تزايدت في الفترة الأخيرة معدلات هجرة الأطباء لمستشفيات وزارة الصحة، فزادت الاستقالات، ففضل الطبيب السفر للخارج أو التفرغ للعمل بعيادته الخاصة، عن العمل بمستشفيات الحكومة، مما عرض وسوف يعرض المريض إلى معاناة حقيقية، فالفقير الذي لا يملك ثمن تذكرة العلاج بالعيادة الخاصة، لن يتمكن من العلاج بمستشفيات الحكومة، التي خلت من الأطباء.
إحصائية حول أعداد الأطباء المستقيلين
زيادة هجرة الأطباء دفعت النقابة العامة للأطباء، لإعداد إحصائية حول أعداد الأطباء المستقيلين خلال عامي 2018، و2019، وبيان لتصنيفاتهم وأعمارهم طبقا للفئات العمرية ، وتبين الدراسة، أن حوالي 3000 طبيب مُستقيل تحت سن 35 عام خلال عام 2018-2019، وأن إجمالي من أُحيل الى التقاعد بالإضافة إلى عدد المُسجلين كطبيب حر أكبر من عدد من دخلوا الخدمة بحوالي 1500 طبيب، وانخفض عدد الأطباء بوزارة الصحة، خلال تلك الفترة، عن عام 2015 بحوالى 1500 طبيب تقريبا، وأن عام الفراغ هو عام 2019، سجل أدنى عدد من الأطباء مُسجلين وأعلى مُعدل من الاستقالات.
أٍسباب هجرة الأطباء
قالت الدكتورة شيرين غالب، نقيب أطباء القاهرة، إن من أهم أسباب هجرة الأطباء نقص المرتبات ، فالطبيب الذي أوشك الخروج على المعاش، راتبه لا يزيد عن 5200 جنيه بعد سنوات من العمل بوزارة الصحة، مشيرة إلى أن ليس جميع الأطباء لديهم عيادات، ويملكون فيزيتا كما أن ليس جميع العيادات تعمل.
وأضافت نقيب أطباء القاهرة، في تصريح خاص، أنه رغم عدم وجود تقدير معنوي او اجتماعي أو مادي للأطباء، إلا أن الإعلام دائما يصورهم على أنهم "جزارين ومخبيين السرير في المستشفى" كما أنهم يقوموا بسرقة الأعضاء، وأنهم السبب في نقص الحضانات وسراير الرعاية ورغم أن المسئولية تقع على وزارة الصحة التي من دورها توفير المستلزمات الطبية .
ولفتت أنه لا تزال أزمة الإعتداء على الأطباء مستمرة، في ظل عدم وجود تشريع يغلظ عقوبة الاعتداء على الأطباء أثناء تأدية عمله، وغياب قانون المسؤولية الطبية الذي لا يزال حبيس الإدراج بمجلس النواب منذ عامين، ولم يتم إقراره، وغياب فرص التدريب للأطباء .
وأكدت أن المبادرات التي وضعتها الوزارة لسد العجز العام الماضي، لن تحل الأزمة، فبدلًا من الاستعانة بأطباء جدد أو المحالين على المعاش، كان الأولى أن يتم زيادة رواتب الأطباء لمنع الهجرة، ومنح حوافز ، فالعجز في الأطباء يظهر بوضوح في أقسام التخدير والرعاية والطوارئ.
وأوضحت، أن دور هيئة العلاج الحر بوزارة الصحة، هي الإشراف على العيادات الطبية، لرصد التجاوزات، من زيادة أسعار الكشوفات، فالأمر ليس دور نقابة الأطباء.
3 الأف طبيب مستقيل
أكد الدكتور إبراهيم الزيات، عضو مجلس نقابة الأطباء، أن عدد الأطباء المستقيلين من وزارة الصحة في الأعوام الماضية، ٣٠٠٠ طبيب مستقيل تحت سن ٣٥ سنة خلال عام 2018-2019، مشيرا إلى أن إجمالي من أحيل إلى التقاعد بالإضافة إلى عدد المسجلين طبيب حر أكبر من عدد من دخلوا الخدمة بحوالي 1500، أي أن عدد الأطباء بوزارة الصحة اليوم أقل من عدد الأطباء بها عام ٢٠١٥ بـ١٥٠٠ تقريبا، منوها إلى أن عام الفراغ 2019 سجل أدنى عدد أطباء مسجلين وأعلى معدل استقالات.
