بوجه بشوش ضاحك وطلة بهية رقيقة الملامح وعقل ذكي مستنير وجهد جبار على مدار أكثر من 40 عاما استطاعت الدكتورة إلهام محمود أن تخطف الأضواء لتكون نموذجا يحتذى به، فهي تلك المرأة المصرية القوية المستنيرة بنت أسوان العظيمة والتي تدرجت في المناصب حتى حصولها على منصب نائب رئيس مجلس الطاقة العالمي.
إلهام محمود المرأة المصرية الأصيلة التي استطاعت تكوين أسرة مشرفة وذلك بدعم زوجها المهندس فرج محمود الذي كان خير سند ودعم لها، فهي من وافق عليها ممثلو الدول الإفريقية بالإجماع من أجل أن تتولى منصبها مفوضا للبنية التحتية والطاقة بالاتحاد الافريقي لدورتين متكاملتين بالإضافة إلى تمثيلها لمصر في العديد من المؤتمرات الدولية وكان لها لمستها الخاصة في رؤية أفريقيا لأجندة 2063.
لذا حرصت جريدة "بلدنا اليوم" على إجراء حوار شيق ومثير مع تلك القامة العالية والمشرفة المصرية بالتزامن مع الاحتفال يوم المرأة المصرية في هذا الشهر والكشف عن العديد من الأشياء المهمة والخاصة سواء بخصوص سد النهضة أو مستقبل الكهرباء في مصر وكذلك كيفية استغلال مصر لمصادر الطاقة المتجددة وإلى أي مدى وصل تطور البنية التحتية في مصر المحروسة، وكان الحوار كما يلي:
في نبذة مختصرة.. من هي الدكتورة إلهام محمود؟
"أنا ابنة أسوان والدتي كانت هي الداعم الأول لي منذ نعومة أظافري ووالدي صعيدي المنشأ، وكنت دائما من الأوائل خلال فترة دراستي وزوجي كان معي في الفصل ذاته في مرحلة الدراسة الثانوية، ففي عام 1965 قامت الأمم المتحدة بتفعيل تجربة مدرسة تجريبية مشتركة في أسوان وبتدعيم هذا الأمر ماليا أصبح للمدرسة معامل متنوعة وخلال تلك التجربة كان هناك يوم الخميس مخصصا لدراسة السد العالي يأخذوننا بأتوبيسات إلى موقع بناء السد وشهدنا العديد من مراحل بنائه.
وكانت أمنيتي هي العمل في السد العالي وتخرجت من هندسة أسيوط بامتياز مع مرتبة الشرف تم تعييني كمعيدة وبعد زواجي انتقلت للعمل بالقاهرة في المركز القومي للبحوث ومن ثم بدأت بتحضير الماجستير، ثم انتقلت للعمل في أسوان تجهيزا لإنشاء كلية للهندسة في أسوان ثم توقف المشروع فاستقلت من الجامعة".
ماذا عن فترة عملك في السد العالي؟
"عند الإعلان عن الحاجة إلى مهندسين في السد العالي قدمت أوراقي وعملت كمهندس حديث رغم خبرتي السابقة التي بلغت 6 سنوات، وبلغت مدة عملي في السد 10 سنوات وفيها تعلمت واكتسبت العديد من الخبرات حيث بدأ مشروع تطوير توربينات السد العالي وتم أثناء ذلك التجديد الكلي للوحدات وعملت تحت مستوى سطح الماء في الأنفاق وفي الوقت ذاته كنت قد سجلت الدكتوراه في جامعة القاهرة وبعد ذلك تمت إعارتى إلى هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة وشاركت في بناء معامل الاختبارات لكل أجهزة ومستلزمات الطاقة المتجددة في مصر وفيها أيضا أكملت رسالة الدكتوراه في جامعة القاهرة، وبالمناسبة السد العالي مدرسة غير عادية ففيه ثروة بشرية كخبرات نادرة في إدارة السدود ومحطات الكهرباء".
ماذا عن عملك في وزارة الكهرباء؟
"كل من محطة كهرباء السد العالي وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة تابع لوزارة الكهرباء إلا انني في عام 2005 تقدمت لوظيفة وكيل الوزارة للبحوث والتخطيط والتعاون الدولي وعينت فيها وحققت والحمد لله إنجازات متعددة، وبعد حوالي عامين وفقت في الحصول على منصب وكيل أول وزارة الكهرباء وكنت أول سيدة تحصل على هذا المنصب.
وفي هذه الفترة رشحتني الوزارة ومن ثم مصر لمنصب مفوض الطاقة والبنية التحتية بالاتحاد الافريقي بأديس أبابا بدرجة وزير وبالفعل تم انتخابي في مؤتمر القمة في أديس أبابا سنة 2008 دون اعتراض من أي دولة لأكون أول مصري أو مصرية يحصل على هذا المنصب منذ أن أنشأ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ورفاقه منظمة الوحدة الأفريقية التي تحولت إلى الاتحاد الأفريقي بعد ذلك، ثم أعيد انتخابي لمدة أربع سنوات أخرى، وأثناء ذلك تم ترشيحي لمنصب نائب رئيس المجلس العالمي للطاقة عن قارة أفريقيا وفعلا تم انتخابي للمنصب بإجماع كل دول القارة".
