شهدت السينما المصرية في السنوات الأخيرة، تسليط الضوء على الأفلام الأدبية الروائية، فكانت تلك الأفلام هي سبب إقبال الجمهور بشكل كبير الى دور العرض المختلفة، وكان اللغز هنا هو اختفاء الأفلام التجارية عن الساحة الفنية، فمنذ السبعينات كانت السينما تعتمد على الأعمال الأدبية وبمرور الوقت تقلصت الأعمال الأدبية عن دور العرض لتعود من جديد وتخطف قلب الجمهور في لمح البصر.
الأعمال الروائية غذاء السينما
أكدت الناقدة حنان شومان، أن السينما على مستوى العالم، تعتمد على الأعمال الأدبية المكتوبة، فمثلاً أعمال نجيب محفوظ منها الكثير الذي تحول إلى أعمال سينمائية، وأيضا درامية ومسرحية أيضا، لأن الأعمال الأدبية التي تتحول إلى فيلم تكون مبنية على رواية ناجحة، ولكن الفيلم الذي لا يوجد له قصة على أرض الواقع ويكون من وحي خيال المؤلف، لا يكون المشاهد ضامن أن الفيلم سينال إعجابهم، ولكن المشاهد يدخل الفيلم الأدبي المأخوذ عن الرواية لأن الرواية نالت إعجابه أولاً وهذا ما يحقق النجاح للعمل الأدبي، ودائماً تكون نسبة نجاحه أكبر.
الفيلم الأدبي
وأضافت حنان شومان في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، أن الفيلم الأدبي يحقق نجاحا أكبر من الرواية نفسها، وذلك يرجع إلى عناصر الفيلم نفسة، سواء كانت تمثيل أو أخراج أو عوامل مؤثرة مثل الموسيقى والصورة، فالرواية تعتمد على خيال القارئ، والفيلم يعتمد على حاسة البصر والسمع، وإحساس المشاهد، وهذا يحقق انتشار أكبر للرواية لأن في الوقت الحالي كاتب الرواية الناجحة هو من يكتب السيناريو، فنجاح الفيلم أكبر بكثير من الرواية، لأن انتشار الفيلم أسرع من الرواية في بلد بها نسبة كبيرة من الأهمية.
القراءة في مصر
واختتمت حنان شومان تصريحاتها: "هناك بعض النقاد يقولون أن هذا سوف يؤثر على القراءة في مصر، ولكن أنا أعتقد أن القراءة سوف تشاهد إقبال كبير في الفترة المقبلة لأن الشباب الذي لا يقرأ الروايات شاهد أفلام روائية من خلال السينما، وعلم بما تحتوي عليه الرواية، فسيذهب إلى رواية جديدة ليعرف أحداثها".
شركات الإنتاج هي السبب في انهيار الفيلم الأدبي
أكد الناقد طارق الشناوي، أن سبب نجاح الأفلام الروائية يرجع إلى إقبال الشباب على القراءه، لافتا إلى أن الكاتب أحمد مراد، شجع الشباب على القراءة، والدليل على ذلك فأن معظم عشاق السينما هم الشباب من سن الـ"18" إلى الـ"30" عام، والأفلام الروائية، لاقت هذا النجاح لأن الرواية المطبوعة التي تحولت إلى فيلم هي في الأساس رواية ناجحة، فيعد تحويلها إلى فيلم هو أثتثمار لنجاح الرواية بوجة عام، ولكن الفرق هنا بين الأفلام الأدبية في الوقت الحالي، والماضي، هو أن الكاتب الكبير نجيب محفوظ، عندما سؤل عن أحد أعمالة الأدبية التي تحولت إلى عمل سينمائي رفض أن يكتب السيناريو الخاص بها، وقال أنها الأن تحولت إلى وسيلة أدبية أخرى وليس له علاقة بها ولا هي تحت سيطرتة الان، أما في الوقت الحالي فكاتب الرواية هو من يقوم بكتابة السيناريو.
الشباب هم السبب في عودته من جديد
وأضاف طارق الشناوي في تصريحات خاصة لـ"بلدنا اليوم"، أن شركات الإنتاج هي السبب الرئيسي في أنهيار الفيلم الأدبي الروائي، ولكن في الفترة الأخيرة، اهتمت شركات الأنتاج بمضمون الأعمال الفنية التي تقدمها، فنلاحظ أن الأفلام التجارية أو الدعائية قد أوشكت على الأنتهاء، وأتجهت الشركات الى الافلام الروائية المنقولة عن الكتب المطبوعة، لأن المشاهد أصبح يهتم بالمحتوى الفني وأبعاده أكثر من الضحك، والدليل على ذلك الأمر، أن الجزء الثاني من فيلم "الفيل الأزرق" تخطى حاجز الـ"100" مليون جنية في الإيرادات.
