رغم حالة الانتعاش التي يشهدها المسرح الخاص في مصر خلال الفترة الأخيرة، إلا أن الجمهور يشعر بفقر شديد بسبب قلة العروض التي تقدم على خشبة المسرح، وهذا الحال يشبه قول الطبيب، المريض ميت إكلينيكاً، فمنذ زمن طويل، يحاول أصحاب الفكر والابتكار إنعاش المسرح من جديد، وجذب الجمهور إلى مسارح مصر المختلفة، ولكن الأمر دائماً يفشل، فهناك الكثير من العروض داخل المسرح ولكن لا يعلم عنها أحد، وتواصلنا مع نقاد متخصصين في النقد المسرحي، للوصول لحل يساعدنا في الخروج من تلك الأزمة.
أحمد عبد الرازق: 80% من النصوص أجنبية.. ومسرح مصر يشبه الكباريه
وقال الناقد المسرحي أحمد عبد الرازق أبو العلا، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم": "للأسف الشديد المسرح زيه زي بقية الفنون في تراجع شديد جداً، أنا شايف ان احنا نفتقد الرؤية الثقافية ومن ثم نفتقد الإستراتيجية التي تحدد أهمية الثقافة بشكل عام، بل هو أخطر لأنه يتعامل مع الجمهور ولذلك من الصعب أن تجد الآن خطة وأضحة ومحددة يضعها البيت الفني للمسرح، فالجمهور لا يعرف العروض التي سيقدمها البيت الفني في الشهر المقبل، ولكننا تفاجئنا أن هناك عرض غداً، على خشبة المسرح القومي، ويقدم بطولته الفنان سامح حسين، ده أكبر دليل على عدم وجود ما يروج للمسرح".
وأضاف عبد الرازق: "البيت الفني للمسرح لا يملك استراتيجية تحدد توجهات هذا المسرح، ولذلك الموقف في نهاية العام وأنا دائماً أتابع جميع المواسم، نكتشف أن النتيجة في النهاية لا تتجاوز بأي حال من الأحوال بمجموع المساراح التي هي عددها 11 مسرح، يقدموا عدد لا يتجاوز الـ"24" عرض مسرحي، ويتم تطعيم الـ"24" عرض مسرحي خلال العام، ببعض العروض من السنوات السابقة، وهذا يكشف لنا المعيار الذي يسير به المسرح القومي، والمسرح لا يستطيع أن يتواجد سوى في المجتمع الديمقراطي، فهو الآن في غرفة الإنعاش، وهذه حقيقة تاريخية، فالمسرح المصري القديم توفي على الرغم أن مصر هي أقدم مسارح العالم، لأنه ظل مجرد طقس ديني داخل المعابد الفرعونية، ولكنه لم يستطع أن يخرج للجمهور في المجتمع، والمسرح اليوناني استطاع أن يحقق هذا الأمر، فهو خرج من المعابد والكنائس، والتقى بالجماهير في ملحمة ساعدت على انتعاشة، ولهذا السبب المسرح أساسه يوناني وعلى الرغم من أن بدايته مصرية".
وتابع عبد الرازق: "الرقابة تضيق الأمور على النص المسرحي، ولا أعلم سبب خوفها من الإبداع، أول مشكلة من مشاكل المسرح، غياب الاستراتيجية التي تنظم عمله، والسبب الثاني أنه يعمل بشكل عشوائي، والسبب الثالث أن الرقابة على المسرح تحد من حرية الكاتب في التعبير، ومن ثم لا يستطيع المسرح أن يحتضن القضايا التي تهم الجماهير، ويشعر الجمهور بأن المسرح منفصل عنه انفصال تام، بدليل أن الكاتب يلجأ للنصوص الأجنبية وتعرض على خشبة المسرح القومي، وأبرزهم مسرحية سامح حسين، وهي نص لـ"فولتير"، وهذا يجعلنا نلجأ إلى التراث المسرحي الأجنبي، وبنسبة 80% من نصوص المسرح القومي أجنبية".
واختتم عبد الرازق حديثة قائلاً: "المسرح ينشر الوعي، ويساعد في البنية الأساسية للمجتمع، لأن القوة الناعمة هي القادرة على حماية أي مجتمع من التطرف والإرهاب، ونحن ليس ضد المسرح الخاص فهو يحاول أن يقدم أعمال جيدة مثل "الملك لير"، والمسرح الخاص يحاول أن ينعشه ولكنه لا يستطيع بمفرده، وأنا ضد "مسرح مصر" لأنه إسفاف ورجوع الى الخلف، وإساءة للمسرح المصري، ويحتوي على ألفاظ جنسية، يشبه الكباريه".
محمد مسعد: المسرح الخاص يحاول النهوض
وعلى نفس النهج أكد الناقد المسرحي محمد مسعد في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"،: "المسرح المصري ليس في حالة انتعاش، والمهرجان القومي للمسرح ليس سبب كافي لكي ينعش المسرح، لأن اختصاصاته ليست موجهة للجمهور بشكل كبير، فهي موجهة بشكل أكبر للفنانين، لأنهم يشاهدون أعمال مختلفة لمدة 18 يوم، وبالتالي هذا من الممكن أن يطور في المسرح نفسه ولكنه لا يفيد الجمهور بشكل مباشر".
وأضاف مسعد، أن المسرح بمصر دائماً يقع في أزمة كبيرة، وذلك لفشل علاقته مع الجمهور، لأسباب كثيرة منها أسباب متعلقة، انتشار الانترنت والتليفزيون والسينما، لأنهم أكثر إمتاعا، فالمسرح كان منتعشا في السبعينات والستينات لأن وسائل الترفيه للجمهور كانت ضعيفة، فكان المسرح هو أبرز وسائل الترفيه.
وتابع مسعد تصريحاته قائلاً،: "المسرح فقير مادياً، ولذلك يهرب منه النجوم الكبار فهذا العامل الجذاب يجعله أكثر ضعف، المسرح طول الوقت لديه مشكلة مع المتفرج في المفهوم العام، فمسرح الثقافة الجماهيرية أصبح يتجه إلى جمهور المحافظات في الأقاليم وليس جميعهم أيضاً، فهو متوجه لسكان مدن صغيرة بالسينما والصعيد، ولكن المتفرج العام ليس متواجد بمصر".
واختتم مسعد، : "المسرح الخاص حقق انتعاشا جزئيا بسبب عرض "الملك لير" للفنان يحي الفخراني و"3 أيام في الساحل" الفنان محمد هنيدي، ولكن مسرح مصر لا يدرج تحت مسمى المسرح في اسكتشات صغيرة تحتوي على إسفاف كثير، وهذا شوه مفهوم كلمة المسرح أو شكل المسرح المصري لدي الجمهور أو الشباب.