«بلدنا اليوم» ترصد: «الطفل العربي» يدفع فاتورة صراعات المنطقة

الاحد 06 سبتمبر 2015 | 10:05 مساءً
كتب : شروق غنيم

يعاني الأطفال في العالم العربي من الصراع الدائر في دولهم، جُرّدوا من أبسط حقوقهم، وتم الزّج بهم في صراعات لا حِمل، ولا علاقة لهم بها.. مجرد أطفال طموحهم الحصول على دُمية، أو مشاهدة فيلم مُفضّل، لكّن الحرب كست بالبراءة دخّان الحروب والقنابل، وفخّخّت أحلامهم في العيش حياة طبيعية كسائر أطفال العالم.. من فقد أهله، وهو لا يفهم حتى معنى اليُتم أو الحرب، ومن قذفتهم الحرب إلى بلدان أخرى لا يعرفون لغتها، ولا ثقافتها، ومن يعملون ليلًا ونهارًا، حتى سَقى عرقهم أراضي بلدانهم، وأنامل صغيرة بدلًا من أن تسطر حروفًا في كراسٍ بمدرسة، تحمل اليوم سلاحًا في وجه ابن بلدتها..ظروف اجتماعية، وسياسية تسببت في نزع مفهوم الطفولة نفسه.في هذا التقرير نسرد مصير مأساوي لأطفال أربع دول في الوطن العربي، انتهكت حقوقهم بسبب الصراعات.1-اليمن:يزداد الوضع الإنساني يومًا بعد يوم، سوءًا جرّاء الصراع، والهجمات من التحالف العربي، والحوثيون على اليمن، ما أدى إلى وفاة وإصابة المئات من الأطفال، أو بسبب تردي الوضع الصحي الكارثي، بعد توقف الخدمات الصحية العامة في أغلب مناطق اليمن مايجعل ملايين المدنيين أمام خطر الموت المحقق، وخاصة المصابون منهم بأمراض مزمنة والمرضى عمومًا.الوضع الصحي:وبحسب اليونسيف، يبقى الأطفال المصابين بالأمراض المزمنة أكثر عرضة للوفاة بسبب عدم حصولهم على الأدوية المناسبة لتلك الأمراض.وكانت نتائج التقييم السريع الذي نفذته منظمة يمن لإغاثة الأطفال «YCR» حول وضع الأطفال المصابين بالأمراض المزمنة في ظل الحرب، كشف أن حياة الأطفال المصابين بالأمراض المزمنة في خطر حقيقي نتيجة نفاذ الأدوية الأساسية؛ التي تعتبر أدوية منقذة للحياة بالنسبة للأطفال المصابين بأمراض مزمنة مثل: «التلاسيميا، فقر الدم المنجلي، مرض السكر، الصرع، أمراض القلب، وغيرها من الأمراض».إضافة إلى الإنقطاع في خدمات التطعيم، والذي يعرض ما يقدر بنحو 2.6 مليون طفل دون الخامسة عشرة من عمرهم لمخاطر الإصابة بالحصبة ؛ وهو مرض فتاك ينتشر بسرعة في أوقات النزاعات المسلحة والنزوح السكاني.وتوقعت المنظمة أن يكون عدد الأطفال المعرضين للإصابة بالإلتهابات التنفسيّة الحادة قد وصل إلى حوالي 1.3 مليون طفل.المدارس:أجبرت الحرب والمواجهات المسلحة في اليمن أكثر من 3600 مدرسة على إغلاق أبوابها، فبقي عشرات آلاف التلاميذ في منازلهم، أو نزحوا مع أسرهم إلى مناطق بعيدة أكثر أمنًًا، كثير من هؤلاء نزلوا إلى سوق العمل، إما لمساعدة أهاليهم في كسب الرزق، بعد اتساع رقعة الفقر، أو لمجرد ملء الفراغ الذي تركته الإجازة القسرية التي لا يُعرف حتى اليوم متى تنتهي.