انضمت عدة بنوك مركزية، فى دول الأسواق الناشئة، أخيراً إلى الموجة العالمية الرامية إلى تيسير السياسة النقدية فى ظل تنامى المخاوف من استمرار تباطؤ الاقتصاد العالمي.
وقالت وكالة "بلومبرج" الإخبارية، فى تقرير نشرته على موقعها الإلكترونى، إن كلا من جنوب أفريقيا وإندونيسيا وكوريا الجنوبية أعلنوا خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة، فيما حافظت تشيلى على سعر الفائدة الرئيسى دون تغيير بعد الخفض غير المتوقع بمقدار نصف نقطة الذى أعلنت عنه الشهر الماضي.
وأوضحت الوكالة أن الخطوة التى اتخذتها اثنتان من أكبر الأسواق الناشئة فى آسيا والاقتصاد الأكثر تطورا فى مجال الصناعة فى إفريقيا، تؤكد تزايد مخاطر التباطؤ العالمي، فى الوقت الذى يملك كل منهم سببا وراء الاستجابة، فكوريا الجنوبية قلقة بشأن الاستقرار المالى بسبب ارتفاع مستويات ديون الأسر، وإندونيسيا تحتاج إلى عوائد أعلى لجذب المستثمرين الأجانب لتمويل عجز الحساب الجاري، فيما تحاول جنوب إفريقيا كبح جماح التضخم بالقرب من نطاقها المستهدف.
ولفتت إلى أن هذه الموجة من خفض أسعار الفائدة ليست الأولى، فهى أعقبت النبرة الحذرة التى يوجه بها مجلس الاحتياطى الفيدرالى (المركزى الأمريكي) سياساته خلال الفترة الماضية، وهو ما دفع البنوك المركزية فى أستراليا والهند وروسيا لخفض سعر الفائدة مؤخرا، كما فاجأت نيجيريا الأسواق فى مارس الماضى بعد أن أعلنت عن أول خفض فى أكثر من ثلاث سنوات.
وقال ديفيد مان، كبير الاقتصاديين فى بنك "ستاندرد تشارترد" فى سنغافورة: "يبدو أن العالم فى هذه المرحلة يتجه للتخفيض"، مستكملا: "التضخم منخفض والنمو فى تباطؤ واضح، وإن لم يكن سريعا، ولكن المخاطر تزداد"، وتوقع أن يسجل الاقتصاد العالمى نموا بواقع 3.4% هذا العام، منخفضا من 3.8% فى عام 2018.
وأشارت "بلومبرج" إلى أن أكبر أسباب تزايد مخاوف التباطؤ العالمى هى الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتراجع وتيرة الازدهار التكنولوجى وكذلك استمرار خسائر قطاع السيارات المزدحم عالميا.
وقال فريدريك نيومان، الرئيس المشارك لأبحاث الاقتصاد الآسيوى فى بنك "إتش إس بى سي" فى هونج كونج: "العديد من الاقتصاديات الآسيوية فى طليعة الدورة الصناعية العالمية وتخفيض أسعار الفائدة فى المنطقة يكشف عن توقعات بأن تدهور الصادرات الحالية سوف يستمر"، مضيفا أن هناك حاجة لمزيد من اليقين حول السياسات التجارية عالميا، فضلا عن سياسة مالية أكثر توافقا بين أكبر الاقتصادات فى العالم.
وكان بنك كوريا (المركزي) قد خفض سعر الفائدة بالقرب من أقل مستوياتها على الإطلاق بنحو ربع نقطة مئوية، كما خفض البنك المركزى الإندونيسى سعر الفائدة للمرة الأولى منذ ما يقرب من عامين، وتعهد بمزيد من التسهيلات فى المستقبل مع تحول التركيز إلى دعم النمو فى أكبر اقتصادات فى جنوب شرق آسيا.
وقالت جوليانا لي، كبيرة اقتصاديى القطاع الآسيوى لدى "دويتشه بنك": "المنطقة بحاجة إلى دعم السياسات الكلية النقدية والمالية على حد سواء لتعزيز استقرار النمو وسط حالة عدم اليقين التجارية المستمرة".
وجاء خفض جنوب إفريقيا لسعر الفائدة الرئيسى بعد أن راجع البنك المركزى توقعاته للنمو إلى حوالى نصف توقعاته السابقة إلى 0.6%، فيما حذرت لجنة السياسة النقدية من أن تيسير سياستها يحتاج لان يصاحبه إزالة القيود الهيكلية الأساسية من قبل الحكومة ليكون له الأثر المرجو فى تعزيز الاقتصاد.
وقالت "بلومبرج" إن الاقتصاديين يشعرون بالقلق حيال المساحة المتاحة للبنوك المركزية للتخفيض، بالنظر إلى أن أسعار الفائدة فى جميع أنحاء العالم عند أدنى مستوياتها التاريخية بعد سنوات من الجهود لدعم النمو فى أعقاب الأزمة المالية العالمية.
ولفتت إلى أنه فى الوقت نفسه، هناك مخاوف بشأن مدى فعالية تخفيضات أسعار الفائدة فى ضوء ارتفاع مستويات الديون، الأمر الذى يعنى أن البنوك المركزية وحدها لن تكون قادرة على إنقاذ اقتصاداتها.