وأوضح عضو مجلس النقابة، في تصريح خاص، أن أسباب الاستقالات تتمثل في عدم توافر البيئة المناسبة للعمل، وعدم وجود تدريب وتعليم طبى مستمر، وعدم وجود بيئة آمنة، والتعرض للمخاطر الأمنية باستمرار، والنقص الحاد في المستلزمات الطبية، ومنها النقص في عدد أسرة العناية المركزة، كما أن الدخل المادي لايكفى أبسط متطلبات الحياة اليومية.
وأرجع زيادة الاستقالات إلى وجود فرص فى القطاع الخاص داخل وخارج مصر تعطى حياة كريمة للطبيب وأسرته.، وحول خطة الوزارة لمواجهة الأمر، أكد أن هذا الأمر تسأل فيه الوزارة، فهمي تتحمل نقص الخدمات الطبية للمصريين
وأكد عضو المجلس، أن استقالات الأطباء مستمرة في صعود ، فمؤتمر النقابات الفرعية أكد أن هناك صعود في اعداد الاستقالات، وعلينا أن نتكلم أمام المجتمع بإحصائيات رسمية .
تحذيرات من خطورة استمرار الهجرة
حذر الدكتور إيهاب الطاهر، أمين عام نقابة الأطباء، من خطورة استمرار هجرة الأطباء على المنظومة الصحية وتأثيرها السلبى على صحة المواطن، وضرورة وضع حلول عاجلة لتحسين أوضاع الأطباء وبيئة العمل حتى يتم الحد من العجز المتزايد بأعداد الأطباء حماية للأمن القومى الصحى بمصر.
وأكد أن النقابة سوف تتواصل مع مجلس النواب وقيام النقابات الفرعية بالتواصل مع أعضاء مجلس النواب بمحافظاتهم لحثهم على ضرورة إقرار مشروع قانون المسئولية الطبية الذى أرسلته النقابة لمجلس النواب، والذى يحاسب الأطباء فى قضايا المهنة بأسلوب علمى أسوة بباقي بلدان العالم، مما يعود بالفائدة على الطبيب والمريض، بالإضافة إلى إعداد إحصائيات بمستوى أجور الأطباء بمصر والعالم مع التركيز على الدول المجاورة المتقاربة مع مصر فى المستوى الاقتصادى، ونشرها بوسائل الإعلام.
وأشار أن النقابة سوف تطالب الجهات المختصة بضرورة عمل إصلاح جذرى بهيكل أجور الأطباء، وبشكل مؤقت يجب رفع حوافز الاطباء غير العاملين بمنظومة التأمين الصحى الجديد علي مستوى الجمهوريه بحيث يتقاضى الطبيب الذى لا يعمل بالمنظومة 60% من كامل الأجر الذى يتقاضاه مثيله من العاملين بالمنظومة (أى أنه سيحصل على الأجر غير الخاضع للتقييم)، وذلك لتشجيع الأطباء على الإستمرار فى العمل الحكومى وتأهيلهم لدخول التأمين الصحى لمحافظات عملهم أسوة بما يتم من تأهيل المستشفيات بالمحافظات المزمع دخولها للمنظومة، علما بأنه يمكن تمويل ذلك من موارد هيئة التأمين الصحى الجديد، حيث أن هناك موارد إضافية مفروضة على سائر الجمهورية لذلك مثل مخصصات من بيع الأسمنت والسجائر ورخص المرور وغيرها.
وشدد على ضرورة وضع محفزات إضافية لأطباء الأقسام الحرجة وطب الأسرة والتى يوجد بها عجز أكبر فى أعداد الأطباء، ضرورة إقرار قانون بتشديد عقوبة الاعتداء على المنشآت الطبية والعاملين بها.