يرى خبراء الاقتصاد أن سياسات التعريفات الجمركية الجديدة، التي أقرها الرئيس دونالد ترامب جاءت في إطار تنفيذ سياسات استمرار فرض الهيمنة الأمريكية، عن طريق استخدام الموارد الأمريكية لحل المشاكل الاقتصادية التي تواجهها في ظل الصراع الدولي الجاري وتوجه بعض الدول للخروج من الهيمنة الأمريكية.
تأثير التعريفات الجمركية الأمريكية
وفي هذا التقرير تستعرض جريدة بلدنا اليوم تأثير التعريفات الجمركية الأمريكية على مستويات التضخم العالمية وتأثر الاقتصاد المصري بهذه الأحداث ومعدل مستوى التضخم المحلي.
د. عبد النبي عبد المطلب
في البداية قال الدكتور عبد النبي عبد المطلب إنه منذ تولي الرئيس الأمريكي ترامب لمقاليد الحكم في البيت الأبيض وربما حتى قبل ذلك كان معروفا أن لديه خطة من أجل إيجاد نوع جديد أو نظام جديد للتجارة الدولية يقوم على وضع أسس جديدة للتجارة العالمية لتحقيق مصالح الولايات المتحدة الأمريكية حيث يعتقد ترامب أن الولايات المتحدة مستهدفة أو "مظلومة" جراء نظام التجارة العالمي الحالي, حيث تغزو السلع الصينية والمكسيكية والكندية والأوروبية السوق الأمريكية وتنافس وتمنع تنمية القطاع الصناعي الأمريكي.
أفضل الطرق لتقليص وصول هذه السلع للأسواق الأمريكية
وأوضح أن "ترامب" وجد أن أفضل الطرق لتقليص وصول هذه السلع للأسواق الأمريكية هو فرض رسوم جمركية مرتفعة عليها وفي البداية اعتقد البعض أن هذا الإجراء صعب في ظل قواعد التجارة العالمية لكن بمجرد وصوله إلى الحكم أصدر مجموعة من القرارات بفرض تعريفها جمركية تتراوح ما بين 15 إلى 30 % على قطاعات الأدوية والسيارات وحتى الأغذية الواردة للسوق الأمريكي, مشيرًا إلى أن القرار تضمن عدم التنفيذ أو إعطاء مهلة 90 يوما بغرض الوصول إلى تفهمات مع المصدرين للسوق الأمريكي وكان البعض يعتقد أن هدف هذه القرارات هو إجبار الدول الكبرى التي تصدر إلى أمريكا للجلوس على مائدة مفاوضات للوصول إلى تسويات ترضي الرئيس ترامب لكن ما حدث أن الرئيس ترامب نفذ تهديداته وتم بالفعل إقرار سياسات حمائية على السلع الواردة للولايات المتحدة من خلال فرض رسوم جمركية تصل لحوالي 35 % على قطاع الأدوية وقطاع السيارات وغيرها من السلع.
الإجراء سيحدث مشاكل كبيرة
وأشار إلى أن المحللين الاقتصاديين رأو أن هذا الإجراء سيحدث مشاكل كبيرة وسيؤدي إلى ضغوط على الصناعات في الدول المصدرة للولايات المتحدة مما يترتب عليه توقف بعض خطوط الإنتاج وتسريح العمالة أما تأثيره على الولايات المتحدة سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة بنسب تصل لـ 60%
وأضاف أن زيادة الأسعار تودي إلى ارتفاع التضخم والولايات المتحدة الأمريكية كانت تحاول اتخاذ مجموعة من السياسات النقدية خاصة رفع سعر الفائدة بهدف السيطرة على التضخم وبالفعل نجحت إلى حد كبير لكن تكمن المشكلة في أن الإجراءات الحمائية التي وضعها ترامب تهدد بانفجار التضخم مرة أخرى.
التضخم في الولايات المتحدة
وأوضح "عبد المطلب" أن مصر حتى الآن لم تكن ضمن الدول المستهدفة لأن مصر تصدر في إطار مجموعة من الاتفاقيات وقد لا تطولها هذه المشكلة لكن جزء مهم يجب أن ننظر إليه عندما يرتفع التضخم في الولايات المتحدة وتضطر إلى رفع أسعار الفائدة فهذا الإجراء يهدد الأموال " الساخنة أو المستثمرة في أدوات الدين المصري" بأن تخرج هذه الأموال لتعوض خسائرها في الأسواق العالمية خاص في الولايات المتحدة ومن هنا فإن السياسات الحمائية التي يفرضها الرئيس ترامب قد تؤدي إلى حدوث نوع من المشاكل كما حدث في مصر خلال عامي 2020 و 2021, عندما خرجت الأموال الساخنة بسبب ارتفاع معدلات التضخم.
الخبير الاقتصادي خالد رضا الله
وفي السياق ذاته أكد الخبير الاقتصادي خالد رضا الله, أن الهدف الأساسي من فرض التعريفات الجمركية الإضافية تستهدف جمع أكبر حجم من الأموال لصالح الولايات المتحدة وتقليل العجز التجاري الكبير الذي تواجه الولايات المتحدة .
وأوضح أن هذه السياسات سينتج عنها موجة كبيرة من التضخم في جميع دول العالم مع انتشار عدوى التعريفات الجمركية المرتفعة والتعريفات الجمركية الانتقامية، ووضع قيود على حركة التجارة الحرة للسلع والخدمات وبالتالي ترتفع الأسعار وتزيد نسب التضخم العالمي .
ولفت إلى أن المشروعات الاقتصادية الكبرى التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي بهدف المحافظة على استدامة النمو وزيادة العملية الإنتاجية سواء الصناعية أو الزراعية أدى إلى تماسك وزيادة قوة الاقتصاد المصري في مواجهة تقلبات العملة عن طريق زيادة الصادرات وتوفير الاحتياجات المحلية وتخفيض فاتورة الواردات , مشيرا لإلى أن هذه الإجراءات مكنت الدولة المصرية من امتلاك أدوات تفاوضية تجارية متعددة سواء مع الولايات المتحدة أو مع أي دولة أخرى لتحقيق أكبر قدر من وصول المنتج المصري للأسواق العالمية .