لم تكن تعلم "شهد" بنت الـ15 سنة، أن هروبها من حرارة جو القاهرة، وذهابها هي وعائلتها الصغيرة لقضاء أسبوع ترفيهي بشرم الشيخ، لتفريغ شحنة من الضغوط الذهنية والنفسية بعد نهاية العام الدارسي، أنها هي نهاية الحياة بالنسبة لها وفقدان متعها ولذاتها، ولعائلتها الحسرة والقهر على طفلتهم التي مازالت في عمر الزهور، وماتت بهجتها وشقاوتها، وانطفأت شمعتها المنيرة ، وضحكتها الملائكية بعد أن فقدت "شهد" نعمة من نعم الله على الإنسان، وهي بصرها، بسبب الإهمال في أرواح البشر، من أجل تحقيق الربح السريع.
شهد أحمد حسن، بنت الـ15 سنة، التي أنهت مرحلة الإعدادية وتستعد لصعودها للصف الأول الثانوي، تروي ماحدث لها من داخل مستشفي "القصر العيني" من واقع مؤلم بتعرضها لحادث مأساوي انتهى بفقد نظرها للأبد، وتصبح "الطفلة " صاحبة عاهة مستديمة تفقد معها كل متع الحياة.
قالت"شهد" أنها ذهبت مع عائلتها لزيارة خالتها "شيماء" المقيمة بشرم الشيخ لقضاء عدة أيام لديها للاستمتاع بجو الصيف، وفي آخر يوم لرحلتهم ذهبوا في رحلة بحرية بأحد اللنشات، وأثناء ركوبهم عرض عليهم قائد اللنش "حمدي" الطفل الذي لم يكمل عامة السادس عشر، الاستمتاع بركوب الباراشوت، والذي أغراهم بأنه سوف يجعلهم يعيشون وقت ممتع، فتعلقت الطفلة الصغيرة بخوض التجربة، واستعدت للصعود للسماء بالبراشوت، وشاركتها خالتها "إيمان" في رحلتها خوفا من الصعود وحدها .
ومر الوقت واستمتعت "الطفلة " بالتجربة وأثناء نزولهم مرة أخري للنش، بدأت تحدث المفاجأه إثر تصادمها مع خالتها ولم تكن تعلم أن هذا مؤشر لبداية "خطر" ونزلت خالتها اللنش، وسقطت هي في المياة واصطدمت بالمركب، وشعرت بشيء ما سقط عليها، وبدم على وجهها ثم فقدت الوعي.
وفجأة رأينا "شهد" ينتابها حالة من الصمت والتفكير، وهذا ما أثار فضولنا لسؤالها ماذا تريدين؟ وكان الرد أنها تستغيث بالرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، بأن يهتم بحالتها وتنقل لمستشفي أخرى تعالج فيها حتى تتمكن من الرؤية مرة أخرى، وذلك لشعورها بعدم الاهتمام بها داخل المستشفى التي تعالج فيها وقالت" إحنا متبهدلين هنا".
وتركنا شهد مرعاة لحالتها الصحية، وتطرقنا للحديث مع خالتها "شيماء" وأكدت ما قالته "شهد" وأضافت: "كنت سوف أصعد بعدهم أنا وأولادي، وأثناء استعدادنا في انتظار نزولهم فجأه شعرنا بإصطدام قوي بالمركب حتى ظننت أننا "خبطنا في شعب مرجانية" وفجأه رأيت "شهد" على وجهها دم، فسألت قائد المركب قال "متقلقيش دول بس خبطوا في بعض" فتوقعت أقصي إصابة للبنت إنها تاخد غرز في وشها، ولكن انتابتني صدمة عندما حدثتني شقيقتي "إيمان" أن شهد في حالة خطر وأنها رأت عين "شهد" منفجرة حتى ظنت أنها ليست البنت وقالت أنا معرفتهاش من قساوة المنظر.
تم نقلها لمستشفي شرم الشيخ الدولي، وبعد الفحص الشامل كانت الفاجعة عندما أبلغهم الأطباء أن "شهد" انفجرت عيناها وفقدت النظر للأبد، ولصعوبة الحالة قررت المستشفى نقل الحالة لمستشفي القصر العيني لتلقي العلاج المناسب لحالتها المرضية، وعمل العمليات اللازمة.
وأضافت أنهم وصلوا لمستشفي القصر العيني الساعة الـ7 صباحا، ولم يتم استقبالها داخل غرفة سوى الساعة الـ3 مساء، ودخلت غرفة العمليات الساعة 5 وربع وخرجت الساعة 7 مساء.
تمت العملية بتفريغ العين بالكامل، ولم يتم سوى الحفاظ على شكل العين، وطالبت الرئيس السيسي بتبني حالة شهد من رعاية طبية لخطورة حالتها، وعدم وجود رعاية لها داخل المستشفي، وتبني أيضا رجوع حقها القانوني.
المشهد الأخير للقصة المؤلمة لـ"شهد"...
معاناة الأهل كيف يتم إخبار "شهد" بحالتها أنها فقدت بصرها للأبد، والبنت بداخلها أمل أنها بعد شهر تعود لحياتها الطبعية ولدراستها وزملائها الذي رأيناهم يلتفون حولها بالعشرات وقالوا "هنقولها إزاي أنك مش هتشوفي تاني" إحنا بنموت كل لما بنشوفها تمشي وتفرد ايديها خوفا من أن تصطدم بأي شئ.
وقال علاء الدين محمد يونس المحامي، أنه تقدم بمحضر ضد "ع.م.م" صاحب السنتر الذي بيتم تأجير اللانش منه، و"أ.ع.ف" صاحب اللنش، و"ح.ال.س" 16سنه، قائد اللنش، بحار بدون رخصة، يتهمهم بالإهمال وإحداث عاهة مستديمة للضحية.
وأضاف أن المتهم الثاني قال في إعترافاته أن المتهم الأول شريك للثاني في اللنش وهذا يعتبر قانونا شريك في التهمه، والمتهم الثالث في إعترافاته أقر أنه قبل الحادث بـ4 أيام أخبرهم أن الحبال الخاصة بالباراشوت بها تأكل، وسوف تسبب خطرا على أرواح المواطنين وكان الرد "ملكش دعوة وعلى مسؤليتي".
وشبه "المحامي" حالة "شهد" أنها قتلت وليست مجرد إصابة، ووجه سؤال لهيئة المحكمة بأي ذنب قتلت الطفلة، وأكمل مرافعته وقدم دفوعه ولستند لتحريات المباحث التي أكدت الواقعة، وتقرير غرفة المسطحات، وتقرير الإدارة العامة للتفتيش البحري.
وهذا مادفع هيئة المحكمة من الحكم في القضية من أول جلسة، وقضت ببراءة المتهم الأول، وحبس المتهمين الأخرين لمدة عامين، واستند المحامي لاعترفات"أنور" المتهم الثاني أن الأول شريك له فتقدم اليوم "علاء الدين" بإستئناف على الحكم، والمطالبة بالحق المدني.
وتم تحديد جلسة 20/10/2019 القادم لمتابعة سير القضية.