عمالة الأطفال: تأخذ عمالة الأطفال في اليمن أشكالًا عديدة، على رأسها تشغيلهم وتسخيرهم في أعمال غير مؤهلين جسديًًا ونفسيًًا لها، ويعتبر كثير من أولياء الأمور، خصوصًًا في الريف، أنّ تشغيل الأطفال شكل من أشكال التعليم الذي يجعلهم يتأقلمون في وقت مبكر مع مهام الحياة الصعبة. لكنّ الأطفال يتعرضون بسبب ذلك لأضرار، ومن ذلك البتر والكسر والحرق، خصوصًا مع استخدامهم أدوات حادة في النجارة وميكانيك السيارات وصيانة الكهرباء وغيرها. وذكر تقرير حكومي سابق، صدر بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، أنّ في اليمن مليونًا وثلاثمائة ألف طفل عامل، منهم 469 ألفًًا تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و11 سنة، كما يعمل معظم أطفال اليمن في الزراعة بنسبة 65.1 في المائة. ويشكّل الأطفال في اليمن ما بين سن الخامسة والسابعة عشرة نسبة 34.3 في المائة من السكان. تجنيد الأطفال:من السهل إقناع الإطفال بالقتال، فالأطفال، وخاصًة بين أعمار 13 و16 عامًا، يُحبُّون فعل أشياء جديدة، غالبًا ما تكون للفت الانتباه، يستغل المقاتلون هذا غالبًا بمنحهم البنادق للأطفال في هذا العمر، لذا تستغل كل الأطراف المتنازعة ذلك، وتجُنّد الأطفال، حيث شهدت صفوف المليشيات الموالية للحوثيين انتشارًًا كبيرًًا للأطفال المقاتلين في في ضواحي مدينة تعز، وتصل الأرقام إلى أنهم جندوا نحو خمسة آلاف مجند تم الدفع بهم إلى جبهات القتال المشتعلة، ويقف العديد من الأطفال عند نقاط التفتيش التابعة للحوثيين في العاصمة، كما يستقلون المركبات الحربية الحوثية، ويكون معيار التجنيد هو البنية الجسمانية للطفل وقدرته على حمل السلاح بغضّ النظر عن عمره.2-ليبيا:الأطفال مهددون في لبيبا لأسبابٍ متعددة، بسبب استهداف الأطفال، والمدارس، والأندية الخاصة بهم، إضافة إلى الأطفال الذين لقوا صراعهم مع أسرهم في منازلهم.الأضرار الصحية:الأسلحة الموجودة حول الأطفال، والألغام الأرضية والمتفجرات المتخلّفة عن الحرب تلوث المناطق المحيطة بها، كما أن المدن والبلدات الآن تغرقها الأسلحة الصغيرة من مستودعات الأسلحة التي تم فتحها بعد بدء الصراع؛ فعندما يمر الأطفال بهذه الأسلحة، فإنهم أحيانًا يجمعونها كغنائم أو خردة معدنية، ويعرضون حياتهم لخطر داهم.الأضرار النفسية:لا تقتصر الأضرار التي تلحق بالأطفال من جراء الصراع بدنية، ولكنها تكون نفسية، فكثير من الأطفال الليبيين يمرون بتجارب أليمة وقد أصبحوا الآن في حاجة ماسة إلى الدعم النفسي والاجتماعي.ويروي الآباء، في مخيميات للنزوح بالقرب من مدينة البيضاء الساحلية، قصصًا عن الأرق والكوابيس شبه الدائمة التي يعاني منها أطفالهم الصغار، ويسرد قصة طفلة بكت من صحفي، لأنها اعتقدت أن الكاميرا التي يحملها على كتفه، سلاحًا.وتقول الإحصاءات، إن مليونا طفل معرضون للمخاطر الجسدية والنفسية مع تواصل الصراع في ليبيا.التجنيد:من الجليّ أن أهم سياسات التنظيمات الإرهابية تجنيد الأطفال، وهي سياسة يعتمدها داعش في أكثر من بلد ومن بينها ليبيا في قسمها الشرقي، ففي درنة وبنغازي وغيرها من مدن شرق ليبيا، فقدت الكثير من الأسر أبناءها بسبب تجنيدهم ترغيبًًا أو ترهيبًًا من قِبل المتطرفين لإرسالهم إلى جبهات القتال في سوريا، وفي عاصمة ليبيا طرابلس بدأ نشاط داعش واضحًًا داخل المساجد، وفي مراكز تحفيظ القرآن التي سيطر عليها أشخاص بدعم شخصيات نافذة في وزارة الأوقاف ومن دار