تهديدات إيرانية جديدة بقصف حاملات الطائرات الأمريكية فى الشرق الأوسط
محمد حسين: العداء بين الدولتين لن يصل لاستخدام القوة المسلحة
هانى سليمان: طهران قد تخلق أزمة بمضيقى باب المندب وهرمز وإجراءات تصعيدية أخرى
عمرو سمير: استيلاء الجانب الإيرانى على الممرات المائية احتمالات مستبعدة
تختلف كل فترة رئاسية للإدارة الأمريكية عن غيرها من الفترات السابقة، من حيث الأداة والدبلوماسية وطريقة التعامل على حسب التطورات فى المنطقة، ومن خلال ذلك يتم التعامل مع جميع الملفات الخارجية فى الشرق الأوسط بشكل مختلف، ومن بين أهم تلك الملفات؛ هو الملف الإيرانى الذى يكمن فى داخل طياته كثيرا من الأمور غير المفهومة فى بعض الأحيان، والتى تحاول أمريكا دائما أن تحدث موقفا ضدها؛ لتحد من قوتها ونفوذها الذى تتوسع فيه من خلال الحركات المسلحة فى كثير من دول العالم.
وتحول الوضع فى الجانب الأمريكى إلى تهديد واضح لأمنها وسلامتها بسبب ذلك النفوذ الطاغى للحكومة الإيرانية الذى جعلها تتدخل فى شئون معظم البلاد بالشرق الأوسط، ليظهر صراع أمريكى إيرانى عنيف وممتلئ بالكراهية، ومن ناحية أخرى خلق أسلوبا دبلوماسيا أمريكيا للحفاظ على مصالحها فى المنطقة.
الصراعات تزداد كل يوم عن الآخر بين إيران وأمريكا، والتى تأججت- حتى بعد تطبيق العقوبات الاقتصادية على طهران- بعد الاستفزاز الإيرانى الأخير من نائب قائد الحرس الثورى الإيرانى، العميد حسين سلامى، حيث حذّر أمريكا من أن حاملات طائراتها تحت مرمى صواريخ إيران الدقيقة، وأنها لم يعد بإمكانها الهيمنة على الخليج كما كانت سابقا.
الضغط على محور الشر
تتصاعد حدة المواجهة بين الطرفين من حين للآخر حتى يتحول الموقف فى الشرق الآوسط إلى حالة من التوتر العنيف الذى قد يضر جميع الأطراف فى المنطقة، فأمريكا تسعى وبكل قوتها للقضاء على النفوذ الإيرانى، ومن الناحية الأخرى تسعى إيران إلى فرض قوتها من خلال الحركات المسلحة وصناعة الأسلحة النووية- خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى- وهو ما يهدد الكيان الأمريكى، وذلك أدى إلى سعى الولايات المتحدة لاختيار حلول تكون عن طريق المفاوضات أو عن طريق فرض عقوبات اقتصادية ودولية عليها؛ حتى تتخلى عن ذلك الحلم.
وعلى ضوء ذلك، قال الدكتور محمد حسين أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، إننا نستبعد نهائيا استخدام قوة السلاح بين الطرفين الإيرانى والأمريكى؛ لأنه لا يوجد عداء يصل إلى هذه الدرجة بينهما، وأن سلطة ترامب ستكون كبيرة بعد نتائج الانتخابات، لذلك العقوبات العسكرية مستبعدة، ولكن من المؤكد وجود عقوبات اقتصادية وتضييق خارجى وتجارى لتخلى إيران عن المشروع النووى.
وأضاف حسين أن الإيرانيين قد يرتكبوا حماقة بأن يسيطروا على مضيقى باب المندب وهرمز؛ لأن سد المضايق لن يؤثر على أمريكا فقط؛ ولكن يؤثر على التجارة الدولية، وكثير من الدول لها مصالح، حيث أن شحنات بترولية كثيرة تمر عبر تلك المضايق؛ لذلك تصريحاتهم فى هذا الشأن "مجرد كلام"، فإيران لا تجرؤ على غلق المضايق.
وأكد أنه من المستحيل أن تسمح أمريكا بوجود مفاعل نووى عند العرب، ويتحول لكابوس إسرائيلى ثانٍ مثل الكابوس الإيرانى.
وأشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن روسيا والصين لن تتخلى عن إيران مهما حصل؛ لأن مصالحهم كبيرة ومرتبطة ببعضها البعض، وخاصة الاقتصادية.
انسحاب لقوة غاشمة
جرى إبرام 3 عقود لأهم 3 ملفات تهدد الكيان الأمريكى، الملفان "أفغانستان" و"العراق" التى حصلت عليهما أمريكا بدرجة امتياز، وتوقفت لعقود فى "الملف الإيرانى" لصعوبة تجاوزه، والتى تسعى دائما وراءه حتى تدفع إيران للتخلى عن الملف النووى.
