5 دقائق كانت المهلة التي تفصلهم عن الموت، حاولوا جاهدين السيطرة على أعصابهم هموا مسرعين لإنقاذ صغارهم، فلم يتبقى سوى ثواني معدودة على الموت، الاحتلال لم يمهلهم الكثير، فالاتصال الذي جاء إليهم منذ قليل أخبرهم أن منزلهم سيتم قصفه وأنّهم يجب عليهم إخلاءه.
"سكان عمارة أبو قمر بحي الصبرة شرق غزة" هذا المكان الذي قررت سلطات الاحتلال قصفه ومحوه من الوجود وتشريد القاطنين به، فوضى عارمة أصابت المكان ، ولم يتمكن أحد من المواطنين تصديق أن الكارثة قادمة وأن النجاة بحياة أطفالهم هي أمنيتهم الكبرى.
تسارع الجميع الأطفال دون التركيز في الطريقة التي يتم فيها إخراجهم وحتى ما ترتدي نسائهم، فجل تفكيرهم في تلك اللحظات الحاسمة الفرار والنجاة من الموت أمامهم ، وإخراج ما يمكن من وثائق، والمعضلة أن الفوضى عمت العمارة المكونة من 8 طوابق و25 شقة وفي كل شقة من 7-10 افراد .
تلك الدقائق كانت أشبه بالكابوس بالنسبة لسكان الـ25 شقة الذين دفعوا دم قلوبهم على مدار سنوات عديدة حتى تمكنوا من شراء شققهم ، لتكون الصواريخ كالخناجر التي ضربت قلوبهم وحطمتها وحطمت كافة احلامهم ، والتهمة الوحيدة انهم مواطنون آمنون وأن الاحتلال لا يفرق بين أحد، فقضى هؤلاء أول يوم رمضان في الشارع مشردين بلا كأوى.
ويعتبر مشهد قصف عمارة أبو قمر ، صورة مصغرة مما يحدث خلال قصف الاحتلال للعمارات السكنية المكتظة بالمواطنين ، وما يحدث معهم خلال قصف المواطنين الأمنيين العزل ، وخاصة ان الاحتلال الإسرائيلي قصف خلال جولة التصعيد الاخير130 وحدة سكنية بشكل كامل، و700 وحدة سكنية بشكل جزئي، وشرد ساكنيها في مختلف مناطق قطاع غزة على مدار يومين من العدوان الإسرائيلي على القطاع.
وكشفت الأشغال العامة والإسكان، عن "تدمير 130 وحدة سكنية بشكل كامل و700 وحدة بشكل جزئي كإحصائية أولية جراء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة"
ولم يكتفي الاحتلال من قصف العمارات السكنية فقط بل امتد أياديه إلى قصف المدارس والمستشفيات، فصواريخه تطال المدنيين العزل في كل مكان بالأرض المحتلة.