع أو بيع الحيوانات المنوية، قائلا إن الحرمانية هي عقوبة من يقوم بذلك الجرم، ويدخل في طائلة الكبائر، مشيرًا إلى أنه لم يقم أحد من المؤسسات الرسمية الدينية مثل الأوقاف والأزهر والإفتاء، أصدر حكمُا عن إباحة ذلك الجرم.

وأضاف "خريشي"، أن الموضوع الخاص ببيع أو التبرع بالحيوانات المنوية يعود إلى سنة 1975م، وكان متواجد في دول الغرب فقط، مشيرًا إلى أنه تردد أخبار عن إمكانية القيام بالتبرع وشراء الحيوانات المنوية في الدول الإسلامية، إلا أن الأزهر الشريف، رفض ذلك الموضوع و جميع المؤسسات الدينية الرسمية لان هذا يعد "زنا مطلق".

قضية أخرى

وأوضح الدكتور سيد خريشي، أنه فور ظهور مثل تلك القضايا، ظهرت قضية أخرى وهي الحقن المجهري بين الزوج والزوجة، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء المصرية، تحفظت على ذلك الموضوع خوفًا من التلاعب فيه، لافتًا، بينما ظهرت أشياء أخرى تتعلق بذلك الموضوع منها، الزوج الذي يتزوج "اثنان" فهل يجوز له أن يخفض من حجم البويضة بالنسبة للزوجة التي لديها القدرة على الإنجاب ووضعها في رحم الزوجة التي ليس لديها القدرة على الإنجاب، ويحدث في ذلك الموضوع خلط كبير في الأنساب، الأمر الذي أدى إلى تحريمه، لأن هناك إشكالية بأن من الذي ستكون أمًا لذلك الطفل.

 

كما علق الشيخ سيد خريشي، دكتور الفقه المقارن، على انتشار مثل هذه القضايا في الدول الأجنبية والأوروبية، حيث قال، إنه لا يوجد في هذه الدول أصلًا معنى لاختلاط الأنساب، ومن جانبها، تلك القضايا أصبحت مباحة لديهم، مشيرًا إلى أن سيطرة العلمانية على تلك المساءلة أعمت القلب والعين والبصيرة للإنسان، وأدت إلى افتقار مستوى الأخلاق الديني.

وأشار دكتور الفقه المقارن، إلى أنه لا بد من بذل كل الجهود للسيطرة على تلك القضايا ومنعها قبل انتشارها، مشيرًا إلى أن البيئة الدينية التي تتواجد فيها الدول الإسلامية تمنع انتشار مثل تلك الجرائم.

وأكد أن خرفات العلمانية في صورها المتطرفة تهدف إلى تدمير الدول الإسلامة، حيث تهدف إلى السيطرة على 5 أشياء وهي "الأسرة والدين والدولة والثقافة واللغة"، ومنها الأسرة لأنها تهدف إلى تدميرها، لأن مثل التبرع أو بيع الحيونات المنوية يخلق نوعًا من تعدد الأنساب وعدم معرفة الأب والأم الأصليين.

قضية حديثة لم تأخذ حظا وافرا

 وعن حكم التبرع بالسائل المنوي، يقول عبد الرازق السعودي،   دكتور في الشريعة الإسلامية، إن تلك القضية تعد من الأمور الخطيرة نظرا لتعلقها بالعرض والنسب فلابد من الحذر الشديد في التعامل معها .

 وأوضح، إن قضية التبرع بالسائل المنوي قضية حديثة لم تأخذ نصيبا وافرا من البحث الفقهي عند الفقهاء القدامى، غير أنهم تحدثوا عن موضوع عَسب الفحل.

 وأضاف، أن التبرع بالمني في الحيوانات جائز مطلقا سواء كان للتلقيح أم لأغراض طبية مختبرية، أما في الإنسان فإن التبرع بالمني جائز للدراسات الطبية والتحليلات المختبرية، وأما لتلقيح بويضة المرأة ففيه التفصيل الآتي، أن  تبرع بالمني لتلقيح بويضة زوجته في رحمها فذلك جائز، والتبرع بالمني لتلقيح بويضة زوجته في أنبوبة خارجية فهو جائز،  والتبرع بالمني لتلقيح بويضة زوجته في رحم امرأة أجنبية حاضنة مستعارة حرام وهو كالزنا، أما التبرع بالمني لتلقيح بويضة امرأة أجنبية لبست زوجته فذلك حرام كالزنا.

حالات تطبيق مانحي الحيوانات المنوية 

وفي هذا الصدد يقول على قمحاوي، اختصاصي أمراض النساء والتوليد، أن اختيار مانحي الحيوانات المنوية، يتم تطبيقها في حالات عدم تواجد الحيوانات المنوية لدى الذكر وهم مرضى فقدان النطاف أو في حالة تواجدها بأعداد قليلة أو في حالة عدم تحقيق حدوث الحمل بسبب عوامل الذكر على الرغم من محاولات أطفال الأنابيب المتعددة، وفي حالة عدم تواجد الحيوانات المنوية لدى الذكر عند تطبيق طريقة استخراج الحيوانات المنوية من الخصية .

وأضاف، في حالة تواجد أي نوع من الأمراض الوراثية الجينية التي من المحتمل انتقالها من الذكر إلى الأطفال ( مثل الهيموفيليا، مرض دوشين لضمور العضلات، يمكن أن يتم إتخاذ القرار بالعلاج عن طريق التبرع بالحيوانات المنوية أو العلاج عن طريق نقل الحيوانات المنوية.

اقرأ أيضا