عندما يبدأ المرض في الانتشار عبر الحدود يصبح وباء، لأنه يقتل عددا كبيرا، فالسرطان يتسبب في عدد كبير من الوفيات حول العالم سنويا، لكنه لا يعتبر وباء، لأنه ليس مرضا معديا.
واحد من أكثر الأوبئة المدمرة التي أودت بحياة 100 مليون شخص في القرن الرابع عشر، وتشمل أحداث الأوبئة فيروس نقص المناعة البشرية، وH5N1 في عامي 1918 و 2009.
ومن أشهر الأوبئة القاتلة التي أصابت البشرية، وتسببت في وفاة ملايين البشر على مر التاريخ:
طاعون أثينا (430-420 ق.م.):
قتلت حمى التيفود ربع القوات الرومانية، وربع السكان على مدى 4 سنوات، وأدى هذا المرض إلى إضعاف هيمنة أثينا بشكل قاتل، إلا أن ضراوة المرض حالت دون انتشاره على نطاق واسع، بمعنى أنها قتلت مرضاها بمعدل أسرع من انتشارها، السبب الدقيق للطاعون لم يكن معروفا لسنوات عديدة، حتى تمكن باحثون من جامعة أثينا من تحليل الأسنان المستعادة من مقبرة جماعية أسفل المدينة، يناير 2006، وأكدوا وجود البكتيريا المسؤولة عن التيفود.
موجة طاعون أنطوني (165-180 م):
ومن المحتمل أن يكون الجدري هو ما جلبه إلى شبه الجزيرة الإيطالية لدى عودتهم من الشرق الأدنى. تسبب المرض في قتل ربع مصابيه، وما يصل إلى إجمالي 5 ملايين مصاب. وفي ذروة الاندلاع الثاني، الذي سمي وباء الطاعون القبرصي (251-266)، والذي ربما كان نفس المرض، قيل أن 5 آلاف شخص كانوا يموتون يوميا في روما.
طاعون جستنيان (541-750):
هو أول انتشار مسجل للطاعون الدبلي، الذي بدأ في مصر ووصل إلى القسطنطينية في الربيع التالي، ما أدى إلى مقتل 10 آلاف مريض في اليوم (وفقا للمؤرخ البيزنطي بروكوبيوس)، وربما تسبب في مقتل 40% من سكان المدينة. استمر الطاعون في القضاء على ربع السكان في الأماكن التي انتشر فيها المرض في جميع أنحاء العالم المعروف آنذاك. تسبب المرض في انخفاض عدد سكان أوروبا بنحو 50% في الفترة ما بين 550-700
الطاعون الأسود (1331-1353):
يقدر إجمالي الوفيات في جميع أنحاء العالم جراء الطاعون الأسود بنحو 75 مليون شخص، وبعد 800 عام من اندلاع المرض الأخير، عاد الطاعون إلى أوروبا، ابتداء من آسيا، ووصل إلى البحر الأبيض المتوسط وأوروبا الغربية عام 1348 (ربما من التجار الإيطاليين الهاربين من القتال في شبه جزيرة القرم)، وقتل ما يقدر بنحو 20-30 مليون أوروبي في 6 سنوات، ثلث إجمالي السكان، وما يصل إلى النصف في المناطق الحضرية الأكثر تضررا. وكانت تلك هي الحلقة الأولى من أوبئة الطاعون الأوروبية التي استمرت حتى القرن الـ 18.
الطاعون الثالث في الصين عام 1855:
بدأت هذه الموجة من الطاعون في الصين، ثم انتقلت إلى الهند، حيث توفي 10 ملايين شخص خلال هذا الوباء، وشهدت الولايات المتحدة الأمريكية أول ظهور لها، ممثلا في طاعون سان فرانسيسكو (1900-1904).