وبعد وصول ترامب إلى مقاليد الحكم صار الاتفاق النووى فى خطر، حيث ردد تصريحات مرارا حول التعديلات على تلك الاتفاقية وأنه يرى أنها مهينة للولايات المتحدة، وتضعها فى موقف ضعيف أمام أحد أكبر أعدائها، وأنه قادر على التفاوض على صفقة أفضل، حيث بدأ تارةً أنه مستعدّ للتراجع عن الاتفاق، وتارةً أخرى يعتبر التراجع عنه استراتيجية سيئة، وأنه سيوقف البرنامج النوي الإيرانى بأى وسيلة، حتى انسحب منه.
كما يؤيد ترامب زيادة العقوبات الاقتصادية أكثر مما كانت عليه قبل الاتفاق، ويؤكد أن أمريكا تدعم إسرائيل كـ"شريك عسكرى" فى المنطقة، ويدعم الهجوم الإسرائيلى على إيران.
وقال الدكتور هانى سليمان، الخبير المتخصص فى الشأن الإيرانى، إنه من الممكن لإيران أن تخلق أزمة فى الملاحة الدولية عند مضيقى (باب المندب وهرمز)؛ وذلك بسبب العقوبات الأخيرة التى طالت قطاعات أساسية مثل قطاع النفط الذى يشكل حوالى من 65% إلى 80% من الإيرادات الإيرانية، وكان القصد منها شلل القطاع الإيرانى وتعريته، وتلك الأزمة تعمل على تقوية نفوذ إيران الخارجية فى اليمن وسوريا والعراق وغيرها؛ لتخفيف الضغط عليها، ونقله إلى الولايات المتحدة، خاصة بعد تصريح قاسم سليمان قائد فيلق القدس، بأن الحرس الثورى هو من سيتصدر فى وجه الولايات المتحدة.
وأضاف هانى أنه وإن حدث تهديد وضغط على طهران؛ ستتصاعد الأحداث، وقد تبدأ بإطلاق صواريخ على إسرائيل، واستهداف الرياض من خلال الحوثيين، ومواجهة فى الجنوب اللبنانى من قبل حزب الله، وجميع تلك الأهداف هى بمثابة استهداف للمصالح الأمريكية غير المباشرة مع الحلفاء.
وأشار الخبير المتخصص فى الشأن الإيرانى، إلى وجود مصالح تجارية واقتصادية بين الطرف الروسى والإيرانى والصينى لذلك من الصعب تخلى القوة الثلاثية عن بعضها البعض، ولا ننسى الاعتماد الروسى الإيرانى على الأراضى السورية.
لغة التهدئة
التصريحات الأمريكية امتلأت بالدمار، وذلك عندما قالت الإدارة الأمريكية: "إننا قد نضطر يوما ما إلى دراسة توجيه ضربة وقائية؛ إذا واصلت إيران وكوريا الشمالية السعى للحصول على أسلحة نووية، وأن إيران تسعى لاكتساب أسلحة نووية تحت ستار برنامج مدنى للطاقة، وأنه إذا رفضت كوريا الشمالية التخلى عن برنامجها النووى واكتسبت إيران قدرات للأسلحة النووية؛ فإن ذلك سيجعل الدول الأخرى فى منطقتيهما تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية، والولايات المتحدة وغيرها من الدول قد تصبح معرضة للخطر نتجة هذه التطورات.
ومن ناحية أخرى يأتى الحديث مختلفا بعد الرجوع فى المقاعد الخلفية بدلا من تصدر المشهد، من حيث "إنه لا بد من حل دبلوماسى لقضية إيران، ورفض التدخل العسكرى، وأن أمريكا مستعدة للتحاور"، مع العلم أن التدخل العسكرى فى إيران سيؤخر البرنامج النووي لطهران ما لا يقل عن 4 أعوام.
حلفاء الشرق الأوسط
وتعتبر إسرائيل هى الحليف الأول والأقوى فى الشرق الأوسط، حيث تدعم القرارات الأمريكية ووجوب فرض العقوبات على إيران بسبب عدم انصياعها لمطالب الولايات المتحدة، فضلا عن أن إسرائيل عدو طهران الرئيسى.
عدة تكهنات فى الفترة الأخيرة صارت تؤكد عدة أمور، تتمثل فى أن إسرائيل كانت تسعى لشن هجوم على إيران إذا ما أحست أنها خطر على أراضيها، وذلك ما جعل إيران ترد بقوة وتهاجم إسرائيل بأسرع مما تتوقع إذا حدث ذلك، وأيضا أن إسرائيل تسعى لفعل جميع ما بوسعها حتى تتأكد أن الإيرانيين لن يتخطوا حدودهم ولن يسمح لهم بتطوير أسلحتهم والنفاذ خارج الحدود التكنولوجية التى تسمح لهم بتطوير أسلحتهم النووية، فضلا عن أن أى تسوية تساعد على منع إيران من امتلاك قدرات نووية تكون مقبولة للرئيس ترامب.
