حوار.. منى حواس تكشف أسرار "الشاي على النار".. وتتحدث عن طموحاتها

الخميس 05 سبتمبر 2019 | 11:55 مساءً
كتب : شروق مدحت

ظل التمسك بالحلم والأخذ بالأسباب وخوض التجربة أياً كانت العقبات هدفها الأساسي، فلم تترك فرصة لليأس للتملك بداخلها بعد أن تقدمت للمسابقة عدة مرات ولم تفز بها، وبعد أن تضاعف أعداد المتسابقين وتم فتح سن التسابق بدون حد أقصى ودخول العديد من الشعراء الكبار، ففي الساعة الأخيرة من إغلاق باب المسابقة واستلام الأعمال قررت التقديم فى المسابقة الأدبية المركزية للهيئة العامة لقصور الثقافة 2017، وفي ظل ازدياد حدة المنافسة استطاعت الفوز بالجائزة، وعن ديوانها الفائز" الشاي على النار"، كشفت الكاتبة والشاعرة منى حواس، الكثير من الأسرار في حوارها لـ"بلدنا اليوم".

_من أين جاءت فكرة ديوانك الفائز" الشاي على النار"؟

الديوان يحمل اسم الشاي ع النار " حكايات الناس عن ناس تانية "، وهو بالعامية المصرية وجاءت فكرته من أن بعض الناس خاصة في القرى، يتحلقون حول براد الشاي الموضوع فوق ركاية النار أو ما يعرف في بلادنا باسم " الكانون "، الذي يشتهر وجوده في الحقول الزراعية ويتسامرون ويحكي كل منهم للآخر عما يمر به من أمور، ويتشاركون الحكايا والفرح والأطراح.

و في أحد الفترات بحياتي لم يكن لديّ أصدقاء حقيقين يمكنني مشاركتهم ما أمر به من أحداث فنسجت لنفسي صديقاً من الخيال واستحضرت مفهوم اللمة حول الشاي لكي أطرح حكاياتي وقوداً لنار الكانون الافتراضي.

_ كيف جسدت مأساة فراق الأحبة في ديوانك الأخير؟

قد يتم استغراب فلسفتي في هذه المسألة، فأنا اعتقد دائماً أن الأصل في الأشياء هو الفراق وليس اللقاء، فمثلا حين يولد شخص فنحن نعلم أنه من الضروري أن يأتي اليوم الذي يموت فيه مهما طال الوقت، وكذلك اللقاء فحين نلتقي بشخص ما فلابد أننا يوما ما سنفارقه، نحن أنفسنا سنفارق الدنيا ونترك كل أمتعتنا خلفنا، فلا أبدية إلا للخالق جل وعلا، لذا دائماً ما يطاردني هاجس الفراق خاصة إذا كنت أتكلم عن الأحبة لأن فراق الأحبة هو أكثر ما يؤلم الإنسان.

_من هم أبرز أبطال الديوان؟ وهل جميعهم أشخاص حقيقية أم بعضهم مستمد من الخيال؟

باستثناء بطل قصيدة الشاي ع النار التي يحمل الديوان اسمها، فجميع أشخاص الديوان حقيقيون.

_ماهى أبرز الرسائل الشعرية والقضايا التى أردت استدعائها خلال ديوانك الأخير؟

تتلخص أهم رسائل الديوان في النصيحة التي افتتحت بها الديوان في شكل قصيدة تقول :

" لو حد واخدك وطن.. ما تغربوش جوّاك

الغربة مش ناقصاك

كل التذاكر وجع.. كل الوجع مسجون

فمش ضروري تكون..سجن لضلوع بتحن

الضلع يوم إنْ أنْ..وميعاد وجعكم حان

يا تضمُّه بالمعروف ..يا تفارقه بالإحسان!! "

_كيف استطعتى التوزان بين اللغة الشاعرية والفصحى والعامية فى جميع قصائد الديوان ؟

الديوان بالعامية المصرية، ولكن اصفها بالعامية الراقية، وهي اللغة التى يمكن اعتبارها حلقة وصل بين العربية الفصحى ولغة الشارع الدارجة ، فقديماً كنت أكتب الشعر بالفصحى، وهو ما ساعدني دون قصد مني في أن تكون كتابتي العامية قريبة إلى حد ما من الفصحي في جميع قصائدي وليس فقط قصائد الديوان.

