موظفو الصناديق الخاصة.. ”منسيون في عُرف الحكومة”

الاثنين 17 ديسمبر 2018 | 11:47 مساءً
كتب : مروة الفخراني

لم تزل "الصناديق الخاصة"، خط أحمر وأيقونة للجدل والصراع، فمع الغموض الذي اكتنف عددها الحقيقي في مختلف القطاعات، وحجم ميزانية كل صندوق، بزغت أزمة أخرى ترتبط بضياع حقوق 600 ألف موظف، من العاملين على تلك الصناديق.

فقد أعرب العاملون، في برقية استغاثة، للرئيس عبدالفتاح السيسي، عن استيائهم مما يتعرضون له من ظلم بيّن، بحرمانهم من التثبيت على درجات وظيفية دائمة بالموازنة العامة للدولة، علاوة على إنشاء نظام تثبيت خالف الدستور والقانون، يدعى بالتثبيت على الصناديق الخاصة، وتأخر صرف رواتبهم بسبب عدم توافر موادر مالية في تلك الصناديق.

ولم يكن من النائب محمد فؤاد، عضو مجلس النواب، إلاّ أن تقدم بمشروع قانون لضم العاملين على حساب الصناديق الخاصة إلى الموازنة العامة للدولة، تحقيقاً لتكافؤ الفرص مع غيرهم من المعينين على حساب الموازنة، فضلاً عدم توافر موارد بتلك الصناديق لمنح الأجور، ما يخل بمبدأ توافر الضمانة المالية المستدامة.

"المنسيون في عُرف الوزارة"

وفي هذا الصدد، قالت عليّة أبو ضيف، مدرسة لغة عربية، في إحدى مدارس محافظة الجيزة، إنها وافقت على العمل كمدرسة، بعقد عمل مؤقت بأجر، يتبع الصناديق الخاصة لمحافظة الجيزة، على أمل التعيين بعقود ثابتة كما هو منصوص في بنود العقد المؤقت المبرم بينها وبين وزارة التربية والتعليم.

وتابعت أبوضيف، في تصريح لـ"بلدنا اليوم"، أن الإدارة التعليمية في الجيزة، خصصت 250 جنيه كمرتب شهري، و3 آلاف جنيه في السنة، تمنح من صناديق المدارس، وهو ما لم يتحقق حتى الآن، موضحة:" احنا المفروض نقبض من موازنة المدرسة، الي بيتم تحصيل فلوسها من بيع صاريف الكتب والكانتين ومشروع الاسر المنتجة، ولكن بقالنا شهور مش بنقبض، بدعوى إن المدرسة محتاجة مبالغ الصندوق للصيانة، على الرغم من وجود ورق موثّق من الإدارة يفيد بمنحنا مرتبتنا بصورة دورية، فمحتاجين نعرف الفلوس دي بتروح فين؟ ومين إلي بياخدها؟".

وأعربت عن أملها في التثبيت، وتحقيق استقرار مادي ووظيفي لها، "بقالي 6 سنين بشتغل، من غير اجر ولا حقوق، فقط وعود بتتجدد كل سنة بالتثبيت، احنا مظلومين لأن تحصيل رواتبنا بيرتبط بوجود فائض في الصناديق، ولو مفيش ممكن تمر شهور بدون منحنا رواتب".

وفيما يخص الخطوات التصعيدية لحل الأزمة، نوّهت أبو ضيف، إلى تواصلهم مع جهاز التنظيم والإدارة، ومناشدتها بتثبيتهم على الموازنة العامة للدولة، علاوة على مطالبتهم المستمرة للإدارة التعليمية التابعين لها بأحقيتهم في التثبيت.

واستطردت:" مطلبنا بسيط وهو التعاقد معنا بشكل يضمن لنا حقوقنا، وتقنين أوضاعنا بمرتبات محترمة، لاننا اتحملنا سنين، واشتغلنا بدون أجر، ولكن كل مرة بنقابل الدكتور محمد عمر، نائب وزير التربية والتعليم، يوعدنا بحل المشكلة، ودون جدوى".

ونوّهت أبوضيف، أن إعلان وزارة التربية والتعليم، عن مسابقة 30 ألف معلم، أثار نوبة غضب عارمة بين المتضررين من العاملين على الصناديق الخاصة، قائلة:" في الوقت إلى كلنا بنعاني فيه وبنطالب بالتعيين، نسمع إن الوزارة منزلة مسابقة وعقود لـ30 ألف مدرس، فإزاي يستقبلوا ناس جديدة واحنا إلي سدينا العجز في الحصص المدرسية، ولنا جداول وبنتحاسب في الحضور والغياب، منسيين في عُرف الوزارة".

"تثبيت وهمي"

ولم يختلف الأمر كثيراً لدى محمد عطية، موظف على صندوق النظافة في الإدارة المحلية بمحافظة الإسكندرية، الذي لفت أنه وزملائه تم تعيينهم بعقود مؤقتة، مع وعد بتثبيتهم على الصناديق بموافقة وزارة المالية وجهاز التنظيم والإدارة، ولكن حتى الآن غير معترف بحقوقهم إسوة بموظفي الدولة.

وأضاف عطية، في تصريح خاص، إلى أن هناك عدم دستورية في صرف مرتباتهم من الصناديق الخاصة، حيث أن أوجه صرف تلك الصنديق يجب أن يكون على مشروعات تنمية المحافظة، وليس موظفي الصندوق.

وأضاف:" نحن كموظفين في الصناديق الخاصة تم تثبيتنا على قانون الخدمة المدنية قانون 81 لسنة 2016، ولكن محرومين من الانتداب أو النقل، والإجازة بدون مرتب، علاوة على عدم أحقيتنا في التسوية بالمؤهل الأعلى والترقي لدرجات وظيفية أعلى، فليه محرومين من كل دة".

