في ذلك المكان البعيد المليء بالقصص والحكايات، تجلس منى أمام محكمة الأسرة في رمسيس، واضعة يدها على خدها، تاركة العنان لخيالها، لا تشعر بما يدور حولها، وفقد نال السرحان كل تفكيرها من هول الصدمة، تقارن بين ما كانت عليه قبل زواجها وما وصلت إليه وما ستمر به إذا استكملت حياتها بهذا الشكل.
"جوزي عايزني أرقص علشان أصرف عليه".. هكذا بدأت منى 38 سنة حديثها، موضحة أنها كانت تعيش في أسرة ميسورة الحال، درست في كلية الحقوق وتعرفت على زوجها الذي كان يدرس في نفس الكلية، وجمعت بينهما قصة حب.
وتابعت: "حاربت أهلي من أجل الموافقة على الزواج منه، وصممت على ذلك رغم رفضهم لعدم وجود شقة له أو عمله في وظيفة معينة، وأكدت لهم أننا سنعمل سويا وسنبني مستقبلنا سويا، واستمريت في الضغط على أهلي حتى وافقوا على زواجي منه".
وأضافت "منى" والكلمات تتزاحم على لسانها محاولة ترتيبها: "عشت معه أول عام في حب وحنان وحياة مليئة بالسعادة، واشتغلت في مصنع لمساعدته في مصاريف المنزل، فعلت من أجله كل شيء، ورزقني الله عز وجل منه بـ"أحمد ويوسف"، وكان يأخد مني كل مرتبي، رغم أنه يعمل سائق تأكسي، وأنا لا أبالي بذلك، فكنت أرى عدم وجود أي إشكالية في أنني أساعده في مصاريف المنزل بسبب ظروف الحياة القاسية، وحدث معي مشكلات في عملي واضطررت لتركه، والجلوس في المنزل فترة حيث كنت أبحث عن فرصة عمل أخرى".
بداية التحول في حياة منى رصدتها في جملة بسيطة وقالت: "تغير زوجي معي وأساء معاملتي بعدما فشلت في العمل في وظيفة أخرى، بيرميني بكلام زي السم بأنني أجلس زي العواطلية وأصبحت لا قيمة لي.. أكل وأشرب فقط، ووشي يقطع الخميرة من البيت، واضطررت لتحمل كل ذلك من أجل أولادي، وأنا أكد له أنني أبحث عن فرصة عمل أخرى".
واستطردت: "في يوم من الأيام عرض علي أن أعمل مع صديق له وسيعطيني في الشهر 10 آلاف جنيه، سألته عن طبيعة العمل الذي سيعطيني فيه هذا المرتب، فكانت الطامة الكبرى عندما رد عليا "رقاصة"، وقفت صامتة والدموع تنزل من عيني لا أستطيع تمالك نفسي، قلت له "بعد 5 سنين جواز عايزين أشتغل رقاصة!"، رد قائلا: "متخفيش محدش هيلمسك أنا اتفقت معاه على رقص بس في حفلات عامة وخاصة"، وبعد ما فقت من الصدمة طلبت منه الطلاق رفض وطردني من المنزل، وقالي لي إنه سيتزوج وسيتركرني كذلك معلقة ولم يطلقني، ولن يدفع لي نفقة أو يصرف على أولاده إذا لم أوافق على شغلي رقاصة، أكدت له أنني سأجد وظيفة أخرى، رد "هي دي ومفيش غيرها"، وأخذني ورماني أمام باب المنزل".
واختتمت حديثها: ذهبت لمنزل والدي والجميع يشمت ويقول لي "مش ده اللي كنتِ عايزاه"، أدركت أننا أخطأت عندما وثقت في شخص وعشت معه وهو غير جدير بتلك الثقة.