ما هو مجلس الطاقة العالمي وما هي أهم مهامه؟
"هو منظمة دولية غير هادفة للربح ومعترف بها من الأمم المتحدة وأعضاؤها هم كل من له علاقة بالطاقة وأقصد هنا كهرباء وبترول وفحم وطاقة نووية وغيرها ومقر السكرتارية في لندن ويشمل الخبراء والباحثين والشركات والحكومات والأفراد أي كل من له اهتمام أو دور في قطاع الطاقة، وأبرز مهامه أنه يتيح لهم فرصة للتجمع لمناقشة مشاكل وقضايا الطاقة على مستوى العالم وهي التي تمثل وتعكس مشكلات الطاقة على مستوى الدول. وهناك اجتماع جمعية عمومية كل 3 سنوات واجتماع مجلس تنفيذي كل عام واجتماعات شهرية لكل قارة".
هل ترين أن هناك اتجاها جديدا في مجال الطاقة؟
"بالفعل منذ 20 عاما كان البترول هو سيد الموقف وقبله الفحم ولكن الآن أصبح هناك اتجاه جديد وبشكل خاص بعد الاتجاه إلى الاهتمام بالبيئة والانبعاثات الكربونية فأصبح الصوت الأعلى للطاقات المتجددة، فلم يكن من السهل تقبل فكرة الطاقات المتجددة نظرا لتكلفتها وغير ذلك، ويقوم مجلس الطاقة العالمي بإعداد العديد من الأبحاث والدراسات والاستبيانات حول قضايا الطاقة ومنها اشكالية الطاقة الثلاثية وسيناريوهات الطاقة وهناك اهتمام خاص بالطاقات المتجددة وحماية البيئة، ومن بين أبرز مشكلات القارة الإفريقية هي طريقة الوصول للطاقة لأنه كما نعلم أن 30% فقط من سكان القارة الأفريقية لديهم كهرباء وطاقة نظيفة".
هل أثرت خبرتك في السد العالي في مسيرتك العلمية والعملية؟
"عندما كنت متواجدة في السد العالي كنت قد حصلت على درجة الماجستير وتخصصي كان في الحاسب الآلي في تصميم الدوائر الكهربائية وخلال عملي به قررت الحصول على الدكتوراه وكان تخصص (هاردوير) تصميم فعلى لكيفية تصميم جزء في الحاسب الآلي وحاليا نستخدمه في جهاز الموجات الصوتية وكيفية تسريع عمل هذه الأجهزة، أما الخبرة في السد العالي فهي جزء مكمل وأساسي وهي مدرسة".
مع وجود أزمة سد النهضة.. هل ترين أن هذا الأمر سوف يؤثر على مخزون المياه في السد العالي؟
"حتى وإن أثر سد النهضة على كمية الطاقة فليست بالكبيرة التي تجعلنا نحمل الهم الكبير على أكتافنا، لأن مشاركة أو مساهمة الطاقة الكهرومائية كلها سواء السد العالي أو خزان أسوان 1 و2 والقناطر لا يمثل سوى حوالي 3 جيجاوات والإجمالي الذي ننتجه 55 جيجاوات الآن، لكن المشكلة سوف تكون في فترة ملء حوض تخزين سد النهضة وحلها أن يتم الملء على فترات أطول وفي غير سنوات الفيضانات الضعيفة إن حدثت أثناء الملء، ولدينا من الخبراء ما يؤكد أننا لم ولن نفرط في شيء، وما أريد إبرازه أنه ليس لدى أثيوبيا القدرة على حجز أكثر من 74 مليار مكعب من الماء وبمجرد أن يتم ملء حوض بحيرته فسوف يتم تصريف المياه بانتظام لتوليد الكهرباء وكامل حجم الفيضانات السنوية التي تأتي إليهم وسوف يصرفون أي زيادة بعد ذلك".
ما هي مصادر الطاقة التي يتم استخدامها حاليا؟
" أما عن مصادر الطاقة في الوقت الحالي فهي الطاقة الحرارية واتجاهنا أنها تعمل بالغاز حاليا وفي الماضي كانت تعمل بالمازوت، أما الطاقات المتجددة ومن بينها طاقة الرياح والتي بدأنا العمل بها مبكرا على ساحل البحر الأحمر في الزعفرانة وجبل الزيت وكذلك الطاقة الشمسية وهي نوعين إما باستخدام التأثير الحراري للشمس وهي محطة واحدة في الكريمات والثاني باستخدام الخلايا الشمسية وهناك أبحاث ودراسات لتطوير الطاقات المتجددة الأخرى مثل طاقة باطن الأرض وأمواج البحر والمد والجزر ولكنها لم تصل إلى التكلفة الاقتصادية لها وإن كنت قد أشرفت وساعدت على بناء محطات كهرباء باستخدام طاقة باطن الأرض في بعض الدول الأفريقية الغنية بهذه الطاقة ".
