قال المستشار الاقتصادي المهندس أحمد عبد الوهاب إن العالم يشهد تحولًا جذريًا نحو الاقتصاد الرقمي، الذي يعتمد على التكنولوجيا والبيانات في تسيير الأنشطة الاقتصادية، مما يسهم في تحسين الإنتاجية وتعزيز التنافسية. وتلعب التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، والبلوك تشين، والحوسبة السحابية، دورًا محوريًا في هذا التحول، مما يجعل الاقتصاد الرقمي عاملًا رئيسيًا في تحقيق التنمية المستدامة.
الاقتصاد الرقمي يعني استخدام التقنيات الرقمية
وأضاف أن الاقتصاد الرقمي يعني استخدام التقنيات الرقمية في الإنتاج، والتوزيع، والاستهلاك، والتبادل التجاري. ويعتمد هذا الاقتصاد على البنية التحتية الرقمية، مثل الإنترنت، والهواتف الذكية، والأنظمة الحاسوبية المتقدمة، مما يسمح بتقديم الخدمات والمنتجات بطرق أكثر كفاءة وسرعة.
ولفت إلى أن الاقتصاد الرقمي يشمل عدة مكونات، أبرزها التجارة الإلكترونية التي تتضمن عمليات البيع والشراء عبر الإنترنت، والخدمات المالية الرقمية التي تشمل المعاملات المصرفية الإلكترونية، والعملات الرقمية، والدفع الإلكتروني. وبالطبع، يضم الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات لهذه المكونات، حيث يساعد في تحسين تجربة العملاء من خلال تحليل البيانات الضخمة واتخاذ قرارات دقيقة.
الاقتصاد الرقمي يحتاج إلى بنية تحتية قوية
وأوضح أن الاقتصاد الرقمي يحتاج إلى بنية تحتية قوية وبمواصفات عالية وحديثة، مثل شبكات الإنترنت، والحوسبة السحابية، وإنترنت الأشياء. ولا شك أن هذا الاقتصاد يساهم في زيادة الإنتاجية من خلال الأتمتة وتحسين العمليات التجارية، كما يدعم تعزيز الشمول المالي الذي يتيح للأفراد والشركات الصغيرة الوصول إلى الأسواق العالمية بسهولة، بالإضافة إلى توفير فرص عمل جديدة في مجالات التكنولوجيا، والبرمجة، والتحليل الرقمي.
كما يؤدي إلى تحسين جودة الحياة، حيث يسهل الوصول إلى الخدمات الصحية، والتعليمية، والمصرفية. وبالطبع، يواجه الاقتصاد الرقمي تحديات عديدة، منها الأمن السيبراني، حيث ترتفع مخاطر الاختراقات الإلكترونية، وكذلك الفجوة الرقمية، حيث لا يتوافر الإنترنت والتقنيات الحديثة في بعض المناطق. كما أنه يحتاج إلى تشريعات وقوانين وتنظيم قوي لحماية البيانات وحقوق المستخدمين.
وأشار إلى أنه من المتوقع أن يواصل الاقتصاد الرقمي نموه السريع، مدفوعًا بالابتكارات التكنولوجية وتزايد الاعتماد على الحلول الرقمية في جميع القطاعات، كما ستتوسع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والعملات الرقمية، مما سيؤثر بشكل كبير على طرق العمل والمعاملات التجارية.
ولفت إلى أن الاقتصاد الرقمي لم يعد مجرد اتجاه حديث، بل أصبح جزءًا أساسيًا من الاقتصاد العالمي، مما يجعله محورًا رئيسيًا في تحقيق التنمية والتطور. لذا، من الضروري أن تستثمر الدول في البنية التحتية الرقمية وتعزيز المهارات الرقمية لمواكبة هذا التحول الكبير والاستفادة من فرصه.
مصر في صدارة التحول الرقمي عربيًا
وأوضح أن مصر وضعت التحول الرقمي على رأس أولوياتها في استراتيجية التنمية المستدامة 2030؛ حيث تأتي في صدارة الدول العربية المستثمرة في قطاع التكنولوجيا، إيمانًا بأهمية التحول الرقمي. وارتكزت استراتيجيتها لبناء "مصر الرقمية" على ثلاثة محاور أساسية، هي:
التحول الرقمي
المهارات والوظائف الرقمية
الإبداع الرقمي
ولذلك، بذلت مصر خلال الفترة الماضية جهودًا كبيرة في تفعيل التحول الرقمي في مختلف المجالات، ونجحت في تأسيس وتطوير بنية تحتية رقمية قوية، مما أسهم في استيعاب الطلب خلال أزمة جائحة كورونا واستخدام التقنيات التكنولوجية في مختلف القطاعات لضمان استمرارية الأعمال.
