في السابعة من عمرها، ملامحها دقيقة رقيقة، وعيناها جميلتان، يعلو بشرتها سُمرة جذابة، شعرها الأسود اللامع ينسدل على كتفيها، فهي تبدو من أصل ريفي أصيل، جاءت إلى محطة قطار مصر برفقة جدتها الخمسينية، بعد قضاء واجب العزاء في أحد الأقارب، ولم تكن تعلم أن ابتسامتها البريئة ستنتهي في أحد المستشفيات، بسبب إهمال أحد سائقي القطار بمحطة مصر.
المكان على رصيف 6 بمحطة قطار مصر، الزمان الساعة تخطت التاسعة والنصف بثلاث دقائق، صوت اصطدام دوي بين أرجاء محطة مصر محدثًا انفجارًا هائلًا، الجميع يهرول وسط النيران المتوهجة، فإذ بهم يجدوا المشهد المريب، الطفلة فلتت يداها من أصابع جدتها الخمسينة وفقدت الوعي تمامًا، لترى نفسها عند استفاقتها بمعهد ناصر يداوي الأطباء جروحها.
لم يتم العثور على جثمان الجدة "سامية محمد عليوة" بين الضحايا والمصابين، وبعد مرور أيام عثروا على جثتها وتعرفوا عليها بعد إجراء تحاليل الحامض النووي "DNA".
لم تنتهي مأساة الطفلة الصغيرة وعائلتها بعد، فبعدما كتبت السيدة الخمسينية أسمها بين ضحايا الحادث المرير، لحقت بها اليوم رفيقة دربها طوال السبع سنوات، "راوية" فقد أعلنت مستشفى معهد ناصر، اليوم الأربعاء، أن راوية لقت مصرعها متأثرة بجراحها على آثر إصابتها في حادث القطار.
لمدة 14 يوميًا، مكثت الطفلة ذات السبع سنوات، داخل غرفة العناية المركزة، لإصابتها بجروح بالغة وحروق درجة ثانية، بالإضافة إلى خضوعها داخل العناية إلى عملية جراحية في الرقبة، لمساعدتها على الاستنشاق.
الطفلة الصغيرة كانت ضحية أبوين اختلفوا كثيرًا حتى انتهت الخلافات بينهما بالطلاق، وعلى غرار هذا منع الأب من رؤيتها لسنوات، فيما تزوجت الأم وتركت الطفلة "راوية" في رعاية جدتها، وبعد هذه المأساة ماتت جدتها ذات القلب الحنون، ولحقت بها الطفلة البرئية، وظل المطلقان يعيشان حياتهم الجديده بدون مشاكل.
عقب فقدان الطفلة في مستشفى معهد ناصر، قال السيد أحمد، والدها، إن ابنته لقيت مصرعها، متأثرة بجروحها، وجار إنهاء إجراءات استخراج تصريح الدفن، لتشييع جثمانها، بمسقط رأسها في محافظة الشرقية.
وأضاف والد الطفلة أن نجلته وجَّهت لهم رسالة قبل وفاتها مفادها: "متزعلوش عليا أنا في الجنة، وهروح عند جدتي، وأصحابي والمدرسة وحشوني"، مضيفًا: أن ابنته كانت إصابتها خطيرة؛ حيث إن نسبة الحروق تعدت نسبة 80%، مشيرًا إلى أن الأطباء بذلوا ما بوسعهم لإتمام شفائها، لكنها لحقت بجدتها التي توفيت في نفس الحادث.
في هذا السياق نعى رمضان عبد الحميد حسن، وكيل أول وزارة التربية والتعليم بالشرقية، وفاة التلميذة راوية ذات الـ6 أعوام، بعد رحلة علاج من الحروق بمعهد ناصر.
وخصصت وزارة التضامن الاجتماعي 80 ألف جنيه لأسر الضحايا وحالات العجز الكلي، و25 ألف جنيه للمصابين، مكلفة مديرية القاهرة ولجان الإغاثة المركزية بالوزارة؛ بالانتهاء من إجراء الأبحاث الاجتماعية للمصابين وأسر ضحايا الحادث.