الدقيقة 89 "يارب – محمد صلاح – يارب".. "الله يا بلدنا الله"، تذكرنا جيدًا هذا التوقيت ولنكون أكثر تحديدًا يوم الثامن من أكتوبر داخل استاد برج العرب بالإسكندرية، والفرحة الكبيرة التي جعلتنا نعود إلى مكانتنا الطبيعية، بدأت التهاني والابتسامات التي تُوزع على جميع الأصحاب في ملعب المباراة، مباراة للتاريخ، محمد صلاح يصنع المعجزات.
مع الوقت بدأت فقرة التوقعات والأراء عند الشعب المصري هل ستنتهي أسطورة مجدي عبد الغني؟، هل سنحقق أول فوز لنا في المونديال؟، هل سنصعد لدور الـ16 ونكون الحصان الأسود والرهان الذي نافس به الأرجنتيني هيكتور كوبر، والذي طالب الجميع بمساندته وبالفعل تمت، ودخل وقت القرعة، وبالطبع الجميع يتذكر هذا التوقيت وهو وقت الفرحة الثانية لوقوعنا في مجموعة بسيطة إلى حد ما، وبدأت معها التوقعات والحسابات قبل انطلاق المونديال بـ4 أشهر.
التعادل مع الأوروجواي والفوز على روسيا والسعودية، والصعود كمركز أول للمجموعة، ولم تقف الأمنيات عند هذا القدر، ولكن توقعنا أيضًا اللاعبين الذين سيتمكنون من التسجيل والتألق، حقًا إننا نرى المستقبل، أو نستشعره، هل أكتفينا؟، لم نكتف ولكن نحن كأول مجموعة سنواجه ثاني المجموعة الثانية وهو المنتخب البرتغالي، وحددنا قوته من مواجهته لنا وديًا والفوز بصعوبة علينا، ولماذا لا نحلم بالصعود لدور الـ8 من البطولة، وبدأ الحلم يزداد يزداد والإعلام يتحدث عن أهمية وجودة وقوة اللاعبين.
اقترب المونديال وبدأت فترة الإعداد وواجهنا منتخبات عريقة كالبرتغال وبلجيكا وكولومبيا، فترة إعداد قوية حققنا فيها نتائج إيجابية بالنسبة لمنتخب غائب عن محفل عالمي منذ 28 عامًا، وكالعادة يزداد الطموح والحلم بالوصول إلى مناطق بعيدة، حتى جاء يوم 15 يونيو، في السادسة صباح أول أيام عيد الفطر المبارك.
بدأت المشاعر والأحاسيس تتبدل من الأمل والطموح إلى الخوف لسببين أولهما هزيمة المنتخب السعودي بخماسية، أما الثاني فهو شيء يسمى "الفال" في الأعياد وغياب الانتصارات في المواسم، ساعة تمر وساعة تأتي حتى جاءت ساعة الصفر والجميع يتذكرها، لحظة انطلاق صافرة الحكم وبداية مباراة مصر والأوروجواي، ومرت الدقائق وازدادت الثقة لدى الجمهور في غياب "صلاح"، حتى جاءت الصدمة في الدقيقة 89 من عمر اللقاء، وهدف أول للفريق الأوروجواني، ولكن بالرغم من الهزيمة الفرحة كانت كبيرة بأداء المنتخب، وهو السبب الذي جعل الكثير في يوم الثلاثاء ينزلون الشوارع والميادين مستعدين للفوز وإثبات الذات، وإزداد هرمون الأمل في دماء الكثير منا عقب وجود محمد صلاح في التشكيل الأساسي.
بدأ اللقاء وظهر المنتخب بشكل مميز وأضاع العديد من الفرص وسط تفاعلات وثقة من الجماهير على القهاوي والميادين، ولكن في 17 دقيقة ضاع حلم رسمه الكثير في عقولهم، ثلاثة أهداف بمثابة النهاية على حلم المصريين وفقدان الأمل.
مشهد يهز قلوب من لا يفهم في الكرة، وهو وجود مشجع وسط الألاف من المشجعين المصريين، وهو لا يعرف من يلعب مع من مجرد أنه رأى الأعلام المصرية تُرفع عند وجود هجمة معينة، وقف وبدأ يهتف باسم "مصر" لمجرد أنه "طار من الفرحة" عقب تسجيل أحمد فتحي للهدف الأول، مع أنه لا يعرف "الجوكر"، ولكن الشكل مصري واللون مصري، وفي لحظة تبدلت الابتسامة إلى حزن بعد رؤيته لأوجه الجماهير الحزينة، حينها أيقن أن المنتخب هو من يرتدي الزي الأبيض، الكرة ليست موهبة فقط بل هي انتماء في الملعب من اللاعبين، ومن الجماهير المحبين، غابت عنا روح التشجيع النظيف والتجمع في الشوارع والاحتفالات، وكأننا كنا ننتظر مجيئ المونديال حتى يتجمع الشعب المصري على رأي واحد، وهو تشجيع المنتخب.