_لماذا وقع الاختيار على " الشاى على النار" كعنوان للديوان؟

لأن القصيدة التي تحمل هذا الاسم تعتبر

لأن القصيدة المفتاحية للديوان، تحمل ذلك الأسم وهى التي يدور في إطارها قصة الديوان.

_ماهى المدة التى استغرقها كتابة الديوان؟

هذا الديوان يحتوى على القصائد التي تم كتابتها خلال عام 2016 أو بالأحرى يمكن القول أنه يضم المشاعر التي مررت بها خلال ذلك العام.

_هل واجهتك أى صعوبات فى الكتابة ؟

الشاعر الذي يكتب ذاته لا يواجه صعوبات في الكتابة لأنه يكتب ما يشعر به، وبالتالي لم تواجهني صعوبات في الكتابة، الصعوبة فقط تكون في النشر لأن دور النشر الخاصة تستنزف الكاتب مادياً والهيئات الحكومية تأخذ وقتاً طويلاً للنشر.

_هل يغلب الطابع الرومانسي على جميع أعمالك ؟

هذا ليس صحيحاً بالمرة بل يغلب الطابع الدراماتيكي على معظم الأعمال، لأني انتهج منهج الحكي والتعبير عن اللحظة الراهنة لبطل القصيدة سواء كنت اكتبها عني أو عن آخري ، كذلك فإن كثير من القصائد كان ذات طابع سياسي في الفترة من 2011 حتى 2014وهي فترة التحول السياسي بمصر والتي شهدت أحداثاًَ عديدة لم يكن من الممكن تجاهلها أو عدم رصدها من خلال الشعر الذي يعبر عن نبض الشارع والجمهور، ولعل أشهر هذه القصائد كان قصيدة بعنوان" مشاهد ساخنة جداً " والتي كانت ترصد مشاهد القتل ومحاكمة قاتلي الشهداء، وحادثة استاد بورسعيد الشهيرة وكانت معظم قصائد ديواني "غصنين محبة ومجرد حلم: بمثابة تأريخ لهذه الفترة، أيضا هناك قصائد اجتماعية من الطراز الأول وتلك هي القصائد التي تم نشرها بديواني " حكايات بنات " و " مرايات ".

_ماذا عن مشوارك الدراسي، وكيف كان تأثير البيئة المحيطة على إبداعاتك ؟

أنا خريجة كلية التجارة الخارجية بجامعة حلوان قسم العلوم السياسية شعبة العلاقات الدولية عام 2007، حاصلة على درجة الماجستير في العلاقات الدولية عام 2013 عن موضوع إدارة الأزمات والكوارث، وحصلت مؤخراً على درجة دكتوراه الفلسفة في العلاقات الدولية من قسم العلوم السياسية بجامعة حلوان، أما عن البيئة المحيطة بي، فيمكن تلخيصها في اسم واحد هو " خديجة أحمد حواس " وهى أمي التي كانت عالمي الذي أرى العالم بأكمله من خلالها، فهي التى أثرت ثقافتي، وأثّرت في تفكيري ورؤيتي للأشياء حولي، وهي التي جعلتنى أحب العلم وأثابر في طلبه، وهي أيضاً من اهتمت بموهبتى في الشعر، وشجعتني على الاستمرار والسعي دائماً للتقدم والنجاح وتحقيق الأحلام.

_ إلى أى مدى أثرت دراستك على كتابتك ؟

دراستى للعلوم السياسية زادت من وعيي وإدراكي للأشياء، فأصبحت أنظر للقضايا القائمة بنظرة المحلل السياسي، الذي يحاول استجلاء كافة جوانب الموضوع وبالتالي حين أكتب قصيدة فإنني اكتبها بروح الشاعر الباحث.

_ هل من الضرورى أن يعيش الشاعر حالة وجدانية معينة ليبدع ؟

ليس من الضروري أن يعيش الحالة لكي يبدع، ولكن لابد أن يعيشها لكي يشعر بها الأخرون، فحين يعيش الحالة ويكتب عنها تلامس قلب المتلقي مباشرة من شدة صدقها ووصوله إلى المتلقي.