الأعمال الروائية ليست جديدة على الجمهور
أكد الناقد أحمد سعد الدين، أن الأفلام التي تأخذ عن أعمال أدبية، وبالأخص الروايات ليست جديدة على الجمهور، لأنها تطرح في السينمات ودور العرض منذ الأربعينات تقريباً، وهناك مؤلف مثل إحسان عبد القدوس لديه أكثر من 47 رواية أدبية مطبوعة تم تحويلها إلى فيلم، وهناك أيضاً الأديب الكبير نجيب محفوظ فهو لديه أكثر من 45 رواية مطبوعة تحولت الى فيلم أيضاً بعد أن حققت نجاح كبير، لأن الأعمال الأدبية وبالأخص الروايات المطبوعة كالكتب، تكون مكتملة العناصر الأساسية، فبالتالي يكون تحويلها إلى فيلم سينمائي فهذا أمر سهل وجيد جداً، وفي نفس التوقيت يكون الكاتب والمؤلف هنا ضامن النجاح لذلك العمل، بنجاح الفيلم هنا يترتب أولاً على نجاح الرواية الأدبية.
سر نجاحها
وأضاف أحمد سعد الدين في تصريحات خاصة لـ"بلدنا اليوم": "وعلى هذا الأساس السينما تستخدم النص الأدبي المكتوب ألا وهو الرواية وكان معظم تلك الأعمال يحقق نجاح كبير، وفي الأوقات الأخيرة ابتعدت السينما المصرية عن النص المكتوب، ولكن عندما عدنا ولو بشكل بسيط من خلال فيلم "الفيل الأزرق" و"تراب الماس" ثم الجزء الثاني من "الفيل الأزرق" شاهدنا نجاح كبير لتلك الأعمال الأدبية الروائية، ولذلك تعمل الشركة المنتجة لتلك الأفلام على مشروع سينمائي جديد من روايات الكاتب أحمد مراد وهي تحويل رواية "1919" إلى فيلم سينمائي، ونتيجة لذلك النجاح نجد إقبال شديد من الشباب الى روايات الكاتب أحمد مراد، و الكاتب الراحل أحمد خالد توفيق، فمن وجهت نظري هم من ساعدوا في إقبال الشباب على قراءة الروايات والكتب.
الرواية المطبوعة
وتابع سعد الدين تصريحاته: "فمن الطبيعي أن الرواية عندما تكون مطبوعة وتحقق نجاح كبير، تجذب الشباب على الدخول الى السينما أو قراءة الرواية، فإن الرواية من الطبيعي أن يكون لها أبعاد وإحداثيات تحمل الكثير من الواقع، و تجبر القارئ على التخيل والتصور الذي يريدة، ولذلك وتحويل الرواية المطبوعة إلى فيلم، هذا أمر ليس صعباً، ولكن هذا الأمر يتطلب إلى مخرج محترف، وصاحب فكر فني، لأن قارئ الرواية المكتوبة عندما يتعلق بها يكون متمسك بكل عناصرها وإحداثياتها الواقعية، فعندما تتحول لفيلم ويقوم المخرج بتغير أحداث الرواية المطبوعة، يكون هنا المشاهد في حالة انقسام ذهني، ومن الممكن ألا تعجبه تلك التعديلات ويتمسك بمضمون الرواية، ومن الممكن أن يعرضها هذا الى عدم النجاح، أما الأفلام التجارية، تكون بها القصة من وحي خيال المؤلف، ويشاهدها الجمهور لأول مرة، ومن هنا يمكن أن تنل أعجابة أو يرفضها، أو بمعنى أصح أن السيناريست في الأفلام التجارية يبني قصة هو الذي يضع لها العمود الفقري والعناصر الأساسية، ولا تتحكم به أهواء الجمهور".
الأعمال السينمائية
وسلط سعد الدين الضوء على الأعمال السينمائية في العام الماضي قائلاً: "مصر أنتجت في العام الماضي أكثر من 45 فيلم، وجاء من بينهم 5 أفلام أدبية فقط، فهذا يدل أن الأفلام التجارية والتي تبنى على وحي خيال المؤلف، هي الأكثر أنتشاراً في مصر، وهذا أمر سيء للغاية لأن الأدب هو غذاء السينما وهذا ما عودنا علية تاريخ السينما المصرية، منذ أن نشأت السينما".
شركة الإنتاج
واختتم سعد الدين تصريحاته قائلاً: "من حيث تكلفة الإنتاج في الأفلام الأدبية والتجارية، هذا الأمر لا يؤثر في شركة الإنتاج على الإطلاق، لأن المنتج في كلا الحالات سوف يدفع التكلفة، فالأهم هنا هو عدد لوكيشنات التصوير، لان عندما يكون عدد لوكيشنات التصوير كثيرة وبعيدة عن بعضها فتكون هنا التكلفة أكبر، وهناك مؤلف من الممكن أن يجعلك تسافر أكثر من دولة في العالم لكي تقوم بإخراج عمل جيد ولكن التكلفة هنا تكون عالية للغاية".