قامت العديد من الدول بفرض إجراءات "التباعد الاجتماعي" على مواطنيها، في إطار مكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد الذي ظهر في الصين أواخر العام الماضي، وأصاب أكثر من مليوني ونصف المليون حتى الآن.
لكن دولا أخرى محدودة في العالم، راهنت على المناعة الجماعية أو ما يعرف بـ"مناعة القطيع"، من أجل التصدي لهذا الوباء، رغم أن هذه الاستراتيجية تثيرُ جدلا كبيرا في الأوساط الطبية والسياسية، وفقا لما ذكرته "سكاي نيوز".
فماهى سياسة القطيع؟ هي مبدأ السماح للناس بارتياد الأماكن العامة والتفاعل فيما بينهم، من دون إغلاق المحلات التجارية أو المتنزهات والشواطئ، أي أن السلطات تسمحُ بانتشار العدوى على نطاق معين.
والهدف من هذه الاستراتيجية هو أن يصاب الناس ويتعافوا حتى يكتسبوا مناعة ذاتية، على نحو تلقائي، لاسيما أن الفيروس ليس فتاكا بشكل كبير، لأن نسبة كبيرة من المصابين لا يشعرون بأي أعراض.
وموازاة مع ذلك، تقوم السلطات باتخاذ إجراءات لحماية الفئات الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا ومضاعفاته مثل كبار السن ومن يعانون الأمراض المزمنة.
وحثت منظمة الصحة العالمية على إجراء التباعد الاجتماعي، نظرا إلى عدم وجود لقاح، فيما تعكف هيئات علمية في عدة دول على تطوير المصل، وسط توقعات بأن يكون جاهزا في أواخر العام الجاري أو مطلع العام المقبل.
لكن المدافعين عن "مناعة القطيع" يقولون إن إجراءات التباعد الاجتماعي ليست حلا لعملية المكافحة الوباء حتى وإن أدت إلى انحسار الفيروس، والسبب هو أن هذا الإغلاق يؤدي إلى شل حركة الاقتصاد، أي أن أناسا كثيرين يجدون أنفسهم بدون أي موارد للعيش.
أما في حال نجاح إجراءات التباعد الاجتماعي، في انتشار الوباء، فإن الفيروس قد يعود مرة أخرى، إذا جرى تخفيف القيود، وذاك ما حصل في سنغافورة حيث سجلت موجة تفش ثانية، بعد تطبيق الأولى.
النموذج السويدي
تقدم السويد نفسها بمثابة نموذج ناجح لتطبيق "مناعة القطيع"، و قال كبير علماء الأوبئة في الوكالة السويدية العامة للصحة، أنديرس تيغنيل، إن هذه الخطة أظهرت فعاليتها، مؤكدا أن بلوغ "مناعة القطيع" في العاصمة ستوكهولم سيكون في غضون أسابيع.
وأضاف الأكاديمي السويدي أن ما يقارب 20 في المئة من سكان العاصمة اكتسبوا مناعة ضد فيروس كورونا، أي أنهم أصيبوا به ثم تعافوا، فيما يقال عادة إن شعبا ما اكتسب مناعة ضد عدوى معينة في حال تحققت المناعة لدى 60 في المئة منهم.
وتوصلت السويد إلى هذه القناعة تجاه مناعة القطيع، بعدما استقر عدد المصابين الجدد بكورونا، مؤخرا، رغم زيادة عدد الاختبارات في البلاد، لكن كبار السن كانوا أكثر تأثرا بالوباء.
ووصل العدد الإجمالي للمصابين بفيروس كورونا المستجد في السويد إلى 16 ألفا، توفي 1937 منهم؛ وأغلبهم من كبار السن.
وإذا كانت السويد تتحدث عن نجاح تجربة مناعة القطيع، فإن بريطانيا لم تفلح في ذلك، لأن بوريسون جونسون رئيس الوزراء، الذي كان من المدافعين عنا، أصيب بفيروس كورونا وقضى عدة أيام في قسم العناية المركزة بعد تدهور حالته الصحية.
واضطرت بريطانيا إلى إغلاق البلاد، ووصل العدد الإجمالي للمصابين حتى اليوم إلى أكثر من 133 ألفا، فيما قفز عدد الوفيات، يوم الخميس، إلى أزيد من 18 ألفا.