_ من أكثر الأدباء والشعراء الذين تأثرت بهم ؟

كل من يكتب كلمة جميلة وجملة ذات معنى وعمق أتأثر به فلا يوجد شخص معين يمكن أن أشير إلى أنه ذو الأثر الأكبر في كتابتى، ولكن كل شاعر أو أديب أقرأ له وتلمس كتابته قلبي فأنا مدينة له بالشكر لأنه منحنى معنى راق أبهج روحي.

_ هل تتفقين مع ما يقال بأن هذا العصر هو عصر الرواية ؟

الرواية تتسيد منذ زمن طول وليس فقط في العصر الحالي وذلك لأن الرواية تجعل المرء يعيش أحداثها ويعايش شخوصها ويتعاطف ويكره وتكتنفه العديد من المشاعر فيشعر أنه جزء منه، وبالمناسبة فالشعر العامي بدأ في الفترة الأخيرة شق طريقه داخل قلوب القراء بما يجعلنا قد نراه على خارطة العصر الحالي كمنافس قوي للرواية والقصة.

ما أهم القضايا التي تشغلك وتسخرين قلمك للدفاع عنها في كتاباتك؟

يشغلني دائماًقضايا المجتمع بشكل عام، وقضايا المرأة بشكل خاص بما أنني إمرأة تكتب شعرا فأعبر عن نفسي كعضو في مجتمع يمر بأحداث كثيرة ومتسارعة تستحق الرصد الدائم والمتابعة المستمرة.

_ ما تقييمك للواقع الثقافي الآن على مستوى الوطن العربي بشكل عام وعلى مصر بشكل خاص؟

للأسف الشديد هناك تهاوي وسقوط مدوي في المشهد الثقافي العربي وهو ما أتى كنتيجة للتحول في نمط معيشة المواطن العربي الذي صار لا يقرأ في ظل وجود الهاتف المحمول والانترنت، ومن يريد أن يعرف إلى أي حد وصل الوضع في الوطن العربي ومصر، فلينظر إلى تطور الأغنية على مدى العصور وسوف يرى هبوط الذوق العام للمتلقين، ولكن نأمل أن تكون هذه فترة كبوة تتبعها صحوة قريبة حتى لا تدهس أذواقنا تحت أبواق أغاني المهرجانات.

_ إلى أي مدى يؤثر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي على قراءة الكتاب الورقي؟

بالطبع ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في تراجع قراءة الكتب الورقية، حتى أن مبيعات الصحف نفسها تراجعت كذلك لصالح الانترنت، ويمكن القول أيضاً أن كثيرا من القراء الذين مازالوا يقرئون الكتب اتجهوا مؤخراً إلى الكتب الإلكترونية .

_ ماذا عن فوزك بالمركز الثانى للمسابقة الأدبية المركزية للهيئة العامة لقصور الثقافة ؟

حدث شيء عجيب جداً حيث أننى تقدمت لهذه المسابقة عدة مرات ولم أفز، وكان سن التسابق محدداً بـ 35 عاماً في السنوات السابقة، وفي عام 2017 تم فتح سن التسابق بدون حد أقصى مما أدى إلى تضاعف أعداد المتسابقين، وهو ما جعلني أشعر بصعوبة التنافس مع الشعراء الكبار، ولكن هذا الشعور لم يستطع تسريب اليأس إلى نفسي فقررت التقديم في آخر يوم للمسابقة وفي الساعة الأخيرة أيضاً قبل إغلاق باب استلام الأعمال، وكانت المفاجأة أن يفوز ديواني رغم حدة المنافسة لأتعلم درساً هاماً يتمثل في ضرورة التمسك بالحلم والأخذ بالأسباب وخوض التجربة أياً كانت العقبات.

_ كيف تلقيت حصول الديوان " الشاى على النار " على الجائزة ؟

سعدت جداً بهذا الخبر، لأنه لم يكن متوقع في ظل ازدياد حدة المنافسة على الجائزة.

