تعد الأمثال الشعبية شكل من أشكال الفلكلور الشعبي، فلا تخلو منها ثقافة من الثقافات سواء كانت عربية أو أجنبية، نظرا لكونها انعكاس لخبرة ومواقف مر بها السابقون، واستخلصوا منها حكم وعبر ومواعظ، ثم وضعوا هذه الحكم في كلمات قصيرة وموجزة، ليتناقلها الأجيال جيلاً تلو الآخر، ولأن وراء كل مثل حكاية، سوف نعرض لكم في السطور القادمة، قصة مثل أن أكثر الأمثال تداولا، وهو مثل "ومن يصنع المعروف في غير أهله".
يرجع أصل هذا المثل إلى شبة الجزيرة العربية، حيث كان هناك مجموعة من العرب خرجوا للصيد، وأثناء رحلتهم، ظهرت لهم أنثي الضبع، والتي كانت تعرف باسم "أم عامر"، فقاموا بمطاردتها، فلجأت هذه الضبعة إلى بيت رجل أعرابي، فوجدها هذا الأعرابي مرهقة ومجهدة من شدة الحر.
وعندما كناوا يطاردون هؤلاء الأشخاص هذه الضبعة "أم عامر" لقتلها، أشهر الرجل الأعرابي سيفه أمامهم، ورفض أن يقترب أحد منها، لأنه رأي أنها استنجدت به، وقال لهم: "لن تقتربوا من هذه الضبعة، طالما هذا السيف في يدي"، وبالفعل انصرفوا جميعا.
وبعد انصرافهم، لاحظ الأعرابي أنها مرهقة ومجهدة، فقدم لها الماء والطعام، وبعد أن أطمأن عليها وأنها استعادت عافيتها، تركها في المنزل و خلد إلى النوم، بعدما شعر بسعادة لما قدمه من مساعدة وعون لهذا الحيوان.
ولكن غريزة هذا الحيوان المفترس، قادته إلى الانقضاض على هذا الرجل الأعرابي والهجوم عليه، حتى أنها قامت بفتك وبقر بطنه وشربت من دمه، ثم تركته وانصرفت.
وفي الصباح الباكر، عندما انتشر خبر قتل الضبعة للأعرابي، قرر أصدقائه النيل منها، فاتبعوا آثارها حتى وجدوها وقاموا بقتلها، وقام أحد أقاربه بإنشاد قصيدة، لا تزال يرددها البعض، حتي أصبحت مثلا ، فقال
"ومن يصنع المعروف في غير أهله...يلاقي الذي لاقي مجيرأم-عامر
أدم لها حين استجارت بقربه...طعاما وألبان اللقاح-الدرائر
وسمنها حتى إذا ما تكاملت..فرته بأنياب لها وأظافر
فقل لذوي المعروف هذا جزاء من..بدا يصنع المعروف في غير شاكر"
ومنذ ذلك الحين، أصبح الأشخاص يرددون مثل "ومن يصنع المعروف في غير أهله"، عندما يقدم أحد مساعدة وعون ومعروف لشخص ما، ويرد هذا الشخص المعروف بنكران الجميل، ورد الإحسان بالإساءة.