فى أحد المناطق الشعبية، المجاورة لمسجد السيد البدوي، بمدينة طنطا، بمحافظة الغربية، تقع عيادة الدكتور محمد مشالي طبيب الغلابة، حيث يجلس وفى يده سماعة الكشف يستعد لاستقبال المرضى الفقراء واحد تلو الأخر ليسألهم بصوت خافت "عندك ايه"؟.. ليجاوب المريض وهو يشعر براحة شديدة لود حديثه.
لقب محمد مشالي، بطبيب الغلابة وهو صاحب أقل كشف في مصر لمراعاته ظروف الطبقة محدودة الدخل، حيث وجد أن الطب رسالة إنسانية بالدرجة الأولى، وهو المبدأ الذي اتبعه طوال مشواره الذي بلغ ٥٠ عاما في الطب، وهو ما دفعه لرفض ملايين الجنيهات التي قدمها له أحد البرامج لتجهيز عيادة جديدة في أرقى شوارع مدينة طنطا.
ألتقت "بلدنا اليوم"، بطبيب الغلابة ليحكي عن بداية عمله بالطب وقال: إنه "منذ طفولته يرغب فى الألتحاق بكلية الحقوق ولكن غير مسار حياته لرغبة والده أن يصبح طبيب، لافتا أنه تخرج من كلية الطب القصر العيني وجذوره تعود لمحافظة البحيرة، وبدأ خدمته في القرى الصغيرة في محافظات مصر تعلم من خلالها الكثير من المعاني الإنسانية بسبب احتكاكه بالبسطاء خاصة الفقراء منهم ثم عمل كمدير لمستشفى الحميات وقرر أن يفتح عيادته الخاصة للأمراض الباطنية والأطفال فى عام ١٩٧٥ بعد تخرجه ب ٨ سنوات واختار موقعها لقربها من مسجد السيد البدوي".
"وصية أبويا لازم أعمل بيها "، كان والد الدكتور محمد مشالي حريص منذ بداية عمله في مهنة الطب على إعلاء الإنسانية والرحمة بالفقراء، وأكد فى حديثه، أن والده أوصاه بالفقراء وأن لا يرد مريض محتاج والباب مفتوح لأي شخص، كما أوصاه بأن يكون الكشف في العيادة بمبلغ زهيد، وأرجع "مشالي" ذلك كونه نشأ في بيئة متواضعة حيث أن والده كان يعمل في وزارة التربية والتعليم ووالدته ربة منزل بسيطة الحال.
وعن استمرار انخفاض قيمة الكشف في عيادته إلى مبلغ عشرة جنيهات فقط، برغم الأرقام الفلكية في العيادات الأخرى، أوضح أنه يشعر بمعاناة المرضى الفقراء والبعض منهم يخاف أن يذهب العيادات الخاصة، بسبب قيمة الكشف الخيالية في كثير من الأحيان، لكن مهنة الطب هي في المقام الأول مهنة إنسانية ويشعر براحة البال بل ما يتقاضاه من عيادته الخاصة توفر له جميع احتياجاته ونال شهرة واسعة بين أهالي المنطقة ما جعل المرضى يأتون إليه من جميع أنحاء الجمهورية، ويأمل بأن الله يعطيه الصحة ليكمل مشواره.
وعن رفضه تبرع برنامج بملايين الجنيهات، أكد أنه غير نادم على ذلك، ولا يبالي بتلك الملايين، لأنه يعتبر نجاحه فى عيادته البسيطة هى طريقه لراحة البال والسبيل الوحيد إلى الجنة، لافتا أنه رفض العديد من التكريمات والتبرعات من رجال الأعمال وأوصاهم بالتبرع بها إلى المحتاجين وغير القادرين ودور الأيتام أو للمستشفيات العامة خاصة فى تلك المرحلة التي تحتاج الدولة لتكاتف المجتمع المدني، وأوصى "مشالي" في نهاية حديثه زملائه الأطباء برحمة المرضى وإعلاء الإنسانية لأن المال ذائل العمل الصالح باقى إلى يوم الدين.