_ متى وكيف بدأت مشوارك مع الشعر ؟

بدأ في طفولتي أثناء دراستي بالمرحلة الابتدائية، من خلال كتابة الخواطر وظلت المعارف تتراكم إلى أن صارت الخواطر شعراً.

_ ماهى أبرز الإختلافات بين ديوان الشاى على النار وديوان "مجرد حلم" و "غصنين محبة"؟

أهم ما يميز ديوان الشاي ع النار هو أنه " حكايات الناس عن ناس تانية " أي أنه يرصد عدة مشاعر وكأنها أناس تسير على قدمين، الديوان يتنفس كأي كائن حي، فبداخله تجد رصداً واضحاً لمشاعر الحب والصداقة والأخوة والأمومة والخيانة والتجاهل والوجع والحنين، وغيرها من المشاعر التي تتنفس فتنتج شعرا يلمس إحساس القارئ ويعيش داخله "، وكل من يقرأ هذا الديوان لابد أن يجد روحه بداخله في قصيدة أو أكثر وكأنه يقرأ نفسهوغيرها من المشاعر التي تتنفس فتنتج شعرا يلمس إحساس القارئ ويعيش داخله "، أما ديواني مجرد حلم وغصنين محبة فيمكن القول أنهما بمثابة رصد وتأريخ لتداعيات ما حدث في مصر بعد 25 يناير 2011 على كافة الأصعدة النفسية والاجتماعية والسياسية، كذلك يمكن القول ان تجربتي الشعرية قد نضجت بشكل أكبر في ديوان الشاي ع النار.

_ بعيدا عن الشعر ماذا عن كتابك " كفاءة الجهاز الإداري الحكومي فى إدارة الأزمات والكوارث" ؟

هذا الكتاب مأخوذ عن رسالتي للماجستير حول كفاءة الجهاز الادارى الحكومى فى إدارة الأزمات والكوارث في مصر ... كوارث النقل نموذجاً، وهو يتناول مشكلات قطاع النقل في مصر ويسلط الضوء على العوامل والمسببات الرئيسة لكوارث النقل من خلال تحليل حادثتين هزتا مصر هما حادث حريق قطار الصعيد عام 2002 وحادث غرق عبارة السلام 98 عام 2006، ويطرح الكتاب عدة مقترحات واستراتيجيات لمواجهة الأزمات في كافة مراحلها.

_ ماهو العمل الذى يعد بداية حقيقية لتجربتك الإبداعية ؟

هو ديوان يحمل اسم " ديوان من أول وجديد " وبالمناسبة هو لم يصدر حتى هذه اللحظة ولكنه تحت الطبع ضمن إحدى سلاسل الهيئة العامة لقصور الثقافة منذ عدة سنوات.

_ من وجهه نظرك ، لماذا تراجع مستقبل الكتاب الورقي لصالح النسخة الإلكترونية ؟

أعتقد أنه بسبب تزايد انتشار الأجهزة الإلكترونية وتطورها، فقد أصبح الموبايل والتابلت في متناول أيدي الصغار والكبار.

_ كيف ترى مستقبل الشعر في الوطن العربي ؟

أخشى أن يتردى مستوى الشعر العربي مع الوقت لصالح الاستسهال في الكتابة والتذوق، مما يدفع الشعراء والأدباء الحقيقيين للانزواء على انفسهم بسبب بوار سلعتهم وعدم قبول الذوق الشعبي لقصائدهم، وهو ما يمثل خطورة على مستقبل الإبداع بشكل عام وليس الشعر فقط.

_ أين ذاتك الأدبية في الرواية والمجموعات القصصية ؟

أقرؤهم فقط واستمتع بكل رواية وقصة جميلة، ولكنى لست روائية ولا قاصة، فذاتي أجدها بهم كقارئة متذوقة فقط.

_ هل توجد لديك دواوين وأعمال غير منشورة ؟

نعم لدي ديوان من أول وجديد ، ديوان آخر السكة بدايتها ، وديوان : بنت بتشبه الأيام، وجميعهم شعر باللهجة العامية

_ ماهي طموحاتك؟

أن تكون كل كتاباتي راقية وترتقي بالذوق العام على المستوى الأكاديمي في أبحاثي العلمية، وعلى المستوى الأدبي في أشعاري.