عمر سمير، الباحث فى الاقتصاد السياسى الدولى والشأن الإيرانى، أشار إلى وجود مصالح إيرانية كبيرة مع روسيا فى مجال الطاقة، ولن تستغنى روسيا عنها، لذا وبعد وصول ترامب لمقاليد الحكم؛ كان لابد من تغيير السياسة القديمة لأوباما، بأخرى جديدة، وبدأت بالانسحاب من الاتفاقية النووية التى يرى ترامب أنها لا تليق بالولايات المتحدة.
وأوضح أن سيطرة الجانب الإيرانى على المضايق المائية؛ احتمالات مستبعدة، إلا إذا حدثت تطورات أحدثت تضييقا كبيرا على إيران؛ لذلك أقول إنها تهديدات مستمرة طالما يوجد تضييق أمريكى.
وأشار الباحث فى الشأن الإيرانى، إلى أن إيران أصبحت قوة لا يستهان بها نظرا لوجود قوة فعلية فى الخارج، وهى تعتبر الدولة الوحيدة التى يوجد لها قوة عسكرية بالخارج.
حلفاء الجمهورية الإسلامية
تعتبر المصالح التجارية ومصالح الطاقة، هى الروابط القوية التى تجمع روسيا والصين بحليفهما فى الشرق الأوسط، وقد تفكر كل من روسيا والصين بضرورة إيجاد نوع من التوازن بين العلاقات الوثيقة مع إيران، وذلك من خلال تطوير القطاعات التى تتمتع بالقوة، حيث تعد التكنولوجيا النووية واحدة من القطاعات القليلة التى تملك فيها روسيا ميزة تنافسية، وهذا القطاع يسيطر على نحو ثلث سوق الوقود النووى العالمى.
روسيا أنشأت محطات طاقة نووية فى الهند والصين، وفى إيران أيضا، وتصل صادرات التكنولوجيا النووية إلى ما قيمته 3.5 مليار دولار سنويا، وتعتبر إيران أنها دولة لها علاقة تجارية تاريخية طويلة مع روسيا.
ومن ناحية الدور الصينى فى المشهد الإيرانى فإنه لا يدعها وحيدة مع أمريكا وحلفائها، وفى الوقت ذاته، فإن قضية إيران بالنسبة للصين تمثل مأزقا، فبينما تعلق بكين أهمية كبيرة على العلاقات الحسنة مع واشنطن، فإنها تطرق أبواب دول "مارقة" غنية بالمصادر مثل إيران، لضمان أمن إمدادات الطاقة.
وأعربت الصين عن القلق إزاء برنامج إيران النووى، وقالت إنها تريد مناقشة وسائل منعه، لكنها أيضا أبدت تحفظات إزاء استخدام مجلس الأمن الدولى لحل النزاع، وحتى إذا تم إقناع الصين بالموافقة على إحالة قضية إيران إلى الأمم المتحدة؛ من غير المحتمل أن توافق بكين على أى عقوبات تتضارب مع مصالحها التجارية فى طهران، وعلى رأسها الواردات النفطية، وستنتظر لترى ما تفعله روسيا قبل إعلان موقفها.
وأكبر صفقة عقدتها الصين مع إيران بقيمة 100 مليار دولار تم الترويج لها كثيراً، وهى اتفاقية تزويد بالغاز الطبيعى مدتها 25 سنة، وقعت عام 2004.
تهديد الملاحة الدولية
منذ سيطرة ميليشيات الحوثى على الساحل الغربى لليمن، تصاعدت المخاطر التى تهدد حرية الملاحة فى البحر الأحمر، فقد حمل الهجوم الإيرانى على ناقلتى نفط سعوديتين فيه، إلى توجيه الاتهامات إلى إيران، حيث مثل ذلك استفزازا صريحا من قبل طهران ليس فقط تجاه المملكة العربية السعودية وحلفائها فى منطقة الشرق الأوسط، ولكن تجاه المجتمع الدولى ككل، خاصة وأن مثل هذا الهجوم ربما يمثل بداية لإجراءات أخرى، من شأنها تهديد الملاحة الدولية فى البحر الأحمر.
والهجوم الثانى للحوثيين؛ كان على مدمرة "يو أس أس ماسون" الأمريكية فى البحر الأحمر، يوم 10 أكتوبر من العام 2016، من خلال قصف صاروخى فى المياه الدولية، وجاء الرد الأمريكى-الذى يُعد أول تدخل عسكرى من واشنطن ضد الحوثيين- بعد ساعات من الهجوم، إذ شنّ الجيش الأمريكى ضربات بصواريخ توماهوك على 3 مواقع رادار ساحلية فى مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين فى اليمن.