الإفتاء.3-العراق:حذرت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة «يونيسيف» من خطورة الأوضاع التي يعيشها أطفال العراق، وقالت إن 15 مليون طفل عراقي تأثروا بشكل مباشر بأعمال العنف أو يعانون الحرمان من أبسط الحقوق التي يتمتع بها أقرانهم في الدول الأخرى، وذكرت المنظمة في تقرير لها أن أكثر من 360 ألف طفل يعانون من أمراض نفسية، وأن 50% من طلبة المدارس الابتدائية لا يرتادون مدارسهم، و40% منهم فقط يحصلون على مياه شرب نظيفة، وقال إنه يتم استخدام الأطفال في العمل من أجل الحصول على مورد رزق لإعالة أسرهم، كما يتم بيعهم في دول الجوار ودول أخرى.المدارس:لم تستثن الجماعات الإرهابيّة في العراق في استهدافاتها الأماكنَ المخصّصة للأطفال، فثمّة العديد من الحالات في هذا الإطار، من خلال استهداف المدارس، أو الأطفال مباشرًة.اختطاف:لا يُحصر الأطفال الضحايا في هؤلاء الذين يُقتَلون في التفجيرات أو يفقدون آباءهم فيها، فثمّة أنواع أخرى من التهديدات التي تواجه أطفال العراق، هم المستهدفون الأوائل للعصابات الإجراميّة التي تخطف الأطفال لتحصل على فديات من ذويهم، وكثيرًا ما يتمّ قتل هؤلاء الأطفال بسبب عدم قدرة أهلهم على توفير المبالغ المطلوبة منهم أو خوف الخاطفين من الوقوع في قبضة الشرطة، يُضاف إلى ذلك ازدياد حالات اغتصاب الأطفال في العراق، مع الإِشارة إلى أن في أغلب الحالات يتمّ قتل هؤلاء الصغار بعد إتمام عمليات الإغتصاب. التي تطال أطفال من هم في سنّ الخامسة أو ما يقارب ذلك.التشريد:يعاني الأطفال من ظاهرة التشريد في العراق، وتفيد الإحصائيات بأن ثمّة طفلًا مشرّدًًا من بين كلّ ثمانية أطفال عراقيّين. ويتمّ عادة استغلال هؤلاء الأطفال للتسوّل أو العمل في ظروف قاسية وأحيانًا في مجال الدعارة، وكثيرًا ما يتعرّض هؤلاء إلى اعتداءات جسديّة أو جنسيّة، كذلك سجّلت حالات تمّ استغلالهم في خلالها للقيام بأعمال إرهابيّة، وعند اعتقال الأطفال المتورّطين في الأعمال الإرهابيّة، لا يلحظ القانون العراقي وضعهم الخاص ويحكم عليهم بأحكام مشابهة لتلك المخصّصة للكبار تشمل سنوات طويلة من السجن.العمالة:تسجَّل ظاهرة عمالة الأطفال في العراق التي تأتي بنسبة مرتفعة جدًا. وتظهر بعض الدراسات أن الأطفال يشكّلون نحو مئة ألف من القوى العاملة في العراق. إلى ذلك، ثمّة 83% من الأطفال العراقيّين الذين يعملون لدى أسرهم بشكل دائم ومن دون أجر. ويعمل الأطفال عادة في مجالات شاقة جدًا ومضرّة صحيًا، من قبيل جمع القمامة وفي معامل الطابوق والحديد والمزارع والحقول وغيرها. التجنيد:يواصل تنظيم «داعش» تجنيد الأطفال في الأنبار والموصل من الذين لا تزيد أعمارهم عن عشر سنوات، وسط قلق في العراق، من نشوء أجيال من المقاتلين والخلايا النائمة حتى بعد تحرير المناطق التي يسيطر عليها التنظيم.ولا توجد إحصاءات دقيقة حول أعداد الأطفال الذين تم تجنيدهم من قبل تنظيم داعش، لكن مفوضية حقوق الإنسان بالعراق، أعلنت مؤخرًا أن تنظيم داعش جنّد ما بين 500 و800 طفل عراقي، في أعماله الإرهابية.