حدثينا عن مشروع الضبعة النووي وما الذي سيحققه لمصر؟
"الطاقة النووية من أفضل مصادر الطاقة.. فإننا بدأنا إنشاء أول محطة وهي الضبعة وأعتقد على عام 2026 يبدأ انتاجها، وهي خطوة مهمة جدا فلابد أن يكون هناك تنوع في خليط الطاقة لدينا فهناك غاز وبترول وشمس وهواء وخصوصا أن الطاقة النووية تمنح قدرات كبيرة فأنا أؤيد تلك الخطوة، فهناك الكثيرون الذين ينتقدون أو يخافون من إنشاء مشروعات للطاقة أكثر من احتياجنا الفعلي الحالي على الرغم من أن هذا الأمر يجذب المستثمر الخارجي بشدة، بالإضافة أننا بصدد عمل الربط الكهربي مع دول الجوار وتم منه مع الاردن وجاري العمل للربط مع السعودية ومع الجنوب وتم منه مع السودان منذ حوالي شهر ومع الغرب تم مع ليبيا وبالتالي يمكننا تصدير الطاقة في كل الاتجاهات وإلى أوروبا عن طريق شمال أفريقيا".
هل من الممكن استغلال المخلفات الكثيرة في مصر وتحويلها لطاقة نظيفة؟
"من الممكن استخراج طاقة نظيفة من المخلفات، وبالفعل مصر بدأت في هذا الأمر وأتمنى أن يركز الإعلام على النماذج التي تمت بإنشاء محطة أو اثنين خاصة بالمخلفات من أجل توليد الكهرباء وهناك مخلفات عضوية يمكن استخدامها في انشاء محطات لتوليد الغاز الحيوي حيث تستخدم المخلفات العضوية ويتم تخميرها لا هوائيا ويخرج منها غاز يتم استخدامه كوقود وأعتقد أن وزارة البيئة تتبنى هذا الأمر في الوقت الحالي، وإثيوبيا على سبيل المثال أنشأت محطة لتوليد الكهرباء من القمامة".
هل نستطيع القول بأن مصر تسير على خطة 2063 أي خطة التنمية في أفريقيا؟
" كما أشرت فيما سبق شاركت مع زميلاتي وزملائي بالاتحاد الافريقي بإعداد أجندة 2063 لأفريقيا وهي رؤية وخطة العمل لتنمية افريقيا خلال الخمسين سنة القادمة، أما عن قصة الرقم 2063 فتبدأ أن الاتحاد الأفريقي كان قد تم انشاؤه عام 1963 فكان الهدف خلال أول 50 سنة حتى عام 2013 هو التحرر والاستقلال، أما الـ 50 عاما الثانية للتنمية وللتكامل والربط بين الدول الأفريقية وهي 50 عاما من 2013، حتى أن هدف 2063 أن تكون أفريقيا موحدة نامية ومتطورة وتقوم بدورها الإيجابي في العالم".
كيف تستغل قارة أفريقيا الطاقة في البنى التحتية على وجه العموم ومصر على وجه الخصوص؟
"رغم أن أفريقيا تمتلك مصادر طاقة هائلة، إلا أن 30% من سكان القارة فقط هم من يحصلون على الكهرباء، وهذا أمر سيء للغاية، وهذا يؤثر على البنية التحتية، والتي تشمل طرق كهرباء واتصالات.. الخ، وبالطبع الطاقة شيء أساسي لتحقيق اي من هذه الامور، فقارة أفريقيا غنية بالمصادر لكن لم تستغل هذه المصادر حيث أن الاهتمام كان موجه لفترات كبيرة نحو التحرر والمشاكل السياسية والفساد كل هذه الأمور جعلت حكومات القارة منشغلة عن استخدام خاماتها، وكان الأولى تصنيعها وإيجاد فرص عمل وزيادة الدخل القومي، وبالتالي الطاقة أساسية لكل عناصر التنمية".
"أما بنسبة لمصر فهي على القمه في استخدام وتوصيل الطاقة للسكان فقد تجاوزت نسبة الوصول للكهرباء إلى 99.9% ، وربما تشترك معنا دول شمال افريقيا وجنوب أفريقيا وارتفعت في بعض الدول مثل إثيوبيا فبعد أن كانت 4% أصبحت الآن 35%، ومعظم دول القارة منخفضة للغاية".
موضوعات ذات صلة:
في يوم المرأة المصرية.. من هو الزوج الذهبي الداعم لـ"إلهام محمود"؟
"من داخل المنزل".. علا رشدي تفجر مفاجأة تقتل "كورونا" (فيديو)
أسر ياسين يستكمل تصوير مسلسل " 100 وش" مع نيللي كريم
بسبب الأمطار.. غرق منزل نجل عادل إمام