الإنفلونزا الإسبانية (1918-1920):
أصابت 500 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، بمن فيهم أشخاص في جزر المحيط الهادي النائية وفي القطب الشمالي، وأسفرت عن مقتل 50-100 مليون شخص، وكان معظم المرضى المتوفين إما من كبار السن أو من الأطفال، بينما ارتفع معدل بقاء الأشخاص في منتصف العمر، ولكن كان معدل الوفيات الإسبانية مرتفعا بشكل غير معتاد بالنسبة للشباب البالغين. قتلت الإنفلونزا الإسبانية عددا أكبر من الأشخاص مقارنة بالحرب العالمية الأولى، كما تسببت في مقتل عدد أكبر من الأشخاص في 25 أسبوعا، مقارنة بمرض الإيدز في 25 عاما. تسببت تحركات القوات العسكرية والأماكن القريبة من أحداث الحرب العالمية الأولى في انتشار الوباء وتحوره بشكل أسرع.
الجدري:
دمر الجدري السكان الأصليين في أستراليا، ما أدى إلى مقتل حوالي 50% منهم في السنوات الأولى من الاستعمار البريطاني. كما قتل العديد من النيوزيلنديين الماوريين. وفي الفترة ما بين (1848-1849) تشير التقديرات إلى وفاة حوالي 40 ألف من أصل 150 ألف من سكان هاواي بسبب الحصبة والسعال الديكي والإنفلونزا. وفي عام 1875 قتلت الحصبة أكثر من 40 ألف فيجي، أي ما يقرب من ثلث السكان، ودمر المرض سكان أندامانيس، وكذلك انخفض عدد سكان آينو بشكل كبير في القرن الـ 19، بسبب الأمراض المعدية التي جلبها المستوطنون اليابانيون الذين تدفقوا على هوكايدو.
الزهري:
خلص الباحثون إلى أن مرض الزهري انتقل من العالم الجديد إلى أوروبا بعد رحلات كولومبوس، حيث تشير النتائج إلى أن الأوروبيين ربما حملوا البكتيريا المدارية غير التناسلية إلى المنزل، حيث ربما تحولت الكائنات الحية إلى شكل أكثر فتكا في ظروف أوروبا المختلفة. كان المرض قاتلا أكثر بكثير في أوروبا إبان عصر النهضة.
شركة الهند الشرقية الهولندية:
حينما أرسلت شركة الهند الشرقية الهولندية بين عامي 1603 و1796 ما يقرب من مليون أوروبي للعمل في آسيا. عاد منهم في النهاية أقل من الثلث إلى أوروبا، ومات معظمهم بسبب الأمراض.
البريطانيون في الهند:
وفي وقت مبكر من عام 1803 قام التاج الإسباني بتنظيم بعثة لنقل لقاح الجدري إلى المستعمرات الإسبانية، وإنشاء برامج تطعيم جماعية هناك. وبحلول عام 1832، أنشأت الحكومة الفدرالية الأمريكية برنامج تطعيم ضد الجدري للأمريكيين الأصليين. ومنذ بداية القرن العشرين وما بعده، أصبح القضاء على الأمراض والسيطرة عليها في البلدان المدارية قوة دافعة لجميع القوى الاستعمارية. وشهد القرن العشرين أكبر زيادة في عدد السكان في تاريخ البشرية بسبب انخفاض معدل الوفيات في العديد من البلدان بفضل التقدم الطبي، حيث نما عدد سكان العالم من 1.6 مليار نسمة في 1900 إلى ما يقدر بنحو 7 مليارات اليوم.
من بين الأوبئة الحديثة التي هددت العالم في السنوات القليلة الماضية مرض الإيبولا في غرب إفريقيا، والذي ظهر عام 2014 وأعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية تسترعي الاهتمام الدولي على مستوى العالم، حيث وصل مجموع الحالات المشتبه بها إلى 1779 حالة، منها 961 حالة وفاة، كذلك شهد مطلع العام 2016 شهد انتشار لفيروس زيكا لأعلى المستويات في تاريخ الأمريكتين.