وأشار إلى أنه تقدم للانتداب في مصلحة الجمارك، للتحسين من دخله، واستطاع اجتياز الاختبارات المقررة في شروط التقديم، ولكن تم منعه من مباشرة عمله كونه موظف على الصناديق الخاصة، وليس على موازنة الدولة، مطالباً بضرورة بتثبيت العاملين علي الصناديق علي درجات وظيفية دائمة بالموازنة العامة للدولة، وإلغاء قرار التثبيت الوهمي، الذي يسلب حقهم في المساواه بزملائهم المعيين على الموازنة.

ونوه عطية، إلى أن هناك العديد من الحلول لتلك الأزمة، ولكنها تستلزم نيّة جادة من المسئولين لحل الازمة، مقترحاً أن يتم اعتماد نظام المراحل في تثبيت العاملين على الصناديق الخاصة، مضيفاً:" وزارة المالية بتحجج إن نقلنا على الموازنة العامة للدولة، هتسبب عجز فيها، رغم إن لو الوزير تبنى فكرة تقسيم العاملين على مراحل في التعيين، واختيار عدد من الصناديق كل سنة، هيحل المشكلة ومش هيصنع فارق بالنسبة لميزانية الدولة".

"مشروع لتكافؤ الفرص"

وعن مشروع قانون ضم العاملين على الصناديق الخاصة للموازنة العامة، أكد الدكتور محمد فؤاد، عضو مجلس النواب، أن تلك الفئة من العاملين هم مسولية الدولة، التي يجب ان تلتزم بتحقيق تكافؤ الفرص بين موظفيها، وضمان حقوق 600 ألف منهم على مستوى الجمهورية.

وقال فؤاد، إن متوسط تأخير مرتبات الموظفين، 3 أشهر نظراً لعدم توافر موارد مالية في الصناديق لمنح الأجور، ما يخل بمبدأ توافر الاستقرار، وصرف تلك الأموال في غير محلها المنوط بها على المشاريع التنموية، علاوة على عدم المساواه في الإنتداب والترقية بين موظفي الصناديق وموظفي الموازنة، استوجب تقديم قانون ينظم موقف هؤلاء العاملين، لوضع خطة زمنية لنقلهم ووضع إطار لآلية التنفيذ مع السماح للحكومة بوضع القواعد المنظمة للتطبيق وفقاً لإمكانياتها.

وأضاف:" يمكن التغلب على عدم توافر المخصصات المالية في الموازنة لضم الموظفين، في نقلهم بشكل تدريجي، علاوة على استقطاع نسبة 15%، من أموال الصناديق لضمها إلى الموازنة العامة، لتغطية رواتب هؤلاء الموظفين".

وعن مشروع القانون، لفت إلى أنه مكون من 6 مواد، يتضمن تحديد عامين لنقل الموظفين على الموازنة، وتشكيل لجنة من قطاع الخدمة المدنية تختص بحصر العاملين بالصناديق الخاصة والتنسيق مع جهات عملهم لإدراجهم على موازنة جهة عملهم لإدراجهم في الموازنة.

"عاملة النواب: المتضررين على رأس أجندتنا"

وفي هذ السياق، قالت سولاف درويش، وكيل لجنة القوى العاملة في مجلس النواب، إن مشروع النائب محمد فؤاد، لضم العاملين على حساب الصناديق الخاصة إلى الموازنة العامة، تم تقديمه إلى لجنة القوى العاملة منذ دور الانعقاد الماضي، لافتة إلى أنه سيكون على رأس أجندة اللجنة خلال الفترة المقبلة.

وتابعت درويش، في تصريح لـ"بلدنا اليوم"، إلى ستطالب بضمهم للموازنة العامة القادمة، على اعتبار أن موازنة العام الحالي تم التصديق عليها، مشيرة إلى أن يجب الاتفاق على وضع ضوابط لضمان حقوق وواجبات لتلك الفئة، ووضع حد أدنى للمرتبات تبدأ من 600 جنيه، وضمان تأمين صحي لهم إسوة بغيرهم من الموظفين التابعين للدولة.

وأكدت وكيل لجنة القوى العاملة، أن أعضاء اللجنة يتضامنون مع موظفي الصناديق، قائلة:" هؤلاء أضاعو من أعمارهم 15 عام، وكل عام يحيون على أمل تثبيتهم بعقود دائمة".

ولفتت إلى أنه سيتم دعوة وزير المالية، كونه الوحيد المنوط بالموافقه على ضم الصناديق للموازنة، بما يوافق وضعها، بالإضافة إلى حضور جهاز التنظيم والإدارة لتوفير التعيينات الثابتة على درجات وظيفية دائمة تضمن حقوق الموظفين، وممثلي القوى العاملة للوصول إلى حل يتوافق مع كل الأوضاع.

وتابعت:" رغم اني متضامنة بشكل كامل مع موظفي الصناديق، لكن أحمل على عاتقي عبء الإجابة على كيف ستتصرف الحكومة، في حالة محدودية الموازنة، ولذا قمت بدراسة المشروع بشكل جيد حتى يتسنى عرض الرؤية كاملة أمام المسئولين بما يحقق مصلحة الـ600 ألف موظف".

ورأت درويش، أن أحد تلك الحلول حصر عدد الصناديق الموجودة في المحافظات المختلفة، ووضعها في الموازنة بشكل تدريجي، علاوة على منع تعيين موظفين جدد على تلك الصناديق، فالأولى استرجاع حقوق المعينين عليها.

اقرأ أيضا