وأقدم تنظيم داعض منذ إعلانه دولة الخلافة، على تشكيل فرق من أبناء المقاتلين، الذين سماهم بـ «أطفال الدواعش» المتدربين جيدًا وهم ينتشرون في أوساط الأطفال الموصليين وفي الملاعب والساحات، لغسل أدمغتهم وتشجيعهم على الالتحاق بالتنظيم، ووفقًًا للوثائق، يبدأ التجنيد من سن 11-15 لكن الان يتم تجنيد الاطفال من سن ثماني سنوات، وتدريبهم على فنون القتال والتفخيخ، ويتم تعليم الأطفال وحثهم على التمرد على الوالدين ومحاربة الأهل.زواج الأطفال:مع تردي كل الأوضاع السياسية والاقتصادية والإجتماعية، تواجه فتيات العراق الزواج المبكر، ما يعد انتهاكًا لحقوقهم، إضافة إلى الفتيات التي يتم أسرهن.4-سوريا:يواجه الأطفال في سوريا أخطارًا عدة؛ الموت والإصابة، وجند أطفال صغار في سن 12 عامًا لدعم القتال، بعضهم في معارك فعلية، وآخرون للعمل مرشدين أو حراسُا، أو مهربي سلاح.إحصائيات:قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف»، إن عدد الأطفال الذين أثرت عليهم الحرب الأهلية في سوريا زاد أكثر من ضعفين خلال العام الماضي مع تقطع السبل بمئات الآلاف من السوريين الصغار في المناطق المحاصرة، حيث يعيش نحو 6 ملايين طفل سوري في ظروف بائسة، سواء في بلادهم، أو المخاطر التي يتعرضون لها خلال نزوحهم إلى دولٍ أخرى، مضيفة بأن ما لا يقل عن مائة ألف طفل قتلوا في الحرب السورية، ولكنها أشارت إلى أن العدد الحقيقي ربما أعلى من ذلك، إضافة إلى أن أكثر من نصف مليوني لاجئ سوري هم من الأطفال. وما يقرب من نصف هؤلاء دون سن الخامسة.وذكر تقرير اليونيسف أنه بعد خمس سنوات من الصراع والإضطرابات فإن سوريا تعد الآن أحد أخطر المناطق في العالم بالنسبة للأطفال.المدارس:أصبح ارتياد المدرسة أمرًا مستحيلًا بالنسبة إلى مليونين ونصف المليون منهم، والسبب هو الدمار الذي لحق بمنشآت تعليمية من جانب وتحويل أخرى إلى مراكز إيواء للنازحين أو مقرات عسكرية، فيما تم إغلاق مدارس في مناطق تسيطر عليها جماعات دينية متطرفة مثل داعش وغيرها، لينحصر التعليم فيها على مواد تخدم فكر التشدد والإقصاء.العمالة:الأطفال السوريين يجبرون على أن يكبروا قبل سنهم، مقارنة بالأطفال الآخرين، إذ يضطر طفل من بين كل عشرة أطفال لاجئين سوريين للعمل، لتأمين لقمة العيش في ظروف أقرب ما تكون إلى مغامرة بصحتهم وحياتهم.حيث يعمل الأطفال في ما يسمى بـ «الحراقات» وهي معامل بدائية جدًا لإنتاج المشتقات النفطية، معامل لا تتوافر فيها أي شروط السلامة أو الصحة العامة حيث يتعرض الأطفال العاملين بها لكل أنواع السموم والأبخرة السامة المتصاعدة من عملية التكرير، بالإضافة درجات الحرارة العالية التي يتعرض لها الأطفال طيلة فترات العمل الطويلة.الأضرار النفسية:تترك أجواء العنف الذي يعيشه الأطفال في سوريا انعكاسات نفسية واجتماعية خطيرة عليهم، ومع دخول الأزمة عامها الخامس، تسلط المنظمات الدولية الضوء على معاناة الملايين ممن شردتهم الحرب.وتقول المنظمات أن الحرب أذهلت عيون الأطفال وأخمدت وميض براءتها نزاعات الكبار، وتحولوا إلى ضحية في عمر مبكر وهم يتلمسون سنواتهم الأولى.الزواج المُبكّر:وفق الإحصائيات، تجبر واحدة من بين كل خمس فتيات سوريات على الزواج المبكر.

اقرأ أيضا