استأنفت الولايات المتحدة الأمريكية العقوبات الاقتصادية ضد إيران، إلا أنه من الملاحظ في شأن آلية العقوبات الاقتصادية الأمريكية ضد الدول ليست بالأمر الجديد داخل النسق الدولي على سبيل التخصيص؛ وهو ما اضطر الولايات المتحدة إلى البحث عن استراتيجية جديدة يمكن من خلالها كبح جماح النفوذ الإيراني في المنطقة والعدول عن امتلاك التكنولوجيا النووية، وهو ما أدرجته الولايات المتحدة ضمن خطتها الأولية في السياسة الخارجية ضد طهران، وهو ما يثير جدلية في هذا الشأن.
استراتيجة التعامل مع الملف الإيراني
وعلى ضوء ذلك قال محمد رمضان أبو شعيشع، باحث في برنامج تحليل السياسات الإيرانية، إن استراتيجة الولايات المتحدة الأمريكية الجديدة المطروحة للتعامل مع الملف الإيراني سواء كانت تعديل للسلوك الإيراني أو إسقاط للنظام الإيرانى نفسه، ينتابها الكثير من المميزات والعيوب على نحو دقيق.
إذا يبدو خيار تغيير النظام الحاكم أكثر منطقية لسببين اثنين على أقل تقدير من وجهة نظر استراتيجية بحتة، على الرغم من أن خيار تغيير النظم الحاكمة يسهل قوله كثيراً عن تنفيذه، وبرغم امتلاك الولايات المتحدة الأمريكية كافة الأدوات العسكرية والسياسية والاقتصادية الكفيلة بإسقاط النظام الإيراني الحاكم من الناحية النظرية، إلا أن الواقع السياسي الدولي الحالي أكثر صدمةً لهذا الخيار ألامريكي، نتيجة لتعاظم النفوذ الروسي والصيني على الساحة الدولية والمناوئ لأي استراتيجية أمريكية حالياً.
تهديد المصالح
واضاف "أبو شعيشع" إن الولايات المتحدة ليست عازمة على الدخول في حرب مع إيران، حتى وإن كثفت القوات الأمريكية من تحركاتها في الآونة الحالية، سواء في منطقة الخليج العربي، أو الشرق الأوسط بصفة عامة، فإن هذه التحركات تقع فقط ضمن بوتقة التهديدات الأمريكية لإيران وحلفائها في المنطقة لحثها على الالتزام بالعقوبات المفروضة عليها والخفض من تحركاتها وأنشطتها الثورية المهددة ليس للأمن والاستقرار في المنطقة فقط، بل وتهديد لمصالح الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين في المنطقة، على غرار ما حدث للإمارات والسعودية وتهديد للملاحة البحرية قرب ميناء الفجيرة الإماراتية.
وذلك بسبب عدة عوامل، أبرزها أن الجانب الإيراني يمتلك العديد من المليشيات والأذرع العسكرية التابعة لقوات الحرس الثوري الإيراني المنتشرة بصورة واسعة في كل من اليمن، سوريا، العراق، ولبنان، ومن ثم فإن الجانب الأمريكي لايمتلك المال الكافي رغم كبر ميزانيتها العسكرية التي تصل إلي 700مليار دولار، إلا أنها لا تستطيع تمويل الحروب في أي وقت قريب، غير أن إيران ليست مثل العراق، أو سوريا، نتيجة لأن التعداد السكاني لها يصل نحو70مليون نسمة، ومساحتها تصل إلى 1.7 مليون كم مربع، ولذلك عملية الغزو الأمريكي لإيران وإسقاط نظامها يعد أمراً صعباً للغاية.