وقال إن مصر حققت إنجازات عديدة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، انعكست بالفعل على معدل نمو هذا القطاع، حيث نما بنسبة 16.3% في العام المالي 2023/2024، ليكون بذلك القطاع الأعلى نموًّا في الدولة لمدة 5 سنوات متتالية.
وعلى صعيد البنية التحتية الداعمة للاقتصاد الرقمي، تعمل مصر كحلقة وصل لنقل البيانات الدولية، حيث تشرف على 90٪ من حركة البيانات بين الشرق والغرب من خلال الكابلات البحرية الممتدة من البحر الأحمر إلى شواطئ البحر المتوسط عبر شبكة محلية.
استراتيجيات مصر في دعم الاقتصاد الرقمي
وأكد أن مصر عملت على أن تتصدر الريادة في العالم الرقمي، فوضعت عدة استراتيجيات داعمة للاقتصاد الرقمي، منها:
الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي
استراتيجية الخدمات الرقمية العابرة للحدود
استراتيجية مصر الرقمية
الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني
الاستراتيجية الوطنية للتجارة الإلكترونية
كما نفذت الحكومة المصرية عددًا من المشروعات الكبرى والمبادرات المعززة للاقتصاد الرقمي، ويأتي على رأسها مشروع "منصة مصر الرقمية" لتقديم العديد من الخدمات الحكومية بطريقة إلكترونية ميسرة.
دور التحول الرقمي في "حياة كريمة"
وأشار إلى مشاركة وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في المشروع القومي "حياة كريمة" لتنمية الريف المصري، من خلال تنفيذ مشروعات تهدف إلى تحسين البنية المعلوماتية في القرى الريفية وتعزيز الثقافة الرقمية لخلق مجتمع رقمي تفاعلي، وقد حقق المشروع العديد من الإنجازات.
كما تم إطلاق عدد من المبادرات لتسريع وتيرة التحول الرقمي، وتنمية المهارات في هذا المجال، وأبرزها:
مبادرة براعم مصر الرقمية
مبادرة أشبال مصر الرقمية
مبادرة رواد مصر الرقمية
مبادرة بناة مصر الرقمية
رؤية الحكومة المصرية للتحول الرقمي حتى 2030
الواقع يؤكد أن حكومة الدكتور مصطفى مدبولي حققت إنجازات ملموسة في مجال التحول الرقمي، ووضعت في مقدمة أولوياتها ببرنامجها الذي يمتد لمدة 3 سنوات (2024-2027) تبنّي استراتيجية للاقتصاد الرقمي تستهدف رفع نسبة مساهمته في الناتج المحلي إلى ما لا يقل عن 8% بحلول عام 2030.
يأتي ذلك في ضوء إدراك الحكومة أن الانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة هو السبيل الحقيقي لضمان تنافسية مصر في السوق العالمي، لذا تضع نُصب أعينها تطوير البنية التحتية للمعرفة، من خلال الاستثمار في التعليم، والتكنولوجيا، والبحث العلمي، وهو ما يمثل استثمارًا في المستقبل وقدرة مصر على الابتكار والإبداع، بما يضمن لها مكانة متقدمة على الساحة الدولية.
التوجهات المستقبلية للتحول الرقمي في مصر
وبالطبع، تضع الحكومة المصرية في مقدمة أولوياتها خلال المرحلة المقبلة تكليف رئيس الجمهورية لها بالعمل على تحقيق عدد من الأهداف، على رأسها:
الحفاظ على محددات الأمن القومي المصري في ظل التحديات الإقليمية والدولية
تحقيق معدلات نمو قوية ومستدامة في أغلب القطاعات
بناء الإنسان المصري، خاصة في مجالي الصحة والتعليم
مواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية
تعزيز الوعي الوطني والخطاب الديني المعتدل لتعزيز مفاهيم المواطنة والسلام المجتمعي
ختامًا
مصر تخطو بثبات نحو التحول الرقمي، مدعومة برؤية واضحة واستراتيجيات طموحة، تجعلها رائدة في الاقتصاد الرقمي على المستويين الإقليمي والدولي.